يعتبر تناول سرد قصة عن حياة شخص ما لعبت دورا في الحياة الانسانية مسئولية كبيرة فالكتابة عن الشخصيات لا تخلو من الحقائق والاكاذيب . وقد أجمع علماء التاريخ ان المسلمين وخاصة العرب منهم في مقدمة الامم الذين حافظوا على انسابهم ووقائع تاريخهم فلذلك قام علماء هذه الامة بوضع كتب قاموا من خلالها بتنقيح  الحوادث الجسام التي شهدها التاريخ الاسلامي ونفوا عنها  الاكاذيب التي وضعها اصحاب الفتن للنيل من  الصحابة والتابعين الذين كانوا وراء انتشار الاسلام في كل بقاع العالم . فقد وضع علماء هذه الامة كتب الجرح والتعديل واخبار الثقات والكذابين وذلك من اجل ازالة الافتراءات بالحجج وتبيين حقيقة  راو ما اذا كان ثقة او غير ثقة كما وضع العلماء مثل الشيخ ناصر الدين الالباني سلسلة الاحادث الضعيفة والصحيحة لتكون مصدرا لدارسي  علم الحديث والتاريخ ليكونوا على يقين  من العلم الذي يحملونه للناس . وكتابة التاريخ مسئولية كبيرة ، فالتاريخ يعتبر عبرة للماضي ودرس للمستقبل حتى لا يعود الناس بارتكاب الاخطاء التي كانت وراء وقوع الفتن وتفكيك جسد الامة الاسلامية فالجهل احد الاسس الاولية للفتن  والوقوع في غيابات الذل والهوان . وكتابة تاريخ الاسلام بدأ في عصر ما بعد الصحابة ، فأول من قام بكتابة السيرة ابان بن عثمان بن عفان فقد قام بكتابة تاريخ الاسلام منذ ظهوره وحتى وفاته ثم قام ابن شهاب الزهري  بوضع كتاب للسيرة نقل فيه وقائع الاحداث الجسام في عصر النبوة الى تاريخ وفاة عمر بن عبد العزيز . الا أن وقوع الفتنة بين الصحابة رضي الله عنهم وزوال حكم بني امية على يد بني العباس وظهور الشيعة ساهم الى ظهور مؤرخين على ثلاثة طبقات فطبقة رأت انهم لا يتقربون الى الله والسلطان الا بطعن بعض الصحابة وبني امية  وطبقة رأت ان التقرب الى الله يكمن بطعن بعض الصحابة وشيعة الصحابي الجليل علي بن ابي طالب تلك الشيعة التي ليس لهم علاقة بشيعة اليوم وطبقة التزمت الاستقلالية ، فلذلك نرى أن كتب  مؤرخي الطبقة الاخيرة  الاكثر تداولا ومصدرا للتاريخ الاسلامي مثل كتب البداية النهاية لابن كثير ومنهاج السنة للامام ابن تيمية وسير اعلام النبلاء للذهبي وحتى كتاب تاريخ بغداد للطبري بالرغم من أقوال العلماء على تضعيفه من المصادر المهمة لتاريخنا  أما كتب فتوح الشام للواقدي والسيرة النبوية لابن اسحاق فهي تعتبر من الكتب المقروءة الا أنها لا تؤخذ باعتبار كبير نظرا لضعف رواتها .
وتعتبر الصديقة بن الصديق عائشة بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما زوجة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في مقدمة الصحابة الذين تعرضوا لافتراءات فهي بالرغم من براءتها التي  أنزلت من سبع سماوات الا انها رضي الله عنها موضع افتراء الشيعة . فقد نزل مؤخرا الى دور الكتب في المانيا كتاب للكاتبة الامريكية شيري جونس يتناول قصة السيدة عائشة تحت عنوان / عائشة وإرث النبوة / وموقفها من السياسة والحوادث الجسام التي وقعت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سيما الخلافة  نقلت من خلاله مصادر كتب الشيعة عن السيدة الجليلة رضي الله عنها . فتعتقد الكاتبة  ان خلاف السيدة عائشة مع الامام علي رضي الله عنهما مصدره الغيرة وبسط النفوذ فهي حالت دون استلام علي الخلافة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرضت اباها الصديق رضي الله عنه على منع توزيع ارث النبي على اهل البيت الذي كان يطالبه بها علي والسيدة فاطمة الزهراء . وقد أجمع الصحابة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال / نحن معشر الانبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة / كما حرضت اباها على عدم اختياره لسيدنا علي بالخلافة بدل عمر  وحرضت الخليفة الثاني عمر بالزواج من ام كلثوم بنت علي لإذلاله ووراء مقتل عثمان بن عفان من اجل فسح المجال لأخيها عبد الرحمن بن أبي باستلام الخلافة وحرضت الصحابة على محاربة علي في موقعة الجمل للحيلولة دون استمراره في الخلافة محرضة في الوقت نفسه الخوارج على قتل سيدنا علي رضي الله عنه وعن الصحابة .
وبالرغم من أن الكاتبة غير مسلمة ولا تنتمي للشيعة او السنة الا ان جل مصادر كتابها عن تاريخ السيدة عائشة مصادر كتب الشيعة ، فقد زعمت ان كراهيتها لعلي يعود لنصحه الرسول عليه الصلاة والسلام بتطليقه عائشة اثناء حديث الافك وزعمت ان عليا  اراد حذفها من بين امهات المؤمنين عندما اصبح خليفة اضافة الى ترهات وافتراءات كثيرة بل ذهبت الكاتبة بعيدا انها وراء اختيار معاوية لابنه يزيدا بتولي الخلافة كما انها وراء تحريض يزيدا بقتل الحسين علما ان السيدة عاشت توفيت قبل زمن يزيد بسنوات .
والشيعة يكذبون وآفة الافتراء والكذب النسيان اذ ان الشيعة  قاموا  بتشويه التاريخ الاسلامي والنيل من رجالاته فقد زعم بخاري القوم الامام الكليني بأن معاوية دخل المسجد وهو يحمل ابنه يزيد على عاتقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من اجل الجنة يحمل رجلا من اهل النار علما ان يزيدا ولد عام 26 للهجرة ولم يكن معاوية متزوجا زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد وصفه عليه الصلاة والسلام بالصعلوك الذي لا مال له ، كما انهم يجهلون روابط اهل البيت بعائلة الصديق رضي الله عنه ، فقد أعلن جعفر الصادق رحمه الله أن أبا بكر ولده مرتين من ناحية أمه ، كما سئل محمد بن علي بن الحسين عن حلية السيف فقال للسائل لا بأتس بذلك فان الصديق كان يعمل ذلك فقيل له وتقول الصديق فعضب على السائل لنيله منه ، كما ويجهل الشيعة روابط اهل البيت ببني أمية وروابط اهل البيت بالصحابة وخاصة العشرة المبشرين بالجنة .
ويعتبر الكتاب الذي يقع بحوالي 300 صفحة وقامت درا نشر / بيندو/ في ميونيخ وعرضته الكاتبة أمام الصحافة ببرلين مؤخرا تتمة عن كتابها / عائشة كريمة المدينة / الذي أحدث ضجة واسعة في العالم الاسلامي وترك نزاعا ما اذا كانت الكاتبة معادية للاسلام ، فقد أكدت احترامها لهذا الدين وحبها الشغوف بالسيدة عائشة رضي الله عنها .

المراجع

رابطة ادباء الشام

التصانيف

ادب   شعر   كتاب