في رواية خيال ساخن مخاتلة من بداية العنوان استعملها الروائي محمد العشري ليوقع القارئ في شرك تخييله العشري‏,‏ ذلك الخارج من غرابة الواقع‏,‏ ليكتبها مستحضرا اساليب متعددة مستمدة من الفلسفة والثقافة الاجتماعية والتصوف وجيولوجيا المكان والأسطورة ليجتمع كل هذا بعنصر من أهم عناصر السرد وهو الخيال‏.‏ وكان لحضور هذه الخواص والاساليب الاجناسية المتعددة التي استحضرها العشري أن انتجت نسيجا سرديا كأنه الفسيفساء بما لامس هذه العناصر من فنية في التوظيف‏.‏ والمترتب دلاليا عن هذا البناء يتيح للقارئ انجذابا تاما عند القراءة‏,‏ فالخروج مبللا بالاسئلة الانطولوجية الوجودية علي امتداد كامل النص‏.‏
خيال ساخن رواية بدأت منذ البداية‏,‏ بمعني ألم تكن الاساطير هي البدايات الأولي لفن الرواية؟
وتكريس هذا الاتجاه أسهم في اثراء النص علي مستوي تعدد الاساليب كما أن التعمق في الشخصيات عبر الحوار الداخلي قد أثار جدلا بين الذاكرة والواقع الثابت والمتحرك حيث اختزل الكاتب كل مصادر العجز في الذات المنسلخة من ارادتها‏.‏ كانت رمال الصحراء متحركة في رواية العشري وكان استحضار العناصر الطبيعية يوحي بالحياة وكان الإنسان المخبأ وراء ستارة اختارها الكاتب توظيفا للخيال واقفا ثابتا امام عجزه‏.‏ وفي هذا الإطار يستدعي العشري نهر النيل بشكل مختلف تماما عن حضور النيل المألوف‏,‏ وهي إحالة تطرح الاشكالات علي مستوي التأويل حيث الاتساع التأويلي‏.‏ هنا ايضا هو اتساع الصحراء‏,‏ ألا تكون روافد النيل ترميزا هي روافد العجز عن التغيير في الذات المستسلمة المرتجفة؟ ألا يكون النيل بحضوره الاسطوري‏.(‏ هنا أقصد التشبيه‏)‏ وبعظمته ورهبته سببا حقيقيا في عدم السعي للتغيير بما يغطي جماله من بشاعة الواقع‏.‏ أليس للنيل جمال باهر‏/‏ مبهر حد جعل العين تضيق لنور حضوره فلا تتمكن من إدراك مواطن الوجع؟ ان بدا موقف العشري من خلال فقرة النيل يدعو إلي ادانته غير أن الترميز الذي اعتمده يمكن أن يطوح بالقارئ إلي حيث التنويه بما أضمر الكاتب لنهر النيل أليس العشق سببا موضوعيا لرؤية الجمال حتي خارج مواطن الجمال؟
وتتوالد الاسئلة مع رواية خيال ساخن لمحمد العشري ليظل العنوان ذلك الخيط الرهيف الرابط بين مختلف الأفكار في الرواية‏.‏ كم جميل أن يخرج القارئ مبللا باسئلة لا تقبل إلا الاسئلة جوابا‏.‏

المراجع

رابطة أدباء الشام

التصانيف

أدب    شعر   كتاب