المؤلف: الأستاذ الدكتور ماجد عرسان الكيلاني
الناشر: دار القلم للنشر والتوزيع 2009م
إعداد:
نهيل علي حسن صالح
خولة علي حسن صالح
المقدمة:
إن شعور المسلمين بالحاجة إلى نظام تربوي إسلامي جعل الباحثون الإسلاميون يحددون أن المشكلة هي نظم التربية القائمة في العالم الإسلامي ككل.غير أن الوثائق والأبحاث التي أفرزتها المؤتمرات تكشف عن أن الجهود التي بذلت وقفت عند أمرين اثنين: أولها الوقوف عند التعميمات والنظريات والاقتصار على الإشادة بمزايا التربية الإسلامية ودورها في إخراج السلف الصالح. والثاني الاقتصار على البحث في التربية الإسلامية كتراث لعب دوره في الماضي دون التطرق إلى البحث في دور التربية الإسلامية كرسالة لمواجهة حاجات الحاضر والمستقبل.
ولذلك أصبح من الضروري امعان النظر في المؤلفات التربوية الإسلامية وقراءتها قراءة جديدة، قراءة فاحصة عميقة، وهذا يتطلب نقدها نقداً بنّاءً بمعنى النقد الاثرائي الذي يضيف الى المعرفة التربوية ويعمق أفكار المؤلف وينبهه على ما في فكر الآخر من أفكار وإضافات وملحوظات بغرض إبراز التفاصيل والتطبيقات المتخصصة لهذه التربية، ثم تقديم التربية الإسلامية كرسالة لمواجهة التحديات التي تواجه العالم الإسلامي المعاصر وتلبية حاجاته وتطلعاته المستقبلية.
ومن الكتب التي اطلعت عليها الباحثتان كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس، والذي يجذب أنظار القراء لما امتاز به من الفكرة والأسلوب ابتداءً من عنوان الكتاب الذي تضمن في ثناياه مادةً تربوية ممزوجة بمادة تاريخية فريدة من نوعها، إذ كان للمؤلف السبق في اطلاق دعوات عملية خارجة عن المألوف بمنهج يشهد له القارئ بأنه منحى تجديدي، إذ أطلق المؤلف دعوة أولى إلى إعادة قراءة تاريخنا واستلهام نماذجه الناجحة فتاريخنا تاريخ أمة مسلمة وليس تاريخ أفراد، فالذي يريد أن يغوص في بحاره، ويلتقط لآلئه لا يكتفي بالوقوف عند ظواهر أحداثه الجزئية، فيشرد عن سواء السبيل، بل يتعمق في قراءته وتحليله بمنهج الاحاطة والجماعة.
ودعوة ثانية من المؤلف إلى فقه سنن التغيير، فظاهرة صلاح الدين ليست ظاهرة بطولة فردية خارقة ولكنها خاتمة ونتيجة مقدرة لجهود الأمة المجتهدة، وهي ثمرة مائة عام من محاولات التجديد والإصلاح. ولذلك فهي نموذج قابل للتكرار في كل العصور.
وهذا الكتاب يُمثل بحق أنموذجاً لتشكيل أولى خطوات الطرح التربوي التاريخي بلباسه الجديد، طرح تاريخي مرتكزه الجماعة، وهدفه التربية والتجديد، مستشرفاً تربية المستقبل.
التعريف بالكتاب ووصفه.
يقع الكتاب في 523 صفحة بضمها صفحات الغلاف والإهداء والمحتويات والتقديم والمراجع التي احتلت 8 صفحات، وقد قسم المؤلف كتابه إلى ستة أبواب مقسمة إلى فصول، هدف المؤلف من خلالها تبليغ رسالة إلى العقول، رسالة تلامس الواقع، وتصل إلى القلوب تخص أولويات العصر، وملخصها: الطريقة العملية الواقعية لتحقيق النصر والتقدم الحضاري، وذلك بإعداد صورة متكاملة لجيل مؤهل دينياً وعلمياً وفكرياً، تتضافر لرسمها جميع المؤسسات التربوية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وقد قدّم المؤلف في بداية كتابه رسائل قصيرة في حوالي (14) صفحة، لمختلف الفئات من الجماعات والقيادات، حيث قام بتوجيه رسالة قصيرة لكل فئة منها، وقد أجاد المؤلف وأنصف في توجيه هذه الرسائل لكافة فئات المجتمع؛ لأن الكل مسؤول وعون الله وعطاؤه مع الجماعة، والأمل كبير أن تعي جميع هذه الفئات من الجماعات والقيادات الإسلامية مسؤولياتها، وأن تتحرر من قيود التبعية الثقافية والاعتماد العقلي على الغير، وأن يكون ماضي الازدهار والمنفعة مرجعاً لها في ما يواجهها من أمور.
ويبدأ الكتاب بالفصل التمهيدي: وهو بعنوان أهمية البحث في إخراج جيل صلاح الدين وحركات الإصلاح التي أخرجته. ثم عرض في الباب الأول التكوين الفكري للمجتمع الإسلامي قبيل الهجمات الصليبية. وبعدها بيّن في الباب الثاني: آثار اضطراب الحياة الفكرية في المجتمعات الإسلامية. وجاء الباب الثالث والرابع ليوضح المرحلة الأولى لحركة التجديد والإصلاح ومدارسها. أما الباب الخامس فكان بعنوان: إخراج أمة المهجر (الدولة الزنكية) وسياساتها في الإصلاح والتجديد. وأخيراً ختم المؤلف رسالته في الباب السادس والذي كان بعنوان: قوانين تاريخية وتطبيقات معاصرة.
قراءة نقدية في كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين:
لكل كتاب بصمة تميزه عن غيره، وهذه البصمة تظهر من خلال لغة المؤلف ومنهجه ونوعية المادة العلمية المطروحة فيه، ومن غير ذلك يفقد الكتاب قيمته ورسالته، إذ لا يعدو إلا مؤلف مستنسخ من آلاف الكتب الأخرى، لذا كان من الأهمية بمكان الوقوف بين يدي كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس، لإعطاء صورة متكاملة عن خصائص الكتاب وسماته.
أولا: لغة الكتاب
يلمس القارئ أثناء قراءته للكتاب سهولة لغته ووضوحها، ودقة المؤلف وجزالته في التأليف، كما وتظهر مجموعة من خصائص هذه اللغة، ومن ذلك:
1. للكتاب ألفاظ وتراكيب خاصة بالمؤلف تميّزه عن غيره.
2. يمتاز بتعابير بلاغية وصور فنية راقية، تُظهر بلاغة المؤلف وقوته اللغوية.
3. يمتاز الكتاب بالجزالة في الأسلوب والصياغة على غير المعتاد في كتابات بعض الباحثين والمفكرين التي تتسم بضعف التعبير والبعد عن الصياغة الإبداعية الجاذبة.
4. عبر المؤلف عن الأفكار بلغة معاصرة، فمن الواضح عنايته الكبيرة بموضوع اللغة.
ونلحظ توجه المؤلف طلبة العلم إلى ضرورة الاهتمام باللغة، وهذا النداء كان بدايةً منذ أن صاغ المؤلف عنوان كتابه، فهو يمتاز بالخصائص التالية:
* وضوح معاني العنوان.
* دقة تعبير العنوان عن مقصد المؤلف من الكتاب.
* شرح العنوان لمحتويات الكتاب، فكل كلمة عبرت عن جزء من الكتاب:
§ هكذا: توحي بالطريقة أو المنهجية أو مسيرة حياة.
§ ظهر جيل: البحث يتناول حقبة زمنية لجيل كامل وليس فرداً بعينه.
§ صلاح الدين: أنموذج القائد والأسطورة في أعين الغالبية، والذي نشأ في جيل مماثل له في حبّ الانجاز.
§ وهكذا عادت القدس: منهجية الوصول إلى الغاية الكبرى.
وقد أفاد كثير من الباحثين والمفكرين من التراكيب اللغوية الرفيعة التي تميز بها، ويظهر ذلك من خلال المقالات التي تناولت مواضيع الكتاب. غير أن هناك بعض الألفاظ التي تحتاج إلى بيان معناها حتى يسهل على القارئ أياً كانت درجة ثقافتة فهمها.
ثانياً: منهجية الكتاب
يتحدث الكتاب عن حقبة تاريخية تهمّ فئات كثيرة في المجتمع لدرجة كبيرة، تناولها المؤلف بمنهجية راقية، إذ يسترشد هذا المنهج ( بفلسفة تاريخية ) تقوم على مبدأين هما:
1.. يتكون المجتمع من ثلاث مكونات هي: الأفكار، الأشخاص، الأشياء.
2. يتكون السلوك الإنساني من حلقات ثلاث: ميدان الفكر، ميدان الإرادة ، الممارسات العملية.
وهذا ما استهدفته هذه الدراسة التحليلية للتاريخ، بغية الإسهام في تبصير المسلمين وقياداتهم للاستراتيجيات الصائبة في حشد الطاقات لمواجهة التحديات.
وقد حدّد المؤلف المنهج التاريخي التحليلي بمرتكزات هامة وضحت مغزاه وقصده وبينت القواعد التي قيدته ومن ذلك:/span>
1.. اعتماد المصادر الشرعية وتقديمها على كل مصدر.
2. الفهم الصحيح للإيمان، ودوره في تفسير الأحداث،
3. إدراك العوامل المؤثرة في حركة التاريخ.
ومن الانصاف أن تذكر الباحثتان أن المؤلف طبّق المنهجية التي ذكرها مما جعل الكتاب شاملاً لغالبية الدوافع والقيم التي تصنع التاريخ، غير واقف أمام الواقع المادي المحدود الظاهر للعيان فقط، بل إنه يتيح فرصة لرؤية بعيدة، يستطيع من خلالها المؤلف أن يقدّم تقييماً حقيقياً أكثر التحاماً مع الواقع لأحداث التاريخ الإنساني.
ثالثاً: قراءة نقدية تربوية لأبواب الكتاب.
أكدّ المؤلف في كتابه على قضيةٍ هامة، وهي الربط بين سنن التغيير والنظرة الواقعية لعملية التغيير. إذ نجد كثيراً من الآيات القرآنية تتكلم عن التغيير وضوابطه والنظرة السننية للأحداث التاريخية.دون يتصدى أحد من المؤلفين لمحاولة تطبيق هذه السنن واقعياً، وإدراج نماذج حية مُعينة على الفهم العميق لها.
كما نجد كثيراً منهم يقعون في أخطاء كبيرة لعدم الاهتمام بعلم التغيير، أو لا توجد لديهم فكرة عن هذا العلم، ويكتفون بالسرد التاريخي للأحداث، ومن خلال القراءة التفصيلية لأبواب الكتاب آثرت الباحثتان تقديم بعض الملاحظات التالية مرتبة بحسب أبواب الكتاب:
قراءة نقدية للباب التمهيدي:
· فكرة الباب:
أوضح المؤلف أن صلاح الدين لم يكن في بدايته سوى خامة من خامات جيل جديد، مرّ في عملية تغيير، غيرّت ما بأنفس القوم من أفكار وعادات وتصورات، فكان مقدار النجاح الذي حققوه في جهادهم متناسباً مع درجة الصواب والإخلاص في استراتيجياتهم.
ثمّ بيّن المؤلف أن التاريخ عندما تحدّث عن حركة الجهاد العسكري التي قادها آل زنكي، ثم تولاها صلاح الدين، والتي انتهت بتحرير البلاد وتطهير المقدسات، أكد على فكرة القائد المسلم الذي يستلهم روج الجهاد ويعلن المعركة. مظهراً خطأ هذا الفهم من جهتين: أولاً: حيث أن الفهم يقود إلى صرف الأنظار عن الأمراض التي تنخر في جسم الأمة، فالأمة الضعيفة من الداخل يستحيل أن تتغلب على الخطر من الخارج، ثانياً: إن هذا الفهم يوجه إلى العمل الفردي ويحول دون العمل الجماعي وينمي في نفوس القادة روح الفردية، ويطمس في عقول الأمة مفهوم المسؤولية الجماعية.
فالقرآن الكريم يُشير إلى أن التغيير لا يكون مثمراً إلا إذا وجهته قوانين التغيير نفسه وهذه القوانين هي:
1.. يبدأ التغيير في محتويات الأنفس ثم يعقبه التغيير في كافة المجالات.
2. إن التغيير لا يحدث إلا إذا قام القوم ولبس الأفراد بتغيير أنفسهم.
3. إن التغيير المثمر يعتمد على تحسين القوم التغيير التربوي والفكري ثم يتبعه التغيير المثمر في كافة المجالات.
وقد ختم المؤلف هذا الفصل ببيان موجز للدراسات السابقة لموضوع هذا الكتاب حيث قام المؤلف بتقسيمها إلى قسمين:
1. ما سمّاه (التاريخ الحافز) الذي يسهم في إمداد الأمة بالطاقة المعنوية ولكنها لم تقدم هذه حلقات الحدث التاريخي متكاملة، ولا تحيط بقوانين التغيير التي يوجه إليها القرآن الكريم.
2. قسم اعتبر التاريخ إحداث وممارسات ظاهرية، فهم قد فصلوا بين حلقات السلوك البشري وغفلوا عن كشف السنن والقوانين التي توجه أحداث التاريخ، ويكتفون بسرد الوقائع.
· ملحوظات نقدية وتربوية حول الباب:
والواقع أن مجرد عرض فكرة الباب يُثير الدافعية لقراءة الكتاب، ولكن من المفيد التأكيد على بعض النقاط لاثرائية التي تحصّلت أثناء قراءة الكتاب:
أولاً: تظن الباحثتان أن المؤلف نجح في إعداد هذا الفصل وتقديمه، حيث قدّم الخطوط العريضة لفلسفة التاريخ التي وجهت هذا البحث، كمكما التزم الدقة في تحديد مشكلة البحث وأسئلته بوضوح.
ثانياً:span> استطاع المؤلف ايصال رسالة لمن يبدأ بقراءة هذا الكتاب هدفها تصحيح فكرة قد توجد في أذهان الجميع مفادها أن هذا الموضوع مستهلك، إذ حددّ النقاط التي اختلف فيها هذا الكتاب عن غيره في هذا المجال، وهذه الفروق هي:
1. صفة الإحاطة الكاملة بحلقات الحدث التاريخي.
2. الالرسوخ في تبيان تفاصيل الممارسات التغييرية التي أدت إلى إخراج هذا الجيل.
3. أن هذا الكتاب أبرز دور الجماعة في دفع الأخطار ولم يضخم دور الفرد.
ثالثاً: يعالج المؤلف مرضاً يعاني منه بعض الدعاة الذين يكثرون من ذكر صلاح الدين وغيره من أبطال الأمة، خاصة في الأشعار والأناشيد وفي كلامهم عن مآسي الأمة. ومما لا شك فيه أن الأمة تحتاج إلى أمثال هؤلاء الأبطال وبشدة، ولكن أن نجعل كل مشاكل الأمة بسبب عدم وجودهم، فهذا فهم له خطورته.
وينبغي تنبيه المؤلف وغيره من الباحثين على أن اسئصال مثل هذه الأمراض يحتاج إلى سلسلة كاملة من هذه المعالجات، وتكرار في طرح نماذج تاريخية في حقبات زمنية مختلفة، إذ أن تكوين المسؤولية الجماعية يحتاج الى الجمع بين النتيجة الايجابية للأنموذج الصالح للأمة، والنتيجة السلبية للأنموذج الفاسد للأمة، وإذا أردنا تأسيس منهج تاريخي تربوي بثوب جديد علينا أن نؤكد دور الجماعة سلباً أو إيجاباً متخذين من المشاريع الجماعية وسيلةً للتحقيق.
رابعاً:span> لابدّ أن نقف من التاريخ موقف الناقد المصحح للأخطاء، ولا نبالغ إذا قلنا بأن المؤلف في هذا الفصل يوصينا بعدم التسليم التام لكل ما هو مكتوب، وإعادة قراءة تاريخنا بمنهج وأسلوب جديدين، فالقراءة السليمة تشكل الفهم الصحيح وبالتالي تنتج استلهاماً متقناً لقانون عملي واقعي، ، لذلك أفادت الباحثتان منه بتوجه بعض الملحوظات على ما كُتب في الأبواب اللاحقة.
قراءة نقدية للباب الأول:
·فكرة الباب:
بين المؤلف في هذا الباب أن الهزائم التي حلت بالمسلمين أمام هجمات الصليبين كانت بعض نتائج ما كان يسود المجتمع من أفكار واتجاهات، وقد حدّدها بمجموعة الصفات السلبية الت سادت التكوين الفكري والتي تمثلت فيما يلي:
* مذهبية الفكر الإسلامي والصراع المذهبي، وقد أتبعها بالآثار الفكرية والتربوية والاجتماعية والسياسية لها.
* انقسام الصوفية وانحرافها. وقد انقسمت الصوفية في هذه الفترة إلى ثلاث اتجاهات: الملاميتية، الحلوليون، وانقسام التصوف السني،
* تحديات الفكر الباطني: إذ وضعت الباطنية للعبادات والعقائد الإسلامية قاموساً لغوياً يناسب التأويلات التي ابتدعوها، وقد قاموا بقتل مئات القادة من الوزراء والعملاء والسلاطين.
* تحديات الفلسفة والفلاسفة: وهذا أدى إلى وجود تيار فلسفي أحدث موجة عالية من القلق العقائدي حيث تم وضع الفلاسفة فيها على قدم المساواة مع الأنبياء.span>
ململحوظات نقدية تربوية حول الباب:
هناك بعض الملاحظات في هذا الباب:
أولاً:span> الالتزام بالفترة الزمنية المحددة والتركيز عليها في نقل الأحداث وعدم الخروج عنها. مع توافر الأمانة والوضوح والموضوعية في نقل الآراء والاقتباسات.
ثانياً:span> في بعض المواقع كان هناك استطراد ونقولات كثيرة، دون أن يعلق عليها المؤلف مع أن تعليقه يمكن أن يثري هذه المواضع ويخرحها عن السآمة والملل كما في غالبية المواضع التي أثراها بالتعليق.
ثالثاً:span> ع عندما تحدّث عن الآثار الفكرية كان من الأفضل للنقطة التي تتحدث عن انقطاع أتباع المذاهب عن الاتصال المباشر بالقرآن والسنة، أن يكون ترتيبها أول هذه الآثار كون المؤلف أشار إلى أنها الأخطر، مع أننا نرى أنها سبب جميع الآثار التي ذكرها المؤلف.
فلا يخفى على أحد أهمية الاعتماد على المصادر الأصيلة في التكوين الفكري والتربوي والاجتماعي والسياسي للأمة الاسلامية، وترك التسليم لها أساس لجميع الآثار السلبية في كل العصور.
رابعاً:an> كان تحليل المؤلف لفكر الفلاسفة وفكر المتصوفة تحليلاً واقعياً واضحاً يستطيع القارئ من خلاله فهم مجموعة من الأمور التي قد تُشكل عليه في كتب أخرى، وقد وفق المؤلف في عرض المادة العلمية بأسلوب موجز جميل.
خامساً: عند ذكر الآثار التربوية التعليمية والاجتماعية كان من الأجدى ذكر تطبيقات معاصرة من الواقع المحلي خاصة وأننا نعيش كثيراً من هذه الآثار حاليا في مدارسنا وجامعاتنا ومناهجناً.
قراءة نقدية للباب الثاني
· فكرة الباب:
عرض المؤلف في هذا الباب إلى أن الاضطراب الفكري والشكلية الدينية أثرت على الأمة وجعلته عرضة للهزائم، وقد شرح تفاصيل هذا الضعف في ما يلي:
* فساد الحياة الاقتصادية:an> أ أكد المؤلف على أن التصور العقلي الصحيح الذي يوجه إلى الكسب والاتفاق المشروعين يؤدي إلى ازدهار الحياة الاقتصادية وإلا فإن التخلف والانتكاس الاقتصادي والأزمات الاقتصادية حليف المجتمع، وعرض المؤلف لمظاهر هذا الفساد من تفنّن الدولة في فرض أنواع الضرائب، ولم تنل المصالح العامة شيئاً من الإنفاق، لذا عانت الجماهير، وانتشرت المجاعات، وأن العائلات لم تجد سبيلاً لمواجهة الجوع إلا افتراس أحد أصدقائها أو أطفالها، إذا أصبحت صفة الجوع هي ميزة المجتمعات الإسلامية في هذه الفترة.
* فساد الحياة الاجتماعية:an> و وأهم مظاهر هذا الفساد: إنهيار مفهوم الأمة الإسلامية وحلّت محله مفاهيم العصبية العشائرية والمذهبية, وقد أصبحت الصفة العامة للحياة الاجتماعية هي الشغب والاضطراب واللهو والفساد.
* ضعف العالم الإسلامي أمام الهجمات الصليبية:an> ففي الوقت الذي دبّ الضعف والتفكك في المجتمعات الإسلامية، دخل الصليبيون وأطاحوا بملك السلاجقة، وقد انشغل المسلمون آنذاك بمنازعاتهم وخصوماتهم، ولم يقم الأمراء بأي عمل لوقف هذا الزحف.
· ملحوملحوظات نقدية تربوية حول الباب:
هناك بعض الملاحظات في هذا الباب:
أولاً: برع المؤلف في اختيار الاقتباسات التي تحرك مشاعر القارئ وتنقله إلى موقع الحدث فيعيش معه وكأنه يراه، بل ويتفاعل معه فيغضب ويثور ويناقش الروايات التاريخية الواردة في الكتاب، ويمكن القول بأن المؤلف يرسل بأسلوبه الذكي سطوراً بين السطور، سطوراً براقة تظهر مقصده والأبعاد التربوية من الكتاب، وتجعل القارئ يلمس معاناة المؤلف وأحاسيسه التي تدفقت من خلال كلماته.
ثانياً: كثيراً ما نقرأ في الكتب التاريخية بعض الأخبار العجيبة، وهذا يضع القارئ في تساؤل هام ألا وهو: ما هو المعيار الذي ينبغي اتباعه لتمحيص ما يرد كتب التاريخ فهناك من الأخبار ما قد تتصادم مع المنطق، فلا يمكن وقوعها في مجتمع مسلم وإن وقعت فهل هي غالبة أم حالات فردية، ومن الأخبار التي وردت في الكتاب والتي ينطبق عليه ما ذُكر، أن المجتمع وصل إلى مرحلة من الجوع الأمر الذي أدى أن تضطر العائلات لأكل أصدقائها وأولادها.
فترى الباحثتان أنه ليس كل ما يذكره التاريخ وحياً، فهو انجاز بشري يتعرض لرياح التعرية التي تطيح بدقة الفكرة المنحوتة أحياناً، فمن المقبول أن يضطر الإنسان لأكل لحوم الميتة أو الحيوانات المحرمة، إذ أن مراحل القحط عند الإنسان تضطره للانحلال من القيود بتدرج نحو المحرم، لكن العجيب إن يقفز فجأة لأكل لحوم البشر دون الحيوانات، بل ويختار أحد أبنائه أو أصدقائه، إذ الأولى أولى بالتدرج.
فلابدّ أن نقف موقفاً محايداً تجاه هذه الأخبار، وأن تبقى عرضة للقبول أو الرفض، وقد سردها المؤلف في الكتاب على أنها مسلمة، مع العلم من أن ابن خلدون وابن كثير ذكروا هذه القضية ولكنهم أكدوا على أنها كانت مما سمعوا، فربما كانت حوادث فردية وليست سمة عامة في المجتمع، لذا نحن في حاجة إلى معيار دقيق نستند عليه لتصديق مثل هذه الوقائع، خاصة في ظل مثل هذا العصر الذي شاع فية كثرة الكذب والوضع لأغراض متعددة سياسية كانت أم مادية أوغير ذلك.
قراءة نقدية للباب الثالثan>
· فكرة الباب:
أكد المؤلف أن العالم الإسلامي أصبح أمام مصيرين لا ثالث لهما، فإما أن يغير أوضاعه تغيراً جذرياً من داخله، وإما أن يستسلم للتحديات التي تنذر بتدميره. فكان الإختيار بأن قامت المحاولات السياسية للإصلاح والتي اتخذت طابعاً سياسياً بالإضافة إلى دور مدرسة أبي حامد الغزالي في الإصلاح والتجديد.
وقد بدأ المؤلف موضوعه باستعراض حياة الغزالي وأفكاره ومجهوداته، ثم انتقل إلى ما كان له ولمدرسته الفكرية من أثر في الأحداث التي جرت في ميدان الإصلاح والتجديد. إذ ركز أهدافه لتحقيق أمرين هما:
1.nt> إخراج جيل جديد من العلماء والقادة الذين تتوحد أفكارهم وتتكامل جهودهم.
2. التركيز على الأمراض التي تنخر بالأمة من الداخل.
متوصلاً من تشخيص الأدوار التي ضربت المجتمع في زمانه ميادين العلاج التالية:
أولاً: ا العمل على ايجاد جيل جديد من العلماء والمربين. وتحديد المؤسسات والمناهج والأساليب والوسائل اللازمة لتخرجهم.
ثانياً:an> وضع منهاج جديد للتربية والتعليم. فلابدّ من تضافر العلم والعمل بحيث ينتج عن هذا التضافر تغيير في السلوك.
ثالثاً: إحياء رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي عند الغزالي دوائر بعضها أوسع من بعض.
رابعاً: نقد السلاطين الظلمة: كان الغزالي العالم الوحيد الذي تجرأ في عصره على السياسات المالية الجائرة للسلاطين.
خامسخامساً: رد بعض الاعتراضات حول آراء الغزالي: مثل موقف الغزالي من الجهاد فبيّن أن الدعوة إلى الجهاد في أمة متوفاة ستكون بمثابة استنفار الأموات في القبور.
وأخيراً ختم الباب بالآثار التي أحدثها الغزالي في الأمة، فشملت الحياة العملية والاجتماعية، وظل هذا الأثر ينحدر في تلاميذه جيلاً بعد جيل. هكذا فجر الغزالي حركة الإصلاح التي تتابعت حلقاتها بعده حتى انتهت بدحر الغزاة الصليبين، واسترجاع الأرض والمقدسات.
·an> ملحوملحوظات نقدية تربوية حول الباب:
وفّق المؤلف في إعداد فصل يتسم بأفكار واضحة ولغة معاصرة وقدرة بلاغية في اقناع القارئ بآرائه، وإن جاز لنا تقديم ملاحظات على هذا الباب فهي كالآتي:
أولاً:an> نجد أن المؤلف قد راعى ظروف العصر الذي وقعت فيه الحوادث فتكلم بلسان الحال آنذاك، فلا يحكم عليها بالعقلية أو الظروف التي نعيش فيها بل بالظروف التي يعيش فيها أصحاب تلك الأحداث. وهذا واضح عند رد الاعتراضات التي واجهها في حياة الغزالي، فقد
ثانياً: ي يمتاز الباب بكثرة التحليلات للحوادث وهذا منهج علمي جاد يُقتدى به، ولكن قد يواجه المؤلف بتهمة الرجوع للنظرة الفردية إذ عرض الكثير عن الغزالي وكأنه عالم وحيد في عصره بنى جيلاً كاملاً، مع أن فكرة الكتاب مبنية على النظرة الجماعية في بناء الجيل
ثالثاً:an> عندما تحدث المؤلف عن أصناف العلماء الذين تركوا أهم العلوم وانصرفوا إلى غيرها وعدّ علم الفتاوى، وعلم الكلام، والوعظ والتذكير، وعلم الحديث، النحو، منها جاء السياق ليقول أنها ظاهرة سلبية، نحن نتفق مع المؤلف على أنها ظاهرة سلبية لجفاف البيئة الصحيحة في العمل، لكن إذا وقفنا أمام هذه الظاهرة وقفة موضوعية لشممنا رائحة إيجابية وإن كانت متواضعة، إذ الحس الزمني يشير إلى أن لكل مرحلة احتياجاتها ومتطلباتها وتحدياتها.
رابعاً: و ومن ايجابيات الباب العلم بمقادير الناس وأحوالهم ومنازلهم والتثبت فيما يقال عنهم. وعلى هذا قام المؤلف بالتحري فيما يروي عن الوقائع، فلجأ إلى المصادر الأصلية الموثوقة لمعرفة الحقيقة، فقد ذكر المؤلف كثير من المواضيع بما فيها من خير أو شر ولم يبخسها حقها.
قراءة نقدية للباب الرابع
· فكرة الباب:
اقتصر المؤلف في هذا الباب على بيان المدارس الرئيسية التي لعبت دور الموجّه في العواصم والمقاطعات.
* المدرسة المركزية: وهي المدرسة القادرية التي ركزت نشاطتها في عدة ميادين لتخريج القيادات اللازمة للعمل الإسلامي، ونشر رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. بالاضافة الى الى ايراد سيرة عبد القادر حتى ظهور دعوته، ومروره في تجربته مع الصوفية حتى برز طابعه الخاص واحكم الجمع بين الفقه والتصوف. ثم ودعوته إلى الاصلاح وأخيراً موقفه من التيارات الفكرية وتعاليمه.
* وقد أضاف المؤلف قسماً جديداً تحدث فيه عن الرفاعي وسيرته ودوره لم يكن موجوداً في الطبعات السابقة من الكتاب.
* مدارس النواحي والأرياف والبوادي: كالمدرسة العروبة والمدرسة السهروردية وغيرها.
* دور المرأة المسلمة في حركة التجديد والإصلاح: an> تحدث عن نهضةنهضة المرأة المسلمة وتحمل مسؤولياتها في حركة الإصلاح والتجديد التي أخرجت جيل نور الدين وصلاح الدين، ثم ذكر المؤلف أسماء عدد ليس بقليل من النساء كان لهن دور كبير في إخراج الجيل الذي هو موضوع الكتاب.
* التنسيق بين مدارس الإصلاح وتوحيد مشيخاتها: وقد ترتب على هذا الاتحاد آثار هامة منها: وحدة العمل لدى مدارس الاصلاح عامة. والربط بين تعليم الفقه وسلوك الزهد الأمر الذي أدى إلى التعاون بين الطرفين وصار الفقهاء يجمعون بين الفقه والزهد ويسمون ذلك تكامل الشريعة والطريقة.
· ملحوظات نقدية تربوية حول الباب:
بعد عرض فكرة الباب لنا أن نقف على الملاحظات التالية:
أولاً: قضية بعض النقولات عن أصحاب المدرسة القادرية والتي تعدّ مخلّة عقديا،ً وقد ذكرها المؤلف دون أن يعلق عليها خاصة أن الكتاب مقصده الأساسي مقصد تربوي، وهو موجه الى كل الفئات المجتمعية، ومن هذه العبارات:
1.nt> &quo"أوجب على المريد طاعة الشيخ في الظاهر والباطن وأن لا ينقطع عنه...". نعتقد أن هذا ضرب من ضروب التقديس حيث أن الطاعة في الباطن تكون لله وليس للبشر، وهذا مأخذ يؤخذ على المدرسة القادرية حيث أنها بذلك تبقي الفرد في دائرة الاعتماد على الغير، وتبتعد به عن الاستقلالية الشخصية، وتجعل شخصيته ذائبة في شخصية الشيخ وتابعة لها، فكان من الأولى للمؤلف التنبيه إلى خطأ تكرار مثل هذه العبارات.
2. الفقرة التي تحدثت عن تنظيم علاقة الطلبة بالمريدين ذكر فيها: "أن يصلي المريد أربع ركعات يجعل ثواب صلاته لغيره الذي هو على قيد الحياة آملاً أن يكفيه الله أمرهم يوم القيامة".
3. عبارة قالها عبد القادر: " لو أمكنني دخلت مع كل منكر القبر وجاوبت عنه منكراً ونكير رحمة شفقة عليكم".
وترى الباحثتان أته حتى لو ورد في بعض العبارات تعليلاً بأنها من قبيل الرحمة والشفقة، فتبقى في اطار المنع لأنها تخص أموراً عقدية لا نستطيع تجاوزها في أي حال من الأحوال، خاصة وإنكان القائل من العلماء اللذين يحتذى بهم.
ثانياً: قضية دور المرأة المسلمة في حركة التجديد والإصلاح، فإن ما كتب عن هذه النساء اللامعات لم يتعدى سطر أو سطرين على الرغم من الدور البارز الذي قمن به، لذا كان من الموضوعية بمكان ذكر الدور الذي قامت به النساء أو بعضهن بشيء من التفصيل، وعدم الاكتفاء بالمرور السريع على أسمائهن، فموضوع هذا البحث عوامل تكوين جيل صلاح الدين، ولا يمكن انكار الدور الأساسي للمرأة في إعداد هذا الجيل، فالمرور على الأسماء سريعاً يعدّ هضماً لحقها. وكان من الأولى والأجدر بالمؤلف التوسع في ذلك.
قراءة نقدية للباب الخامس
· فكرة الباب:
عرض المؤلف للفترة التي انتهى القائمون على الاصلاح والتجديد إلى التفكير في بناء أمة إسلامية جديدة فكانت الأمة الجديدة هي الدولة التي بدأ عماد الدين زنكي في توطيد أركانها وتوسيع رقعتها لذلك استحق أن تحمل الدولة الجديدة اسمه.
* وقد فصل المؤلف في الأمور التي تميزت بها سياسة الدولة الجديدة خلال فترة نور الدين مؤكداً على دور التعليم ومؤسساته، وأهمية التوجيه والإرشاد الجماهيري ليبرز جيلاً مسلماً يختلف عن الأجيال السابقة.
* حدد المؤلف الصفات العامة لدولة الجديدة وهي: الصبغة الإسلامية وتكامل القيادات، الشورى، غلبة المصلحة العامة، الأمن والعدل، واحترام الحرمات العامة، بناء القوة العسكرية.
* كما عرض المؤلف لحياة صلاح الدين بصورة تكون أملاً وحافزاً لهذه الأجيال ليخرج من بينها صلاح الدين الجديد، فهؤلاء الشباب هم المواد الخام التي يجب العناية بها.
* دور المرأة المسلمة في الدولة النورية الصلاحية: فذكر المؤلف العديد من النساء اللآتي كان لهن أثراً في حركة الجهاد التي قادها عماد الدين زنكي وولده نور الدين وصلاح الدين.
* تقويم مدارس الاصلاح والتجديد والمصير الذي انتهت إليه.إذ نجحت هذه المدراس في إخراج جيل نور الدين وصلاح الدين، لكنها لم تنجح في إمداد الأمة الجديدة بما يحافظ على استمرار وحدتها ونمائها الحضاري في ميادين الحياة المختلفة فيما بعد.
· ملحوظات نقدية تربوية حول الباب:
هناك بعض الملاحظات في هذا الباب:
أولاً:an> ي يظهر المزج بين المادة التايخية والنفسية من خلال التحليل الذي قدمه المؤلف، ويعدّ هذا نمطاً جديداً يلقي بظلاله على القراء، ومن الأمثلة على ذلك:
- عدّ المؤلف ظاهرة المقولات الخوارقية والكرامات أنها اسقاطات نفسية لمعارضة سياسية شعبية مفرطة في السلبية، يئست من عدالة الواقع فارتدت تبحث عنها في دنيا الخيالات والرؤى.
-nt> &nbs أن العلة التي وسمت عهد السلاطين المماليك بالظلم الذي دفع بالملايين في عالم الدراويش، هي أن الإنسان المملوكي لم يعرف المحبة والرحمة والعدل في طفولته لذا لم يمنحها لأحد عند رجولته.
ثانياً:an> و ومن الملاحظ أن القارئ يلمس أثر الحوادث في الكتاب ويدمج بين الواقع المأساوي الذي يعيشه المسلمون في هذا العصر، وبين واقع المجتمع الإسلامي في تلك الحقبة التاريخية، إذ يتوصل إلى أن في التاريخ سنن وقوانين مستمرة متحققة وليس إعادة للأحداث أو أن التاريخ يُعيد نفسه.
ثالثاً: يفتقر الباب إلى الأسلوب الذي استخدمه المؤلف في كتبه الأخرى، وهذا الأسلوب يتمثل بأمرين: an>
§ استخاستخدام اللغة التربوية والتحليل التربوي بشكل أوسع في الأبواب الأولى للكتاب، وهذا لا يعني أن كتاب هكذا ظهر جيل صلاح الدين لا يتوفر به هذا الأمر، غير أنه يقل عما هو موجود في كتب المؤلف الأخرى.
§an> استخاستخدام الرسومات والأشكال الإيضاحية التي يحفل بها غيره، فهناك بعض الفقرات خاصة التربوية بحاجة إلى تضمين ذلك.
قراءة نقدية للباب السادسan>
· فكرة الباب:
يبدأ هذا الباب بتقرير من المؤلف بأن نتائج هذا الجيل لا تقتصر على أمة دون أخرى أو زمن دون زمن وإنما هي نتائج تفرزها مقدمات جهود من يحسن بناء الأمم والانتفاع بالمقدرات. ثم إن هذه الدراسة حاولت تحليل الفترة التاريخية التي تناولتها ثم خلصت إلى أن هناك مجموعة من القوانين التي حكمت إحداث هذه الفترة وأهمها ما يلي:
oan> القانون الأول: : إنّ صحة المجتمعات ومرضها أساسها صحة الفكر أو مرضه، أكد على ضرورة البعد عن التقليد سبيل التخلص من الولاء للأشخاص، والانعتاق من أغلال الشهوات سبيل التخلص من الولاء للأشياء، واللجوء إلى التربية السليمة يمكننا من الوصول إلى صحة المجتمع.
o القانون الثاني: حين تفشل جميع محاولات الإصلاح، وتتحول الجهود المبذولة إلى سلسلة من الاحباطات والانتكاسات المتلاحقة، فإن المطلوب هو القيام بمراجعة تربوية شاملة، وإعادة النظر في كل العملية التربوية. نلحظ التركيز على الاشتغال بخاصة النفس والبدء في عملية الإصلاح من الأنفس " فعليك بخاصة نفسك".
oan> القانون الثالث: مع أن الإسلام هو العلاج المؤدي إلى صحة المجتمعات وقيام الراقي من الحضارات إلاّ أن الإسلام لا يؤدي هذا الدور الحضاري إلا إذا تولى فقهه "أولو الألباب" النيرّة "والإرادات العازمة النبيلة". ينبه إلى الأمور الآتية:
- تنمية الموارد البشرية وحسن توزيعها.
- استغلال الموهوبين في مؤسسات الإعداد للقيادة.
- الاعتناء بالموهوبين سواء في الريف أو في المدينة.
- إعادإعادة النظر بتصنيف التعليم إلى قسمين علمي وأدبي وما يترتب عليهما من تصنيفات تحدد مستقبل الجيل الجديد.
oan> القاالقانون الرابع: مع أن الدين الإسلامي هو الدين الصحيح بين الأديان المعاصرة، وأنه هو منهاج الحياة الراشدة الهانئة في الدنيا والآخرة إلى أنه لا يقود إلى هذا النوع من الحياة إلا إذا أحكمت خطوات عرضه وتطبيقه حسب نظام خاص ومنهجية معينة. فدعا المؤلف الى:
- التزام منهج ترتيب الأولويات للوصول الى الغاية المنشودة
- كما دعا الى قضية هامة وهي الاعتناء بتنمية الريف وما فيه من موارد مادية وبشرية.
oan> القانون الخامس: تتحقتتحقق قوة المجتمعات من خلال نضج وتكامل عناصر القوة كلها في دائرة فاعلة وتناسق صحيح، وهذه العناصر هي: المعرفة، الثروة، القدرة القتالية.
oan> القانون السادس: ما مما لم يتزاوج الإخلاص مع الاستراتيجية الصائبة في تعبئة الموارد والقوى البشرية في الأمة، فإن جميع الجهود والطاقات سوف تذهب هدراً على مذابح الصراعات الداخلية وتؤول إلى الفشل والإفلاس. يؤكد المؤلف على قضية ضرورة العمل الجماعي بين عناصر قوة الأمة، فالمعرفة وتتجسد في العلماء، والثروة وتتجسد في الاقتصاديين ورجال الأعمال القدرة القتالية وتتجسد في الجند والقادة العسكريين. فهذه مكونات المجتمع وعناصر قوته وازدهار الأمة يكون بتكاملها معاً.
on> القانون السابع: إذا إذا لم يقم الإصلاح على التدرج والتخصص وتوزيع الأدوار فسوف تنتهي إلى الفشل والإحباط المدمر.
on> القانون الثامن: إذا لإإذا لم تترجم أفكار الإصلاح والوحدة إلى أعمال وتطبيقات صائبة فسوف تعمل هذه الأفكار على زيادة ضعف المجتمع وتعميق التخريب فيه بتسارع كتسارع الانشطارات النووية التي لا تتوقف عند حدّ.
o> القانون التاسع: لا تلا تكون أفكار التجديد والإصلاح فاعلة مؤثرة إلا إذا جسدها في واقع الحياة مؤسسات تربوية تجديدية خالصة الغايات، صائبة الممارسات.
o> القانون العاشر: في في فترات الازدهار أو الانحطاط التي تمر بها الأمم تتساوى مستويات الأداء والانجاز عند الأفراد والجماعات في ميادين الحياة المختلفة.
o> القانون الحادي عشر: في افي استراتيجيات الإصلاح والتجديد يتناسب مقدار النجاح بقدر مراعاة قوانين الأمن الجغرافي.
وفي العصر الحديث جرت تطبيقات لهذا المبدأ الجغرافي لكنها ذات طابع سلبي فحين أرادت قوى الاستعمار والصهيونية توفير أسباب النجاح لقيام اسرائيل وقوتها جرى التخطيط لتجزئة بلاد الشام وإعادتها إلى الوضع الذي مهد لنجاح الحملات الصليبية حيث خرب الميدان الشامي بمعامل الطائفية والمذهبية والتجزئة السياسية.
·ملحوظات نقدية تربوية حول الباب:
خصص المؤلف باباً في بحث القوانين التاريخية وتطبيقاتها المعاصرة حيث ذكر إحدى عشرة قانوناً وضمنّها تطبيقات معاصرة. واذا حق للباحثتان أن تقدّم بعض الأفكار التي قد يًفيد منها المؤلف مع تواضعها.
أولاً:> الت التنبيه على التطابق بين العنوان لكل قانون في فهرس المحتويات وعناوين القوانين في هذا الباب، ونظن أن العنوان المختصر لكل قانون أفضل وأجدى لسهولة فهم القانون.
ثانياً:> عند عند ذكر القانون الأول من الأهمية بمكان ذكر بعض التطبيقات المعاصرة والشعارات البراقة التي تُذاع في الأوساط المختلفة ليل نهار، وهي تنمي في الأفراد الولاء للأشخاص والأشياء.
ثالثاً:> من من ايجابيات الباب بروز اللغة التربوية المعاصرة التي سادت هذا الباب نظراً لطبيعته، وكذلك وجود الأمثلة التاريخية التطبيقية من مختلف العصور والتي تطابق الفكرة المطروحة.
رابعاً:> وأخ وأخيراً ترى الباحثتان في هذه القوانين مادة حيوية للأبحاث العلمية، فيمكن للباحثين اختيار أي من هذه القوانين ودراسة حقبة زمنية معيّنة ينطبق عليها هذا القانون، بمنهج تاريخي تربوي محيطه المنحى العملي ومبرراته العوامل الاجتماعية والنفسية، فمن المؤكد بأن ثمار هذا المنهج ستؤتي أُكلها وستلقي بظلالها على المؤلفات التربوية التأصيلية القادمة.