- يتناول الكاتب المغربي مصطفى لغتيري في روايته الجديدة //عائشة القديسة// أسطورة ظلت تتردد عبر العصور في المجتمع المغربي ليحاول من خلالها ابراز عدة متناقضات وصراعات تهم جوانب عدة من المجتمع المغربي. ويقول لغتيري ان توظيفه //الخرافة لم يكن سوى وسيلة لبناء عالم قائم بذاته.. بشخصياته وأحداثه وفضاءاته.// وأضاف في مقابلة مع رويترز على هامش الدورة الخامسة عشرة لمعرض الكتاب الدولي التي أسدل عليها الستار مساء أمس الاحد //ظاهرة الاستعمار خلقت لنا مجتمعات انفصامية تائهة بين الحداثة والتقليد.// وقال //توظيف الاسطورة هو تعبير عن التناقض والتضارب الذي يعيشه المجتمع المغربي بين عالمين مختلفين.// ويظهر هذا التناقض أكثر عندما يدخل البطل /سعد/ في غيبوبة ويبدأ عالما مشكلا من فسيفساء عجيبة.. عالما موازيا في شخوصه وبنياته وتمثلاته لعالمه اليومي في قريته الصغيرة لتتنازعه الرغبة في استعادة وعيه وقوة العالم الجديد التي تجذبه الى الهذيان. ويركز لغتيري /43 عاما/ في هذه الرواية على بناء منظورين سرديين مختلفين الاول قائم على ضمير الغائب بتوظيفه لسارد يحكي وقائع الاحداث والثاني قائم على ضمير المتكلم عندما يدخل البطل /سعد/ في غيبوبة. و//عائشة القديسة// أو كما يصطلح عيها المغاربة //عايشة قنديشة.// يقول بعض المؤرخين انها في الاصل امرأة حقيقية كانت تقاوم الاستعمار البرتغالي على الشواطئ المغربية الاطلسية في القرن السادس عشر الميلادي وكانت امراة فاتنة تتدثر بلباس أبيض مغربي تقليدي مستعملة جمالها كسلاح للايقاع بالبرتغاليين لتغتالهم بعد ذلك. لكن عائشة التي كانت رمزا في تلك الفترة لمقاومة الاحتلال تحولت عبر العصور الى شبح مخيف يلاحق أطياف الرجال والنساء على حد سواء لتتحول من امرأة تاريخية مقاومة الى //جنية// تتربص بالبشر ومن ثم الى أسطورة توارثتها أجيال من المغاربة. وتدور الرواية حول أربعة أصدقاء يعيشون في قرية هادئة..يجمعهم حديث عابر ذات يوم في مقهى ويعتبرون أن وجود //قنديشة// أمرا مفروغا منه فيحاول البطل سعد وهو معلم أن يقنعهم أن الامر لا يعدو أن يكون خرافة. لكن في ممارسته ذات يوم لهوايته الصيد يسقط من دراجته فيفقد وعيه. وفي هذا اللاوعي يدخل سعد في عالم جديد مليء بالاحداث والصراعات ليشكل عالما مستقلا بذاته. وما يهم لغتيري في توظيفه لاسطورة //قنديشة// هو //كتابة الرواية انطلاقا من سرد موضوعي واقعي يركز على الشخصيات.. بنفس ملحمي يتجلى في الصراع بين الشخصيات وتبادل الحوار الدرامي بينهم.// وكان لغتيري الذي يعمل في مجال التعليم وخريج كلية الاداب والعلوم الانسانية بالدار البيضاء قد أصدر مجموعات قصصية منها //مظلة في قبر// في العام2006 و//شيء من الوجل// في العام2004 و//هواجس امرأة// في2008 كما له عدة كتابات ومساهمات في مجلات مغربية وعربية. وقال ان الصراع في الرواية بين الاسطورة والواقع يفسر ظاهرة الانفصام في المجتمع المغربي والعربي على الخصوص بحيث ساهمت فيه //عوامل تاريخية واقتصادية واجتماعية.// ويترك لغتيري المجال في الرواية مفتوحا //كمشروع لرواية جديدة قد تكون جزءا ثانيا ل//عائشة القديسة// أو رواية مستقلة بذاتها.// فعندما يستعيد سعد //وعيه// وينسى قصة المرأة التي كانت تسيطر عليه في غيبوبته يراها نازلة من حافلة ذات يوم لتتقاذفه الاسئلة.. ويشعر بأن التمزق بين عالمين سيبقى يطارده الى ما لا نهاية. //يبتعد بخطوات بطيئة يقتلع قدميه من الارض اقتلاعا مستندا على عكازته التي أضحت جزءا من كيانه..//

المراجع

رابطة ادباء الشام

التصانيف

شعر   ادب   كتب