الأزمة الاقتصادية العالمية والحل الإسلامي: رؤى وآفاق
الطالب/ زياد محمد على الذريوي
الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى اللجنة الشعبية للتعليم العالي الجامعة الأسمرية للعلوم الإسلامية/زليتن
كلية أصول الدين قسم التفسير والحديث
المشرف د/ أحمد أبوزيد أبو سجادة
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الرحمة المهداة والنعمة المسداة محمد النبي الأمي الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين، وعلى من سار على هديه واقتفى أثره وسلك منهجه، وتتبع سنته إلى يوم الدين وبعد،،،
إن الإسلام يمثل رسالة عالمية جاءت لهداية البشرية من ظلام الجهل والتخلف والأمية الفكرية والخطية إلى نور الهداية والعلم، فهي رسالة لكافة الشعوب على اختلاف أجناسهم وثقافاتهم وأعراقهم ولغاتهم ودياناتهم ,ومن مميزات هذه الرسالة الخاتمة - رسالة الإسلام- أنها جاءت لتعالج جميع جوانب الحياة ((السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية....)) , ونحن نعلم الآن ما يتخبط فيه العالم من أزمته الاقتصادية الراهنة, بسب تلك القروض الربوية, التي أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة والفقر، حيث اضطرت الكثير من الشركات إلى الاستغناء عن موظفيها,وفي ذلك تتجلى معجزة علمية جديدة من معجزات القرآن الكريم ,ألا وهي قوله تعالى{يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} ,فالحقيقة أن ما حصل الآن ما هو إلا محق للربا, ولكن يجب علينا نحن المسلمين ألا ننظر إلى هذه الأزمة بنظرة الشماتة أو نقف مكتوفي الأيدي نتفرج على العالم وهو يتخبط في ويلاته, بل يجب علينا أن نأخذ موقفا إيجابيا تجاهها, وأن نعرض الحلول والمقترحات ,وأن نقدم البديل الإسلامي في إطار دعوي حضاري يلبي متطلبات العصر .
... لا أدعي بأن بحثي المتواضع في مضمونه ومحتواه سيحل الأزمة المالية في ليلة وضحاها ,ولكنه يُضاف إلى رصيد الجهود الطيبة التي تجتمع متظافرة لحل إشكاليات الأزمة, وتطبيب تداعياتها بتقديم الحل الإسلامي , وانطلاقا من هذا المفهوم جاء البحث مشتملا على أربعة مباحث: المبحث الأول((مدخل إلى مفهوم المال والمعاملات المالية )) وتناولت فيه تعريف المال, وأقسامه والاعتبارات المترتبة على كل تقسيم,وكذلك مفهوم الاقتصاد والاستثمار , ثم تطرقت إلى دور المال والاقتصاد في تحقيق المقاصد الشرعية الثلاثة:((الضروريات ,و الحاجيات,والتحسينات )) من خلال حرص الإسلام على الإنتاج والاستثمار الحقيقي القائم على العمل والجهد والبيع المبرور امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم أفضل الكسب بيع مبرور وعمل الرجل بيده ,أما المبحث الثاني ((موازنة بين الاقتصادي الإسلامي والنظم الأخرى )) فهو عبارة عن مقارنة موضوعية ومنهجية مختصرة بين النظام الاقتصادي الرأسمالي والشيوعي وبين النظام الاقتصادي الإسلامي,الذي تميزعن غيره من الأنظمة بالوسطية والاعتدال في التعامل،وابتكاره استراتجيه التوأمة والانسجام بين المصلحة الفردية ومصلحة الجماعة, لخلق منافسة اقتصادية متزنة تحقق مصلحة الفرد والمجتمع في آن واحد , بخلاف النظام الرأسمالي القائم على رأسمالية الأفراد,والنظام الاقتصادي الشيوعي القائم على رأسمالية الدولة,ثم انتقل المبحث معرجا على بعض من مبتكرات النظام الاقتصادي الإسلامي كالزكاة والإنفاق في سبيل الله وتحريم الربا , وكيف واجه الإسلام الرأسمالية المعاصرة بوضع قيود عامة على الملكية الخاصة, بحيث يحقق الاتزان في توزيع ثروة المجتمع,وأما المبحث الأخير((الأزمة الاقتصادية والحل الإسلامي)) فتناولت فيه أهم أسباب الأزمة الاقتصادية المعاصرة مشددا على السبب الرئيسي المتمثل في القروض الربوية ذات الفائدة - التي في حقيقتها خسارة, مقدما البديل الإسلامي المتمثل في المنح الإنتاجية القائمة على المشاركة الاستثمارية,والمنح الاستهلاكية القائمة على البيع بالتقسيط مستأنسا بتجربة مصرف الادخار والجمهورية بمدينة مصراتة في ليبيا,و ما مدى فعالية هذه البدائل- إذا طبقت بالشروط المرفقة, في تحقيق أرباح تعود على الصالح العام أكبر من تلك الأرباح الربوية, والأهم من ذلك أنها تلبي مقاصد الشريعة الإسلامية وبذلك تتحول المؤسسات المصرفية الربوية الرأسمالية إلى مؤسسات مصرفية إنتاجية إسلامية, تؤمن بالتجارة العادلة التي تحقق الربح للبائع والمشتري في آن واحد ,كما تناول المبحث التدابير التي ينبغي على دول العالم والدول العربية ودول شمال أفريقيا اتخذها لمواجهة الأزمة والحد من تداعياتها.
وفي إطار تلك المباحث الثلاثة جاء هذا البحث تحت عنوان " الأزمة الاقتصادية العالمية والحل الإسلامي: رؤى وآفاق " فهذا هو بحثي المتواضع أضعه بين أيديكم على أمل المشاركة به في الملتقى الطلابي الإبداعي الثاني عشر باستضافة جامعة أسيوط بجمهورية مصر العربية، فإن أصبت فبتوفيق من الله عز وجل وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان , والله الهادي إلى سواء السبيل .
المبحث الأول
مدخل إلى مفهوم المال والمعاملات المالية
1. تعريف المال
2. أقسام المال
3. تعريف الاٌقتصاد وأهدافه
4. مفهوم الاستثمار
المبحث الأول : مدخل إلى مفهوم المال والمعاملات المالية
1- تعريف المال
المال في اللغة : هو كل ما يتمول وتميل إليه النفس
المال عند فقهاء الشريعة الإسلامية : هو كل ما يمكن حيازته ويمكن الانتفاع به على الوجه المعتاد شرعا , ويلاحظ من هذا التعريف شموليته لكل أصناف الأموال, حيث لايقتصر مفهوم المال على العملات النقدية فحسب كما هو السائد في عصرنا.
2- أقسام المال وأنواعه:
- باعتبار الثبات وعدمه
أ - عقار : وهو المال الثابت الذي لا يمكن نقله وتحويله من مكان إلى آخر إلا مع تغير صورته الأولى, ويشمل الأراضي والمباني والأشجار ((عند المالكية )), وهو الذي يقبل الشفعه ويترتب عليه حقوق الجوار, ويراعى فيه المصلحة عند المصادرة .
ب - منقول :هوما يقبل النقل ويضل على صورته الأصلية, وهو لا يقبل الشفعة.
- باعتبار التعامل
أ- مثلي :هو ما يوجد له مثيل في السوق من غير تفاوت بين آحاده يعتد به التجار, ويكون في المكيلات و الموزونات و المعدودات, مثل الشعير والقمح ,والضمان في المثلي يكون بالمثل.
ب ـ قيمي: هو ما تفاوتت آحاده تفاوتا يعتد به التجار, مثل الحيوانات والعقارات.
- 3باعتبار الضمان
أ- متقوم : هومايجوز الانتفاع به شرعا على سبيل الاختيار, مثل القمح والشعير والعقارات, وهذا يجب فيه الضمان على المتلف.
ب - غير متقوم: هومالا يجوز الانتفاع به شرعا, ولا يجب فيه الضمان إطلاقا عند المالكية للمسلم وغير المسلم,مثل لحم الخنزير والخمور والميتة, لأنها لا تعتبر مالا بأي حال من الأحوال.
3- تعريف الاقتصاد
الاقتصاد في اللغة :مصدر للفعل "اقتصد": وأصله قصد :أي توسط واعتدل في الأمر , يقال : قصد في الأمر أي توسط فيه ولم يجاوز الحد.
الاقتصاد عند الفقهاء :هوالنشاط البشري,والعمل والجهد في سبيل الحصول على المال بطريقة اقتصادية شرعية لخدمة الفرد والمجتمع .
4- مفهوم الاستثمار
الاستثمار أعم من التجارة, لأن الاستثمار في اللغة يراد به الزيادة والنماء,وهذا قد يكون بواسطة التجارة أوبواسطة الزراعة والصناعة أوغير ذلك,والاستثمار مأخوذة من الثمر وهو الزيادة,ومنه الثمر حيث خرجت من الشجرة وزادت على أصلها, فهوحملها ونتاجها,الذي خرج منها وزاد عليها وانفصل منها, لهذا يقال ثمر العنب وثمر النخل, ومن هنا قيل لما لاينفع من الشجر أو الزرع الذي لانفع فيه ((ليس له ثمرة )) .
للمال دور كبير في رقي الأمم وتقدمها إذا استثمر بالطريقة الصحيحة السليمة, التي تحث على الإنتاج,وتؤدي إلى حركة المال بطريقة دورية ((الاقتصاد الحقيقي )) بخلاف الاقتصاد الوهمي الذي يوقع المجتمع في مدارك الهلاك وركود الأموال عند فئة قليلة من الناس لاتمثل نسبة من المجتمع. والاقتصاد الإسلامي هدفه تحقيق الرخاء للمجتمع بشكل عملي وفعال, والشريعة الإسلامية دائما تؤمن بالواقع العملي الملموس وتجعل المسلمين يخضعون له في كل أمور حياتهم, ولهذا فهم مأمورون بالعمل والسعي في هذه الحياة لتحقيق المقاصد الشرعية الثلاث ((الضروريات , والحاجيات , التحسينات )) وهذه هي أهداف الاقتصاد الإسلامي.
الضروريات: وهي تتعلق بأصل الحياة والوجود , وضروريات الحياة خمس هي الدين والنفس والعقل والنسل , والمال .
ويلاحظ أن هذه الضروريات الخمس يمكن حصرها في اثنين:الإنسان والمال ,لأن الدين والنفس والعقل والنسل تتحقق في الإنسان,وأما المال فهو خارج عن الإنسان , وفي النهاية نجد أن الضروريات الخمس تتحقق في الجانب المادي والروحي .
الحاجيات :هي مازاد على حد الضرورة ويترتب على إهمالها حرج وضيق على الإنسان((كالمسكن والمركوب والمعاش)).
التحسينات : وهي مايعرف في عصرنا بالكماليات, وهوما زاد على الحاجيات.
وقد جاء الإسلام بتشريع كامل لكل مايتعلق بالضروريات والحاجيات والتحسينات وتنظيمها بين البشر في هذه الحياة ,وهذا ما يعرف بنظام الإسلام الاقتصادي الذي يرتبط ارتباطا وثيقا لتحقيق هذه المقاصد الشرعية الثلاثة.
أنواع البيوع المحرمة في الشريعة الإسلامية
- بيع المطعوم قبل قبضه: لقوله صلى الله عليه وسلم (( من ابتاع طعاما فلا يبيعه حتى يستوفيه ))
- بيع المسلم على المسلم:لقوله صلى الله عليه وسلم ((لايبيع بعضكم على بيع بعض ولايخطب بعضكم على خطبة بعض )) وصورته أن يشتري أخوه بضاعة بخمسة دنانير فيقول له الأخر ردها إلى صاحبها وأنا أبيعها لك بأربعة.
- بيع النجش : لقوله صلى الله عليه وسلم ((ولاتناجشوا)) والنجس يعني الزيادة في السلعة بدون قصد شرائها وإنما ليوقع السوام عليها فيشتروها فيغرر بالمشتري.
- بيع المحرم والنجس لقوله صلى الله عليه ((إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام )) .
- بيع مافيه غرر : لايجوز بيع السمك فالبحر والطير في الجو إذا كان غير محاز لقوله صلى الله عليه وسلم ((لاتشتروا السمك في الماء فإنه غرر)) .
- بيع بيعتين في بيعة :لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيعتين في بيعة , فلا يجوز للمسلم أن يعقد بيعتين في بيعة واحدة ولها ثلاث صور : بعتك الشيء بعشرة أو خمسة إلى أجل ويمضي البيع ولم يبين أي البيعتين قد أمضاها,ومنها أن يقول له بعتك هذا المنزل مثلا بكذا على أن تبعني كذا بكذا , ومنها أن يبيعه أحد شيئين مختلفين بدينار مثلا ويمضي العقد ولم يعرف المشتري أي شيئين قد اشترى
| .
- بيع الدين بالدين:لما وردعنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الكالي بالكالي أي بيع دين بدين، فلا يجوز للمسلم أن يبيع دينا بدين,إذ هو في حكم بيع المعدوم بالمعدوم كأن يكون لك على رجل قنطاران إلى أجل فلما حل الأجل عجز المدين على أدائها لك فيقول لك بعنيها بخمسين دينارا إلى أجل.
- بيع العينة:لقوله صلى الله عليه وسلم ((إذا ظن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعين واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاء فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم )) وبذلك فلا يجوز للمسلم أن يبيع شيئا إلى أجل, ثم يشتريه لمن باعه له بثمن أقل مما باع به , وهذا هو عين ربا النسيئة .
- بيع الحاضر للبادي:لقوله صلى الله عليه وسلم ((لايبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض)) أي إذا أتى البادي أوالغريب عن البلد, بسلعة يريد بيعها في السوق بسعر يومهما, لا يجوز للحضري أن يقول له اترك السلعة عندي وأنا أبيعها لك بعد أيام بسعر أكثر من سعراليوم والناس في حاجة إلى هذه السلعة .
- الشراء من الركبان:لقوله صلى الله عليه وسلم ((لاتلقوا الركبان ,ولا يبيع حاضر لباد )) فلا يجوز للمسلم إذا سمع بسلعة قادمة إلى البلد فيخرج ليتلقاها من الركبان خارج البلد فيشتريها منهم هناك ثم يدخلها ويبيعها كما شاء لما في ذلك من ضرر بأهل البلد من تجار وغيرهم.
- بيع المصراة : لقوله صلى الله عليه وسلم ((لا تصروا الإبل والغنم, فمن ابتاعها بعد فإنه بخيرالنظرين بعد أن يحتلبها إن شاء أمسك وإن شاء ردها وصاع تمر )) أي لا يجوز للمسلم أن يصري الشاة, أو البقرة أو الناقة بمعنى يجمع لبنها في ضرعها وكأنها حلوب ليرغب الناس في شرائها, فيبيعها , لما في ذلك من الغش والخديعة والضرر .
- البيع عند النداء الأخير لصلاة الجمعة :لا يجوز للمسلم أن يبيع شيئا , أو يشتري, في يوم الجمعة والإمام على المنبر لقوله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}
- بيع المزابنة : لما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه(( نهى عن المزابنة)) والمزابنة هي بيع ماجهل وزنه أو عده أو كيله ، بمعلوم قدره من جنسه أو بمجهول من جنسه .
والحكمة من تحريم هذه البيوع, لما فيها من الضرر المؤدي إلى أكل الناس أموالهم بالباطل,والغش المفضي إلى إثارة الأحقاد والنزاعات والخصومات, ومن ذلك يتضح لنا حرص الإسلام على أن تتسم المعاملات المالية بالوضوح والشفافية والمصداقية وعدم الإضرار بالآخرين .
المبحث الثاني
موازنة بين نظام الاقتصاد الإسلامي والنظم الأخرى((الرأسمالي الشيوعي))
1. النظام الاقتصادي الرأسمالي
2. النظام الاقتصادي الماركسي
3. النظام الاقتصادي الإسلامي ومبتكراته
4. القيود التي وضعها الإسلام على الملكية الخاصة
المبحث الثاني : موازنة بين نظام الاقتصاد الإسلامي والنظم الأخرى((الرأسمالي _ الشيوعي))
أولا النظام الاقتصادي الرأسمالي:- إن النظرية التي يقوم عليها هذا النظام هي أن الفرد هو المالك الوحيد لما يكتسب ولاحق لغيره في ملكه , ومن حق مالك المال أن يحتكر من وسائل الإنتاج كل ماتصل إليه يده يقوده حب الذات والعبودية للمال,وهذه النظرية تستلزم إحداث خلل في توزيع الثروة على الأفراد فينقسم المجتمع إلى طبقتين لا ثالث لهما :طبقة المتمولين الأثرياء وهم قلة (( الرأسماليين المرابين )),الذين يمتلكون المصانع والأراضي, وطبقة الفقراء والكادحين وهم الأغلبية الساحقة من عامة الناس من العمال والمزارعين,وبذلك تنعدم روح التعاطف والمواساة والتكافل ,ويحل مبدأ البقاء للأغنى والأقوى محل التعاون والتعايش,وهنا يختلط البيع مع الربا بل هما يمثلان لحمة واحدة فلولا الربا لتداعى النظام الرأسمالي
ثانيا النظام الاقتصادي الشيوعي :- وظهر هذا النظام كرد فعل طبيعي تجاه ظلم واحتكار النظام الرأسمالي, ويقوم النظام الشيوعي على نظرية أن وسائل الإنتاج كلها مشتركة بين أفراد المجتمع, ولا حق للأفراد بصفتهم الفردية أن يمتلكوها, وباختصار شديد فإن هذا النظام يقوم على رأسمالية الدولة بحيث لاوجود للملكية الخاصة.
إن النظام الرأسمالي لا يمكن أن يستمربدون المصارف وشركات التأمين والشركات المساهمة وبقية الدوائر المالية الأخرى القائمة على المراباة, بينما النظام الشيوعي لا حاجة له إلى كل تلك الدوائر المالية كما لا يستسيغ النظام الشيوعي تلك المعاملات المالية القائمة على الربا بأي شكل من الأشكال, فلا يمكن أن تجد شيوعيا يتعاطى الربا, وغاية النظام الشيوعي هي تقسيم ثروة المجتمع بالتوازن والقسط بين أفراده - وهذه الغاية صحيحة من الناحية النظرية - ولكنه سلك طريقا غير صحيح لتحقيق تلك الغاية إذ أن النظرية الشيوعية تحارب فطرة الإنسان على حب الامتلاك, فحرمان الأفراد من الملكية الخاصة لا يتوقف ضرره عند تدمير الاقتصاد فحسب,بل هوتدميرللحياة الإنسانية,لأنه ينظر إلى الأفراد وكأنهم آلات ميكانيكية صماء مجردة من المشاعر والعواطف, وهو بذلك يسلبهم حرية الفكر والرأي والعمل والاستثمار.
ثالثا النظام الاقتصادي الإسلامي :- أما الإسلام فقد جاء بنظام اقتصادي معتدل منبثق من منهج الوسطية التي هي مبدأ من مبادئه , فهو يعطي للفرد حقوقه الفطرية والشخصية في التملك بطريقة منسجمة مع مصلحة المجتمع, ولا تخل بالتوازن الاقتصادي, فنظام الإسلام يعد نظاما حضاريا مبتكرا يختلف تماما عن النظام الرأسمالي والشيوعي.
فنظرية النظام الاقتصادي الإسلامي تقوم على أن الرابطة بين المصلحة الفردية والمصلحة الجماعية وثيقة ومرتبطة ببعضها البعض, وبذلك يحقق الرخاء بين شرائح المجتمع على حد سواء.
مبتكرات وأخلاقيات النظام الاقتصادي الإسلامي
1- الزكاة: هي من أبرز الوسائل التي ابتكرها الإسلام لمكافحة ظهور الطبقة الرأسمالية , حيث جعل الإسلام للفقير حقا مفروضا في مال الغني يخرجه مع بلوغ النصاب والحول,وهنا يجب أن ننتبه إلى كلمة(( حق)) لأن الغني لا يزكي على الفقير من باب الامتنان والتفضل على الفقير, بل جعل الزكاة حقا مشروعا من حقوق الفقير واجبة على الغني, وبهذا الأسلوب المبتكر نحقق التوازن بين شرائح المجتمع .
2- الإنفاق في سبيل الله : وهو أعم من الزكاة ويشمل كل أنواع الإنفاق في سبل الخير ومصلحة المجتمع, ويختلف الإنفاق في النظرية الإسلامية عنه في النظام الرأسمالي في أن المسلم ينفق ماله وهو معتقد أن ماله بهذا الإنفاق قد نما وزاد وحلت به البركة مصاقا لقوله تعالى {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ} , شريطة البعد عن الرياء والسمعة بينما الرأسمالي يعتبر كل دينار ينفقه هو نقص من إجمالي رصيده, وهو لا ينفق إلا رياء وسمعة لتحقيق مئارب شخصية, كما هو حاصل في الانتخابات ((الحملة الدعائية )), فالمسلم إذا أنفق اغتنى والرأسمالي إذا انفق افتقر على النطاق المعنوي والمادي .
3- الميراث: ويتقدم الإسلام ويخطو خطوة أخرى لتوزيع ما بقي منكمشا في محل واحد وذلك بقانون الإرث, فإذا مات المسلم وترك مالا قل أوكثر فإنه يقسم على ورثته بالطريقة المعروفة, وإذا لم يكن له وارث لا من قريب ولامن بعيد فإن المجتمع يعد وارثا له ,وتنتقل تركته إلى بيت مال المسلمين .
4- تحريم الربا : لقوله تعالى{وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} وللأسف لم يدرك العالم حكمة هذا التحريم إلا متأخرا بمرور الأزمة العالمية, فالنظام الإسلامي ينظر إلى النقود على كونها وسيلة لتدوير الإنتاج وتوزيع الثروة في حركة مستمرة متزنة لا أن تصبح النقود غاية في حد ذاتها وتتحول إلى سلعة يحتكرها المرابون, وها هو العالم بعدما مر بالأزمة الاقتصادية أيقن هذا الخطر((الربا)) الذي حرمه الإسلام قبل أربعة عشر قرنا من الزمان حيث اتضحت المشاكل الاقتصاديةالناجمةعن تعاطي الربا من فقر وبطالة وفقدان الإنتاجية فصدق المولى عز وجل في كتابه العزيز{يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} .
5- ملكية الأرض : تعود ملكية الأرض الغير مملوكة إلى من يقوم بإحياء ها واستعمارها قال صلى الله عليه وسلم من "من أحيا أرضاً ميتةً فهي لهُ" , أما بالنسبة إلى مدخرات الأرض كالنفط والغاز والمعادن فإن فقهاء المالكية يرجعون ملكيتها إلى عامة المسلمين سواء أكانت الأرض مملوكة أوغير مملوكة’ وذلك حتى يعم الرخاء على كل أفراد المجتمع ولا ينحصر في فئة قليلة من الناس.
6- تحريم الفساد في الأرض : قد شددت الشريعة الإسلامية العقاب على المفسدين ونبذت الفساد بكل صوره وأشكاله قال تعالى{وَلاَ تَعْثُوا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِين} ويعبر المسلمون الفاتحون هم أول من أصدر أمرا عسكريا للحفاظ على الموارد الاقتصادية من الفساد للمناطق التي فتحوها, ونجد ذلك ظاهرا بجلاء في وصية أبي بكر الصديق لجيش أسامة بن زيد بقوله ((ولا تحرقوا نخلاً ولا تقطعوا شجرةً مثمرة ولا تعقروا بهيمة إلاّ لمأكلةٍ))
7- تحريم التجارة بماهو محرم الانتفاع به شرعا: ((الخمر والميتة ولحم الخنزير )) بل إن الإسلام اعتبرها ليست مالا لعدم جواز الانتفاع بها على وجه السعة والاختيار, وهو بذلك يوفر على المجتمع أعباء اقتصادية لا داعية لها فقد ثبت أن الآثار الاقتصادية المترتبة من مصاريف للعلاج نتيجة لشرب الخمر وتداولها تستنزف مايقرب 64مليون دولار سنويا في الولايات الأمريكية المتحدة وحدها , وهذا ما قررته الآية الكريمة {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} , والأمر ينطبق تماما على لحم الخنازير ولعل ما يعاني منه العالم من تفشي مرض افلونزا الخنازيرأكبر برهان على حكمة التشريع الإسلامي فتمعنوا معي في تلك الملايين التي تصرف الآن من ميزانية الدول من أجل إعداد عقار يقي من هذا المرض الفتاك والوقاية منه, كذلك الأمر مع الميتة, لهذا جاءت الشريعة بتحريم التجارة بكل تلك النجاسات التي تثقل كاهل الاقتصاد ودون أي فائدة مرجوة وتتسبب في خسارة الملايين من ميزانية الدول .
7- تحريم كل بيع من شأنه أن يؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل((القمار والميسر ,بيع الدين بالدين ,...) القيود التي وضعها الإسلام على الملكية الخاصة
القيد الأول : تقيد مالك المال بإلزامه باستثمار المال حتى لا يعرقل تعطيل الاستثمار نماء المجتمع.
القيد الثاني : تقيد مالك المال بإلزامه بالإنفاق في سبيل الله على النحو الذي يلبي مطالب المجتمع وضروراته.
القيد الثالث :تقيد حرية مالك المال بإلزامه بأن لا يجعل من استعماله لماله ضررا لغيره.
القيد الرابع: تقييد حرية مالك المال بإلزامه بالامتناع عن تنمية ماله بالطرق الغير شرعية ((الربا ,الغش ,الاحتكار,تطفيف الكيل )).
القيد الخامس : تقييد حرية مالك المال بإلزامه بالامتناع عن الإسراف والتبذير والبخل.
القيد السادس : تقييد حرية مالك المال بإلزامه بالامتناع عن استغلال ماله لحيازة نفوذ سياسي.
القيد السابع : تقييد حرية مالك المال بإلزامه بعدم الخروج على فرائض الأرث والوصية .
المبحث الثالث
الأزمة الاقتصادية والحل الإسلامي
1. أسباب الأزمة
2. التدابير التي ينبغي على دول العالم اتخاذها لمواجهة الأزمة
3. التدابير التي ينبغي أن تتخذها الدول في شمال أفريقيا لمواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة
أسباب الأزمة
بشكل مختصر جدا فإن سبب الأزمة يتمحور حول القروض الربوية متضافرة مع مجموعة من العوامل الأخرى, وكانت انطلاقةالأزمة من الولايات الأمريكية المتحدة حين عملت البنوك على تخفيض أسعار الفائدة فتدافعت الشركات والأفراد إلى الحصول على هذه القروض ,ثم ارتقت نسبة الفائدة بشكل مفاجئ ,وتبع ذلك سلسلة معقدة من التبعات الاقتصادية الغير متناهية التي أدت في النهاية إلى تدمير اقتصاد دول العالم, ولكن مايهمني في دراستي هذه هو القروض الربوية بنوعيها ((الاستهلاكية – والاستثمارية ))التي تعد محور القضية,وسبب الداء,وقد تنبأ لخطورتها على الاقتصاد العالمي: الاقتصادي الألماني سيلفيو جيزل سنة 1862-1930 والذي أرجع سبب عدم نمو المال إلى الفائدة أو الربا , ويوافقه في ذلك الدكتور شاخت الاقتصادي الألماني في محاضرة له بدمشق سنة 1953 من أنه بعملية رياضية غير متناهية يتضح لنا من خلالها أن جميع المال في الأرض صائر إلى عدد قليل من المرابين ((وهذا هو ما حصل في الأزمة الراهنة )) وصدق الله العظيم حين يقول {يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} ويقول في موضع آخر {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}
ويمكن تلخيص أسباب الأزمة الاقتصادية في النقاط الآتية
1. الارتفاع المفاجئ في نسبة الفائدة الربوية.
2. تحول العملة النقدية من وسلية لتدوير الإنتاج إلى سلعة في حد ذاتها يحتكرها أصحاب رؤوس الأموال.
3. استنزاف اقتصاد الدول في موارد تجلب الخسارة أكثر من الربح, كالخمر ولحم الخنازير .
4. تحول المستثمرين من الاقتصاد الحقيقي القائم على الإنتاج إلى الاقتصاد الوهمي القائم على القروض الربوية.
إن نظرية الاقتصاد الإسلامي لا تقبل ربحا فيه ضرر للغير أوربحا لايقابله عمل ، وبصورة أعم فإن الإسلام يرفض بشدة ذلك الاقتصاد الوهمي القائم على الربا والمديونية وأكل أموال الناس بالباطل, قال صلى الله عليه وسلم" أفضل الكسب بيع مبرور وعمل الرجل بيده" أي الكسب الذي ينمي الاقتصاد ويزيد الإنتاج.
ولقد دافع الاقتصاديون الرأسماليون عن شرعية الفائدة(( الربا)) بحجة أن يستريح الشخص من المال الذي يكنزه دون أي عمل مادي أو فكري ,ودون أي مخاطر على الإطلاق, فيعود إليه المال دون أي جهد أضعافا مضاعفة, ((أي يصبح المال سلعة في حد ذاتها يحتكرها الرأسمالي )) وأول مايهدم هذا المنطق عناصر الإنتاج وأهمها العمل , فالعامل يفقد قدرته على العمل ((البطالة وهذا ما حصل بالتحديد عندما فقد مايقارب 40 مليون منصب عمل )) , بينما رأس المال لا يكل ولا يمل من جلب الأرباح ولا يتعرض في سبيل ذلك إلى أي خطر من الأخطار .
وهنا لا أريد أن أطيل الحديث عن أسباب الأزمة وتداعياتها , فما يهمني الآن هو الحل وكيفية خروج العالم من هذه الأزمة وبالأخص الدول العربية , ولاشك أن الأقطار أصبحت تنادي بالحل الإسلامي, أو الاقتصاد الإسلامي كبديل وتعتبره حبل النجاة,ومخرجا لهذه الأزمة, وذلك بإلغاء نسبة الفائدة, ولكن كيف يكون هذا ؟ وكيف يتحقق الربح للبنوك والمصارف بدون فائدة ؟ وماهي التدابير التي يمكن بها مواجهة الأزمة ؟
التدابير التي ينبغي على دول العالم اتخاذها لمواجهة الأزمة
1- التقليص من نسبة الفائدة شيئا فشيئا إلى أن تساوي الفائدة صفرا.
2- دعم الإنتاج الحقيقي القائم على العمل والجهد المادي أو الفكري.
3- عدم اعتبار الخمور ولحوم الخنازير أمولا لما تسببه من أضرار وخيمة على ميزانية الدول.
4- على الدول دعم المصارف التي تخلو من الربا حتى تحقق أكثر ربح وإعفاؤها من الضرائب.
5- ترك الاقتصاد الوهمي ((الربا ,المديونية ,البيع الوهمي , بيع الجهالة وجميع البيوع المحرمة .... )) بالبدائل التي سيتم تفصيلها _المنح الإنتاجية والمنح الاستهلاكية –
أولا المنح الإنتاجية:وهي بديل للقروض الإنتاجية القائمة على الفائدة الربوية وهذه المنح تعتمد على المشاركة من طرف المصرف برأس المال والمستثمر بالجهد الإدارة والعمل والتخطيط ,على أن يتم الاتفاق بأن المشاركة تكون في الربح والخسارة,وحتى يضمن المصرف نجاح المشروع ويقي نفسه شر الخسارة يقوم بتشكيل لجنة علمية متخصصة على أعلى المستويات من العلم والدراية بعلم الاقتصاد لدراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع المقدمة من المستثمرين ومدى الأرباح التي سيجنيها المشروع, وهناك ثلاث نقاط في المنح الانتاجية يجب الالتفات إليها.
النقطة الأولى : أن نجاح المشروع يعتمد بالدرجة الأولى على كفاءة اللجنة العلمية وخبرتها في تقييم وتطوير المشروعات, بما يتناسب مع مصالحة المصرف والمستثمر .
النقطة الثانية : إذا أدت اللجنة العلمية دورها على أكمل وجه فإن المصرف في هذه الحالة سيحقق أرباح أكبر فائدة من تلك التي كان يجنيها من القروض الربوية, إذ باستطاعة المصرف أن يتفق مع المستثمر على 50% من الأرباح وهذه القيمة أكبر بكثير من الفائدة الربوية التي في العادة لا تتجاوز 5%.
النقطة الثالثة: أن المصرف عندما يشكل لجنة متخصصة لفرز المشاريع فهو بذلك يتفادى أكبر قدر من الخسارة, وعلى أسوء الضروف فإن المصرف قد يخسر مشروعا أو اثنين في العام في مقابل أنه كسب مئات المشاريع .
النقطة الرابعة : بهذه الطريقة ((المنح الانتاجية )) سيحل الاقتصاد الحقيقي محل الاقتصاد الوهمي ويمنح فرص عمل للمستثمرين والمواطنين وخاصة المحلين.
مميزات المنح الإنتاجية
- تحقيق فائدة أكبر للمصرف مقارنة بالقروض الربوية
- مكافحة البطالة
- تشجيع الاستثمار
- مكافحة الركود الاقتصادي
- زيادة الإنتاج
- تحقيق نشاط اقتصادي مربح وفعال يلبي متطلبات العصر ويحقق مقاصد الشريعة الإسلامية .
ثانيا المنح الاستهلاكية : وهذه المنح تحل محل القروض الاستهلاكية الربوية التي في العادة يحتاج إليها المواطن لبناء مسكن أو شراء سيارة , وهي قروض تتسم بأنها محدودة الفائدة والأجل, وللخروج من نسبة الفائدة ((الربا)) يقوم المصرف بشراء أو بناء وحدات سكنية مختلفة ,أو التعاقد مع شركات صناعة السيارات ((حاجيات الفرد التي تدعوه للاقتراض )) وبعد أن يتمكن منها المصرف يقوم ببيعها للمستهلكين بالتقسيط وبالفائدة التي يتم الاتفاق عليها ، أو أن يقوم المصرف بتخصيص قطاع خيري للتبرعات أو المدينين ولو بمبالغ رمزية ثم يقوم المصرف بإقراضها إلى ذوي الدخل المحدود والمضطرين بدون فائدة حتى يقضوا بها شؤون حياتهم الطارئة (( علاج , سيارة, مسكن ....))
وهنا يجب الانتباه إلى النقاط التالية
النقطة الأولى : ضرورة الاحتياط عند التعامل وأخذ الضمانات اللازمة لضمان رجوع المبلغ إلى المصرف.
النقطة الثانية :تحديد وتقليص المبلغ في المنح الاستهلاكية مقارنة بالمنح الإنتاجية .
النقطة الثالثة : يجب أن تقتصر المنح الاستهلاكية على الحاجات الضرورية ((سيارة . مسكن ) حتى لا نقتل المنافسة للسلع في السوق .
النقطة الرابعة :يجب على المحتاج أو المضطر تقديم ما يفيد ذلك للمصرف .
وتم تطبيق المنح الاستهلاكية ((البيع بالتقسيط ))على نطاق واسع في ليبيا فشملت الوحدات السكنية كمشروع 25 ألف وحدة سكنية الذي تولاه مصرف الادخار بمدينة مصراته,والسيارات وأجهزة الحاسوب المحمول الذي تولاه مصرف الجمهورية , حيث تم بيع كل هذه السلع بالتقسيط إلى المواطنين الذين لهم مرتبات شهرية في المصرف, وقد لاقت هذه الفكرة استحسانا وإقبالا من الجميع.
مميزات المنح الإنتاجية
- تحقيق الرخاء الاقتصادي على مستوى الأفراد .
- القضاء على مضاهر الرأسمالية.
- تحقيق فائدة أكبر للمصرف مقارنة بالقروض الربوية.
- تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية .
- التقليص بشكل كبير من ظاهرة التسول .
مثال للمنح الإنتاجية
المصرف يمول مشروع مصنع ألبان بقيمة مائة ألف دولار بشراكة مع أحد المستثمرين بالعمل والإدارة والتخطيط ,ويتفقان على مقاسمة الأرباح بحيث يكون نصيب كل واحد 50% من الأرباح وبعد مرور سنة وجد أن الأرباح وصلت إلى خمسين ألف دولا فيكون نصيب كلا من المصرف والمستثمر خمسة وعشرين ألف دولار, وهذا مثال بسيط جدا يمكن تطبيقه على نطاق أوسع من المعاملات المالية والمشاريع الاستثمارية بالمشاركة في الربح والخسارة إن وجدت,
مثال للقروض الاستهلاكية
يمتلك المصرف وحدة سكنية بقيمة 30 ألف دولار فيبيعها إلى المستهلك بقيمة 36ألف دولار بالتقسيط فيكسب المصرف 6 ألاف دولار وهكذا
التدابير التي ينبغي أن تتخذها الدول في الشرق الأوسط وفي شمال أفريقيا لمواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة
بالإضافة إلى التدابير السابقة التي تم الإشارة إليها فإنه ينبغي على دول الشرق الأوسط و شمال أفريقيا اتخاذ التدابير الآتية
1. توفير الأمن الكامل والأمان للنشاط الاقتصادي
2. توفير المناخ المناسب للاستثمار وتشجيع الاستثمار الفردي والجماعي من خلال تقليص الضرائب وخاصة على الاستثمار الذي يهدف إلى إنتاج الحاجات الضرورية للفرد والمجتمع.
3. الابتعاد عن كل الوسائل التي تشجع الناس على تكوين رؤوس أموال بطرق غير شرعية .
4. ابتعاد الدول والهيئات العامة التابعة لها عن الإسهام أو المشاركة في تكوين رؤوس أموال لاستثمارها في إنتاج السلع الكمالية والترفيهية وترك ذلك للأفراد والهيئات الخاصة وفرض جبايات مالية على الناتج الترفيهي.
5. اقتصار الدول في الإنتاج والاستثمارات المالية على ما يعجز عنه الأفراد والهيئات الخاصة والابتعاد عن المنافسة الحقيقية لها .
6. وجوب مشاركة بيوت المال العربية والمصارف الإسلامية وبنوك التنمية الزراعية والصناعية والتجارية في البلاد الإسلامية مشاركة جادة وفعالة وحقيقية في الدول العربية وتقليص نشاطها في مجال استثمار الأموال خارج الدول العربية والإسلامية .
7. وضع ضمانات كافية لحماية المنتج الوطني من المنافسة الخارجية, ومنع الواردات المنافسة وخاصة فيما يتعلق بالضروريات والحاجيات.
كيفية حماية الاقتصاد الإسلامي على المدى الطويل
1. عدم التعامل البتة مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي .
2. إيجاد سياسة حكيمة ورشيدة تقوم على الدراسة المعمقة للتعامل مع منظمة التجارة العالمية ((wto)) اقتداء باليابان والدول الآسيوية
3. ايجاد سياسة حكيمة لحماية الثروة النفطية وتفعيل الموارد الغير نفطية ((السياحة , الزراعة ’ الصناعة ))
وهكذا فإن هذه الدراسة المتواضعة تتمحور حول فعالية البديل الإسلامي في إخراج العالم من أزمته المالية , ولكن حتى نكون موضعيين لا نحكم على هذا البديل في ليلة وضحاها،وأن نطبق هذا البديل بما يتلاءم مع متطلبات العصر ويلبي مقاصد الشريعة, وربما يقول قائل إن البديل الإسلامي قائم على نظرية أخلاقية يصعب تطبيقها في العمل المصرفي الميداني ,ونرد عليه بأن البديل الإسلامي قد حقق الرخاء الاقتصادي في عهد عمر بن عبد العزيز حتى احتار الناس في صدقاتهم, وفي هذا العصر الحديث أثبت البنوك الإسلامية وجودها في السوق, وأصبحت تنافس البنوك الربوية , فلم يعد مجال للشك في فعالية البديل الإسلامي,الذي نادى بالعمل والسعي في سبيل تحقيق الرزق وهذا مانسميه بالمصطلح الحديث الاقتصاد الحقيقي كما شدد الإسلام على أولئك الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويسعون في الأرض فسادا ويلهثون وراء المال بكل السبل لتلبية مصالحهم الشخصية كحال قارون وفرعون, وباختصار أكثر فإن البديل الإسلامي يهدف إلى تحويل المؤسسات المصرفية الربوية الرأسمالية إلى مؤسسات مصرفية إنتاجية إسلامية وبذلك يتحقق الرخاء الإقتصادي وهذا هو مخرج العالم من أزمته الراهنة
النتائج والتوصيات
1. فتح أقسام أو كليات داخل الجامعات تعنى بدراسة الاقتصاد الإسلامي.
2. يبغي على المصارف الربوية المتمسكة والمتشبثة بنظامها الربوي فتح أقسام لتيسير المعاملات المالية على المنهج الإسلامي ولو حتى على نطاق ضيق.
3. على الدول دعم المصارف الإسلامية وتوفير السيولة اللازمة.
4. تكثيف الدراسات والمؤتمرات حول الاقتصاد الإسلامي وتطويره بما يتلاءم مع متطلبات العصر.
5. تطبيق نظام الزكاة بشكل إلزامي ومتابعة النتائج .
6. استحداث وزارة مستقلة عن وزارة الأوقاف في هيكلية الدول تعنى بشؤون الزكاة تهدف إلى رفع مستوى المعبشة للأسر الفقيرة.
7. تطبيق أخلاقيات الاقتصاد الإسلامي بشكل إلزامي في جميع المعاملات المصرفية.
8. تكثيف الحملة الدعائية لتشجيع القروض الخيرية الغير ربوية على مستوى الأفراد والمؤسسات كبديل للعطاءات والهبات الخيرية, وخلق موازنة بين الدعوة إلى التصدق والانفاق في سبيل الله وبين الدعوة إلى الإقراض الخيري الغير ربوي ((أن تعلمني كيف أصطاد خير من أن تعطيني سمكة كل يوم ))
المصادر والمراجع
1. مجلة الهدي الإسلامي، الجامعة الإسلامية ,العدد الثالث،البيضاء ،ليبيا ،1970ف
2. مجلة الهدي الإسلامي ،الهيئة العامة, للأوقاف،العددالسادس ,طرابلس,ليبيا 1974ف
3. التربية الجماهيرية للسنة الثالثة بمرحلة التعليم الثانوي ،المركز العالمي ،طرابلس ,ليبيا ،2006-2007ف
4. التربية الجماهيرية للسنة الثانية بمرحلة التعليم الجامعي والمعاهد العليا ،المركز العالمي ،طرابلس ,ليبيا ،2007ف
5. مجلة المؤتمر الأول لمجمع البحوث الإسلامية ,مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر , القاهرة , مصر ,1964ف
6. مجلة الفتاوى الإسلامية في القضايا الاقتصادية،مؤسسة الإهرام ,العدد15 القاهرة , مصر ,1989ف.
7. القواعد الفقهية ,علي أحمد الندوي , دار القلم ,دمشق , سوريا ,ط:1 ,1986ف.
8. آفاق استثمار الأموال وطرقها في الإسلام ,نصر فريد واصل ,مكتبة الصفا ,القاهرة ,مصر ,ط:1 ,2000ف.
9. أسس الاقتصاد بين الإسلام والنظم المعاصرة معضلات الاقتصاد وحلها في الإسلام ,أبو الأعلى المودودى, ترجمة محمد عاصم الحداد ,الدار السعودية للنشر , السعودية ,ط:2, 1967ف.
10. المواريث والوصايا في الشريعة الإسلامية فقها وعملا , حمزة أبوفارس , دار الحكمة ,طرابلس ,ليبيا ,ط:2 ,1994ف.
11. المدخل لدراسة الفقه الإسلامي ، سعيد محمد الجليدي ,الجامعة المفتوحة ،ط:4, 1994ف.
12. المختار من الفقه الإسلامي , علي إبراهيم تيكه
13. أسلوب البحث العلمي , مختار أبوزريدة الهيئة القومية للبحث العلمي , طرابلس’ ليبيا ,ط:1, 1984ف.
14. موقع موسوعة الحديث الشريف , http://www.hadith.al-islam.com
15. فقه الغزوات،محمد خلف العيساوي , دار عمار , عمان ،الأردن , ط:1 , 2000 .
المراجع
www.google.jo/url?sa=t&rct=j&q=%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%AA+%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9+doc&source=web&cd=49&ved=0CFwQFjAIOCg&url=http%3A%2F%2Fwww.aun.edu.eg%2Fconferences%2F27_9_2009%2FConferenceCD_files%2FPapers%2F44.doc&ei=VBWpT53BFoWx0QXsoOj9Dg&usg=AFQjCNH1PRpjfUVVLQaKnDT7LJQmoyJSVgموسوعة الأبحاث العلمية
التصانيف
الأبحاث
|