باسم الله وكفى ، باسم الله الذي إذا  رفعت الحرف الأول منه  بقي لله، وان الثاني بقي له،  وان الثالث بقي هو الله عالم الغيب والشهادة سبحانه وتعالى عما يشركون ،وصلى الله وسلم وبارك على خاتم الأنبياء والمرسلين، الذي أول ما انزل عليه"اقرأ"وتصاقبه "ارق "، فكلما قرأتَ رقيتَ؛ في مناسم السموات السبع وما شاكلها من  الأرضين ،  وعلى عِترته الأطهار صلِّ ربَّنا، و على  صحبه المنتجبين الأبرار،ما هبَّ في الكون صبا ،وحرك الأطيار ، صلاة تُحلُّ بها العقد ، وتنفرجُ بها الكرب ، فتصيخَ بمسمعيك  عندئذ  إلى  صرير الأقلام ،وهي تسطِّر متباهية  بتوحيد الفرد الصمد ،وتصلي على نبي الواحد الأحد ،النور الذاتي والسر الساري في الأسماء والصفات وبعد؛
فاشكرُ لأخي ورفيق الدرب العلمي الأستاذ الكبير،  الناقد الفذ صاحب التواليف العديدة ،التي تربو بفضل الله ومننه على  الثلاثين، ومن  البحوث مثلُها ويزيد، هو الأستاذ الدكتور الأيسر الأعسر الكاتب بكلتا يديه، إن شاء نحوا وصرفا باليسرى، وان شاء باليمنى قصصا وروايات و"قربان مؤاب" شاهد حق  في سيرته العلمية ، وفي  كلتيهما إبداع  وهو العارف بلغات سامية ،بله العربية القديمة، و الصفوية والمؤابية منها ، فترجم مسلة ميشع إثباتا  قبل عقد زمن ،وحقق ودقق غير مصنف ، انه الأستاذ الدكتور يحيى العبابنة ، الذي أكرمني باختياره إياي  عضوا  مناقشا لرسالة دكتوراة في النحو بإشرافه وسمها ب"النمط اللغوي بين القاعدة الصرفية والتداول الاستعمالي ـ دراسة في الفعل المعتل " للطالب محمد احمد  الخريسات ، كما اشكر عضوي لجنة المناقشة أستاذي الدكتور عودة أبو عودة الذي تلقينا على يديه علم النحو في جامعة اليرموك، قيل ربع قرن من اليوم ، أستاذا على خلق قويم، وأدب جم ، وتواضع عميم، فأفدنا منه خلقا رفيعا قبل أن نفيد منه علما غزيرا ، وهو شاعر وأديب ، فأسعدني الالتقاء به لنفيد منه كما يفيد منه آكدا  صاحب الرسالة ، أما العضو الثالث فمن صنو ثالثة الأثافي الأخ الدكتور جزاء المصاروة ،أستاذ النحو المساعد في جامعة مؤتة ، لغوي وشاعر وأديب وباحث نشط ،اطلعت على بعض بحوثه ، فأجاد فيها وأفاد، و هو على خلق رفيع، يحترم أراء غيره، ويترك للآخر حرية النقاش بصدر رحيب  ، يشقُّ له طريق  إبداعه على ديدنه ، شهادتي له يوم انبرى معي للحق فكتب ما حلا له من قصيد ، فتحية له ،عربونا  خاصا  نعرضه  للدكتور جزاء بعض ما يوافقه من جزاء .
أمَّا الرسالة الموسومة بأعلاه ، فنهضت على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة ، واعتمدت(92) اثنين وتسعين مصدرا ومرجعا ، في (186) مائة وست وثمانين ورقة من القطع الكبير ،كرَّر فندريس،وبعض المؤلفين ، وخلط المصادر بالمراجع ، فتمنينا أن يفصل بينهما  ، بدءا بالمصادر وانتهاء بالمراجع ،للأهمية والدقة،،واعتمد مصادر عربية قديمة كافية لإسناد غرضه، وان كان سقط سهوا عنده في مصادر ذكره "لسانُ العرب "لابن منظور الذي نقَّر فيه كثيرا، لاستخراج الأفعال الشاهدة على ما يحتجُّ بها ،  في رسالته هذه ،عززها بدراسات حديثة ومترجمة فأقامت له  الحجة الكافية في رسالته .
 أما المقدمة فسعى فيها إلى كشف اللثام عن الواقع الاستعمالي الحقبقي لصيغ النمط الفعلي المعتل ليسجل مظاهره الاستعمالية في سياقاته التداولية من جهة، وليفسر سماته التطورية في صيغه المستعملة  من جهة أخرى، بغية  التثبت مما اشتملت عليه مذاهب العلماء، ليخرج باقتراح نموذجي دراسي يصلح تطبيقا على الأنماط اللغوية الصرفية متكئا على ما تسعفه المصادر اللغوية في مظانها، من  لسان العرب  خاصة ، والشعر عامة ، ليقارن بين استعمال صيغ النمط الفعلي المعتل و  القاعدة الموضوعة لباب الصيغة الراجعة إليه ، أما الفصل الأول فوسمه ب"القاعدة الصرفية والتداول الاستعمالي ،وتناوله في أربعة محاور هي النمط اللغوي أولا والقاعدة الصرفية ثانيا وخصوصية البناء الصرفي ثالثا وآفاق التداولية اللغوية رابعا .
   أمَّا الفصل الثاني فوسمه ب"المظاهر الاستعمالية للفعل المعتل ودرسه في ثلاثة محاور هي أولا  تعدد الصيغ الاستعمالية من نمط التعدد  والاختيار الفعل الماضي ، والتعدد الاختيار في صيغ التعدية وثانيا محور الخلط في الانتقال من صيغ الماضي إلى صيغ المضارع من صيغ الأفعال معتلة العين واللام زمن صيغ النمط المجرد إلى صيغ النمط المسند وثالثا درس محور تراكب الاستعمالات وفيه اعتلال المضارع من "فعل" والقلب المكاني .
أما الفصل الثالث فوسمه ب"السمات التطورية الاستعمالية لصيغ النمط الفعلي "وفيه ثلاثة محاور هي مراجعة استعمال الأصول في الأصل بين الرفض والافتراض وصيغة افعل.
 أمَّا المحورُ الثاني فدرس فيه الاتجاهات العامة لاستعمال النمط الفعلي المعتل في الفتح الخالص وإغلاق المقاطع وفي المحو ر الثالث تناول اعتباطية قوانين التطور اللغوي في تخفيف الهمز وتضعيف عين الفعل الثلاثي "الأجوف "،
أمَّا ابرز ما يشكر  للباحث في هذه الرسالة فتبيينه تعدد صيغ النمط الفعلي المعتلة الاستعمالية ، مما يسمح للمتكلمين استعمال أي صيغة من صيغها الاختيارية للدلالة على المعنى نفسه، دون أن يؤدي بهم إلى أن يقعوا في الخطأ نفسه ولا يعترض به مجتمع اللغويين ، وابرز في دراسته مراجعة استعمال الأصول ،وتنبهه إلى نشأة مظهر استعمالي هو الخلط بين صبغ الأنماط الفعلية من تغيرات في الاشتقاق والإسناد واقتراحه بان يكون للمادة اللغوية صيغتان إن لم يكن لهما استعمالات من قبل، وذهب الباحث إن صيغ النمط الفعلي المعتل متسلسلة عبر حلقتها الأولى وهي تعدد الصيغ ثم الخلط في أثناء الانتقال لتصل إلى التراكب وهو الابتكار الإنتاجي ،وتنبه إلى أهمية تراكب اللغات الذي يعني تعدد الاستعمالات، ووقف عند مصطلحي الأصل المهجور والأصل المرفوض، وتفريق العلماء بينهما ،وكشفت دراسته عن أهمية عدد من قوانين التطور اللغوي ومظاهرها الاستعمالية لصيغ النمط الفعلي المعتل ، وعزا النمط اللغوي إلى ظاهرة اجتماعية محضة لحاجة الناس إليها ،فزاد للحاجة مساحة الحرية الاستعمالية ، وذكر أن المنهج الصرفي يحتاج إلى نمط لغوي صرفي، مرتكزا على عوامل المنطق والتاريخ والاستعمال والنأثر.، وتنبه إلى أن النحاة تجاوزوا معايير الصواب الاجتماعي والصواب السماعي، واعتمدوا معايير لغوية  ، ونوه بمصطلح الصيغ الاختيارية ،واعتماده على غير صيغتين استعمالتين للنمط الفعلي ،وتقبُّل معايير الصواب الاجتماعي حميع الصيغ الواردة ، بحيث لا تخطِّيءُ أحدا ، وعزا أخيرا لا آخرا نتاج الصبغ المزيدة بالتضعيف لزيادة صوت أضيف إلى بنية النمط الفعلي المجرد، الذي يعد الأصل الذي تطورت عنه الصيغ الاشتقاقية، فيكون الصوت المضاف إلى بنية النمط الفعلي المجرد هو الصوت الذي أتى في موضع العين من صيغة النمط المجرد ، فيفقد الصوت الأول من هذين الصوتين المكررين حركته، ويصير ساكنا ، أما ثاني الصوتين فيأخذ  عين الصيغة سابقا ، فسجل الاستعمال اللغوي تعددا اختياريا بين هاتين الصيغتين ، مما أتاح للمتكلم حرية مطلقة في توظيفه أيا من صبغتيهما شاء.
أما لغة الطالب في رسالته هذه  فقوية متماسكة تخلو من الحشو ، نكاد نبرؤها من هنات اللغة ، وضعف الأسلوب ، وهي رسالة مهمة ، يمكن أن تنضاف إلى  مكتبة شداة النحو وصرف العربية ،للإفادة منها منهجا ودرسا ، وعلى الرغم من تزكيتي هذه الرسالة، فان فيها ملحظات لا بدَّ من تصحيحها لصالحها  منها :حاجته إلى ترقيم صفحاتها في الفهرس،  ربما اجلها ليظفر بالتعديل الأخير، وفي الملخص نقص في ذكره باللغة الانجليزية، وفي صفحة الفهرس ينبغي أن يضاف  الصرفي للنمط اللغوي، إذ ورد عنوانه في دراسته مجموعا بهما ، أما من عيوب اللغة فتوظيفه عناوين ص  ومفاهيم ورقة(9) بدلا من عنوانات ، ومفهومات  لتقديم الأصح على الصحيح ،
أما من ضعف الأسلوب فقوله :"الفصل الثالث هو ما اقتصر "ص(9)والأقوى قوله :" أمَّا الفصل الثالث فاقتصر "
وفي ورقة (10) بحاجة إلى توثيق قول العماد الأصفهاني أو تضمين المعنى.، ويفضل توظيفه البَحَثَة جمع كثرة على الباحثين(جمع المذكر السالم ) "في كثير مما يورده ورقة(13) السطر الأول وكثير غيرها يجده في البحث عن الكلمة ، كما انصح إبدال كثيرين ورقة (44)سطر (14) ب"كثر "أو كثار "لان جمع كثير على كثيرين ضعيف .، واستبدال "كي تواكب "ورفة (47)سطر(4)ب"لتواكب "
 أما من الأخطاء الطباعية فتشديده دال تورد " والصواب ضمها حسب (ورقة 12)سطر (7)، وحذف فندريس من الحاشية (2) ورقة (17) لتكرير اسمه في الحاشية نفسها . ومن الأخطاء الإملائية حذفه(ي ) من في (ورقة 18) سطر (16) ، والتعريف بمصطلح الدينامية التي ذكرت عنده غير مرة منها في ورقة(24) السطر (8)
 وان  يترجم لبعض الشعراء منهم قحيف العقيلي ولو بسطر وقد ترجمناه  في ما اجتهدنا ورقة (50)الحاشية ، وتوثق الآية الكريمة ورقة (52) سطر (13)من سورة "المؤمنون " آية (20)"وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن "على لغتين أشار إليهما  الطالب ، كما ينبغي توثيق الآية "فأسر بأهلك "(ورقة 52) سطر (18)والآية من سورة الحجر آية 65.
 العروض : أما  بحور  الأبيات الشاهدة ، فلم يستخرج بحورها للأهمية وقد استخرجناها إعانة ، انظر ورقة (26)و(29)و(30)و(31)ولعلَّ نظرة إلى  أهمية موسيقا البحر أن تصوب خطأ نحويا ضبطه الطالب  خطأ في  تشمر" بالضم في البيت (ورقة 31)على انه مجزوم جواب الشرط ل"متى "فيصحُّ البيت بجزم نشمرْ لغة وموسيقا " لا برفعها.
متى ننجُ حبوا من سنين ملحة          تشمرْ لأخرى ننزل الأعصم الفردا
 أمَّا التنظير فيطغى  أحيانا  على التطبيق ومثله حشده الآراء  كما في الأوراق التالية (41ـ43)، ويقلل التطبيق عليها، فأين مثلا  بعض القراءات القرآنية الشاهدة على ما يدرجه ، ولعل  قليل تنظير وكثير تطبيق أن يكون أفضل من العكس
 أما الجداول المستشهد بها في هذه الرسالة فعليها ثلاث ملحظات هي أولا  فاته أن يدرج المادة المطلوبة بكتابتها  بعد الجزء والصفحة،إذ البحث عن المادة أهم من النظر في الجزء والصفحة الأصمين  ،لاختلاف الطبعات، ومنهج البحث في لسان العرب إما على نظام القافية أو الالفبائية كما في لسان العرب المحيط ، و ثانيا لم بشر إلى لسان العرب من ضمن مصادره وهو  الذي يعتمد منه  على مواده اللغوية المعلولة  بنسبة عالية ، وثالثا لم ينتهج منهجا ثابتا في ترقيم المواد اللغوية التي يستشهد بها ولم يجدول لها بتنسيق كاف كما نلحظ في أوراقه التالية  (55و56و57و76وو91و92و93ـ95و134و135و161و165و167، وتمنيتُ لو كان الطالب يحتجُّ ببعض  المواد  اللغوية شعرا، قلا تعدم أن تجد للحسناء ذاماًّ   ذلك  تجده عندما يترجم معنى المادة  اللغوية بدلا من أن يدرج مئات المواد من لسان العرب كثير منها غامض يحتاج إلى ترجمان  ، نمثل على مادة "هوع "التي أدرجها الطالب ورقة (77) فقد وردت بمعنى تكلف القيئ وما خرج من حلقه هواع ، وقد ذكر  ذلك رؤبة بن العجاج يصف ثورا طعن كلبا "
( ينهي به سوارهن الاشجعا     حتى إذا ناهزها تهوعا )بمعنى قاء الدم وهو ترجمة للمادة اللغوية وتسهيل لمعناها الغريب ، صحيح أن مثل هذا عمل شاق، وقد يستهويك بحثا آخر، ولكن الاستشهاد بشواهد من مثل هذا علىجهد  المقل أفضل ،ذلك لان معاني "طاط " يطيط ويطوط "وراط"يريط ويروط وفاخ يفوخ ويفيخ ومثلها عشرات الأفعال  ستظل غامضة المعنى إلا عند ثلة من العلماء ، وقد وردت هذه الأفعال المعتلة عنده  في ورقة رقم (81 )وما بعدها .
وختاما فان الملجظات وان كثرت فهي قليلة أمام هذه الرسالة العلمية الجادة ،  فيها جهود موفقة من مشرف وباحث نشط ، أتمنى لصاحبها كل توفيق وآمل أن ترى النور منشورة والله ولي التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين
وأرجو من الطالب أن يصيخ بمسمعيه مشكورا لملحظات أخرى وردت فيها ، للإفادة منها خدمة للعلم الذي نسعى على حفافيه ، وفوق كل ذي علم عليم .

المراجع

رابطة أدباء الشام

التصانيف

أدب    شعر   كتاب