هل يمكن للبشرية ان تضفي طابعا إنسانيا على حضارتها وتقدمها الاقتصادي ونموها العمراني وازدهارها التقني بكل أشكاله وأنماطه ؟؟ سؤال كبير نبدأ فيه بحثنا هذا حول مدى توافق التقدم الاقتصادي والتقني مع مبادئ العيش الكريم للإنسان على هذه الأرض ومدى ملاءمته لحياة حرة كريمة للشعوب وخاصة تلك التي لم تساهم في بناء أركانه وصياغة أجزائه، نقطة البداية هي من حيث ينتهي المخططون وواضعو السياسات حيث يجيبون على التساؤل الهام للمشروع الاقتصادي وهو : ما هو مقدار الربحية الاقتصادية (المادية ) للمشروع ؟؟ ويتناسون أن ثمة تساؤل أكثر أهمية من هذا السؤال ألا وهو : ما هو مقدار الربحية الاجتماعية من هذا البناء او المشروع ؟؟ لاشك أن الحضارة المعاصرة المبنية على الفلسفة النفعية واللهاث وراء الربح المادي وتحصيل اكبر قدر ممكن من الربح لا يعنيها مقدار الربحية الاجتماعية المتحقق وإنما الغاية والمآل يكمن في الكم الذي سيعود به هذا المشروع من النقود !!! عند هذه النقطة تبدأ المعاناة وتبدأ رحلة البشرية في البحث عن أنسنه التطور، إذا أردنا أن نتحدث عن أنسنه حقيقية لشعوب الأرض فعلينا أن نبدأ من حيث أمنا الأرض وما تحويه من خيرات وثروات، فهذا الموارد والطاقات والثروات هي ملك للإنسان حيثما كان وأينما ووجد يجب ان تعود منافعها وخيراتها ومردودها الايجابي على البشر أجمعين، فالأرض لله قدر فيها أقواتها وجعل فيها لكل دأبه رزقها فحرمان احد من ملكة إنما هو تعسف واعتداء على إنسانيته وحقه في الحياة الكريمة التي أرادها له الشارع الحكيم
، وخاصة إذا ما نظرنا إلى العالم ككيان واحد الناس فيه تربطهم وتجمعهم رابطة الإنسانية وخاصة أن الخالق عز وجل كرم الإنسان بذاته كنفس وليس كمواصفات او خصائص واعتبر أن الإنسان هو الإنسان سواء أكان ابيض ام احمر فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ، لذا فحق الإنسان أن يأكل ويتمتع بخيرات الله ورزقه وحسابه فيما يعتقد على الله وليس على اخية الإنسان ، أين إنسانية العالم اليوم من هذا الكلام ؟؟ العالم اليوم تسوده روح الانتهازية والأنانية وحب الذات فخيرات الارض وثرواتها يستحوذ عليها الكبار الأقوياء الأغنياء فتزيدهم قوةً وكبراً وغناً فتشكل منهم طبقة لا تعرف للإنسانية او الرحمة أي معنى وبالمقابل تتشكل طبقة أخرى معدمة فقيرة كادحة تزداد فقرا وضعفا يوما بعد يوم ، العالم التقني اليوم يدعي العدالة وينشد الرحمة ولكن الواقع يشير إلى عكس ذلك،
الكرة الأرضية تنقسم اليوم إلى فسطاطين لا ثالث لهما الأول هو العالم الغني القوي ، والثاني الأطراف المعدمه الفقيرة الجائعة المريضة !! فأين الإنسانية من كل هذا وأين العدالة ...؟؟؟؟ ، العدالة تقتضي تخصيصا فاعلا للموارد ونظام توزيع اعدل للثروات وتوسعا امثل عبر الزمن ، حينها تتحقق العدالة والكفاءة الاقتصادية بشقيها الفنية والتخصيصية ..، ولكن الواقع يشير إلى أن خط التوزيع المتساوي بعيد كل البعد عن خط التوزيع الحقيقي لسكان الأرض أجمعين وما يدعم هذه الحقيقة هو عدد الفقراء في العالم اليوم حيث يشكلون أكثر من 1/6 البشرية ، فأين الإنسانية والعدالة والكفاءة في كل هذا ؟؟؟ . (انظر منحنى لورنس).( يبين هذا المنحنى انه اذا كان كل فرد في المجتمع يحصل على نفس الدخل فان منحنى لورنز يكون متمثلاً في الخط المستقيم الموصل بين القطرين في الشكل وهذا يعني ان (25%) مثلاً من السكان يحصلون على (25%) من الدخل،(50%) مثلاً من السكان يحصلون على (50%) من الدخل وهكذا. وكلما إبتعد منحنى لورنز عن هذا الخط كلما هناك تبايناً في توزيع الدخل بين مختلف فئات المجتمع.)
إن أرادت البشرية إضفاء الطابع الإنساني على تقدمها عليها أن ترسي قيم العدالة والمساواة والإخاء، وذلك من خلال جهد عالمي تشترك فيه البشرية بأسرها، يهدف إلى تقليص الفوارق بين أجزائها، وإتاحة العلم والمعرفة للعالم كله، وتنمية مناطقه المتأخرة والفقيرة، وتسهيل انتقال السلع ورأس المال والعمل فيه، وتطويره بطريقة متناسقة ومتكاملة، تعود بالنفع على قطاعات متعاظمة من الناس،
وهنا يبرز دور المؤسسات والمنظمات الدولية والتي يقع على عاتقها وضع خطط للتنمية الإنسانية العالمية وتأسيس صناديق دولية تسهم كل دول الأرض في تمويلها بجزء من ميزانياتها تستهدف إقامة المشاريع التنموية في أطراف العالم وفي ذلك ان تم تأكيد على رابطة الإخوة التي تربط بين البشر أجمعين ، إن احتكار العلم والمعرفة من قبل الأقوياء الأغنياء له دور كبير في حجب منافع التنمية عن أكثر من 2/3 سكان الأرض والحيلولة دون تقدمهم الاقتصادي والاجتماعي لذا لابد أولا من الإفراج عن العلوم والمعارف المحتكرة لتكون متاحة للبشر أجمعين بعيدا عن إبداعات المدنية المعاصرة من القوانين والتشريعات التي تحول دون الفقراء وتمنعهم من الوصول إلى المخزونات الكبيرة من العلوم والمعارف وابرز ما تفتقت عنه المدنية المعاصرة هو قوانين الملكية الفكرية التي قننتها لصالحها وصاغتها بطريقة تحتكر من خلالها العلم والمعرفة التي توفر لها التقدم والتطور وتحجبه عن الآخرين .
الذي تحتاجه البشرية اليوم هو تقدم اقتصادي يحمي إنسانيتها ويحترم كرامتها ويحافظ على حقوقها، فلا يلوث بيئتها ولا يفسد أبدانها أو يصادر عقولها ويحفظ ثرواتها الطبيعية ... ، لذا ينبغي الاستخدام الرشيد لموارد البيئة الطبيعية، كالماء والهواء والأراضي لزراعية، بما يؤمن حاجات البشر أجمعين من الغداء، والأراضي المخصصة للعمران بما يحقق احتياجاتهم من السكن ومختلف التجهيزات الحضرية الأخرى وإقامة مشاريع البنية التحتية، مع مراعاة احتياجات الأجيال القادمة .
ولكن نتلمس الواقع فاننا نقدم الاحصائيات والارقام والتي هي من صنع المؤسسات الدولية ذاتها وليست من نسج الخيال :
- يعيش فوق كوكب الأرض 6 مليارات من البشر يبلغ عدد سكان الدول النامية منها 4.3 مليارات، يعيش منها ما يقارب 3 مليارات تحت خط الفقر وهو دولاران أميركيان في اليوم، ومن بين هؤلاء هنالك 1.2 مليار يحصلون على أقل من دولار واحد يوميا.
- وفي المقابل توضح الإحصاءات الغربية بالأرقام أن الدول الصناعية تملك 97% من الامتيازات العالمية كافة، وأن الشركات الدولية عابرة القارات تملك 90% من امتيازات التقنية والإنتاج والتسويق، وأن أكثر من 80% من أرباح إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان النامية يذهب إلى 20 دولة غنية.
- وفي البلدان النامية نجد أن نسبة 33.3% ليس لديهم مياه شرب آمنة أو معقمة صالحة للشرب والاستعمال، و25% يفتقرون للسكن اللائق، و20% يفتقرون لأبسط الخدمات الصحية الاعتيادية، و20% من الأطفال لا يصلون لأكثر من الصف الخامس الابتدائي، و20% من الطلبة يعانون من سوء ونقص التغذية.
- وفي المقابل تبلغ ثروة ثلاثة من أغنى أغنياء العالم ما يعادل الناتج المحلي لأفقر 48 دولة في العالم، كما أن ثروة 200 من أغنى أغنياء العالم تتجاوز نسبتها دخل 41% من سكان العالم مجتمعين. وتوضح الدراسات أنهم لو ساهموا بـ 1% من هذه الثروات لغطت تكلفة الدراسة الابتدائية لكل الأطفال في العالم النامي.
- وبينما يموت 35 ألف طفل يوميا بسبب الجوع والمرض ويقضي خمس سكان البلدان النامية بقية اليوم وهم يتضورون جوعا، تقل المساعدات المخصصة للدول الفقيرة عن طريق منظمة الأمم المتحدة عما تنفقه تسعة من البلدان المتقدمة على غذاء القطط والكلاب في ستة أيام فقط.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن حوالي مليار شخص سيواصلون العيش بأقل من 1،25 دولار في اليوم. وأعلن رئيس البنك الدولي روبرت زوليك ان العالم شهد عام 2010 انضمام نحو 65 مليون شخص أضافي إلى الشريحة التي تعاني من فقر مدقع، كما ان نحو 1،5 مليون طفل قد يموتون قبل بلوغ الخامسة من العمر حتى العام 2015. وقال المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك شتراوس :" إن سنوات عدة من التقدم قد ضاعت والدينامية تعثرت بسبب الأزمة التي هي ليست اقتصادية فحسب بل أيضا غذائية وفي مجال الطاقة». وأضاف ..... علينا أن ندعم الوصول إلى رفاهية مشتركة لكامل البشر لنعمل على الوفاء بالتزاماتنا ما بعد الحرب ولندعم قيام عالم خالٍ من الفقر والنزاعات".
ان الفقر الواسع النطاق وانعدام المساواة بشكل فاحش من أسوا نكبات هذا الزمان,وهناك قائمه للدول الفقيرة تضم 175دوله اغلبها افريقية واسيويه وغيرها .
اما بعض الارقام والحقائق التي تقدمها منظمه الأمم المتحدة عن حاله الفقر فوق كوكب الأرضفتشير الى عدد ضحايا الجوع في العالم اليوم الأكبر في تاريخ البشرية 1020مليار و عشرون مليون شخص فقط ؟؟؟؟,من الذين يعانون من سوء التغذية عام 2009 بزيادة 100 مائه مليون شخص فقط.؟ بالمقارنة مع عام 2008, توزعوا في مناطق العالم منها:
في آسيا 642 مليون شخص فقير فقط بزيادة 10,5 بالمئه , وفي الشرق الأوسط وشمال افريقيا42 مليون شخص فقير فقط بزيادة 13,5 بالمئه,وفي أمريكا اللاتينيه53 مليون شخص فقط وبزيادة 12,8 بالمئه ,أما الدول المتطورة فقد بلغ عدد الفقراء 15 مليون إنسان بزيادة 15,4 بالمئه عن عام 2008.
وكذلك تشير الارقام للبلدان النامية ان 33,3بالمئه لا تتوفر لهم مياه معقمه او صالحه للشرب او الاستعمال,و 25 بالمئه يفتقرون للسكن اللائق ,و20 بالمئه يفتقدون لأبسط الخدمات الصحية , و 20 بالمئه من الأطفال لا يتعدون دراسة الصف الخامس الابتدائي , و يعاني 20 بالمئه من الطلبة سوء ونقص التغذية, و يموت يوميا 35000 طفل فقط بسبب الجوع والفقر.
وتتوقع التقارير بإمكانية حصول أزمة غذاء في العالم نتيجة الأزمات الاقتصادية وخاصة الازمة المالية الحالية ، حيث قال عدد من المتابعين لحركة السوق: إن العوامل التي سببت ذلك كثيرة ومتفجرة، على غرار ما حصل مع أسعار النفط، وتحدثوا عن مخاوف مرتبطة باقتصاد عالمي ضعيف يمكن أن يحد من الطلب على المواد الأولية الزراعية الأمريكية وارتفاع سعر الدولار، مما يجعلها أغلى ثمناً للمستثمرين المزودين بعملات أجنبية أخرى".
هذه هي الإنسانية الاقتصادية الغربية القائمة على الحرية الاقتصادية والفلسفة النفعية والملكية الفردية المطلقة !!!.
وأما التقدم التقني فان له أثار أخرى سلبية على إنسانية الإنسان وهي ما يمكن تسميتها بسلبيات العولمة ونضرب لها بعض الأمثلة :
ساهم التقدم التكنولوجي بعزل الإنسان عن محيطة الاجتماعي حيث أشارت بعض الإحصائيات في الولايات المتحدة الأمريكية أن 25% فقط ممن أجريت عليهم الدراسة يعرفون من هم الجيران كما أثبتت دراسة أخرى أن الشباب في الولايات المتحدة الأمريكية يقضون أمام التلفاز وقتاً أطول من الذي يقضونه في صالات الدراسة كما أظهرت إحصائية ثالثة أن أكثر من مئة مليون طفل أمريكي أقل من أثنتي عشرة سنة يشاهدون التلفاز إلى ما بعد منتصف الليل والبالغون يشاهدون التلفاز بمعدل يقرب من 30ساعة في الأسبوع وسوف تزداد هذه العزلة مع تمكن العلماء من ربط أجهزة الهاتف والحاسوب والفاكس والتلفاز في شبكة عالمية موحدة . أما الدراسات الميدانية عن هذا الموضوع في المملكة فإنها نادرة حتى الآن.
ساهم أيضا في العزوف عن الكتاب وعن قراءته والاتجاه إلى التلفاز والحاسوب مما ادى إلى زيادة الأمية لدى عدد ليس قليل من الناس فهم لا يحبون التركيز وبذل جهد ولو يسير للحصول على المعلومة لذلك فهم يفضلون الاستماع إلى وسائل الإعلام المختلفة والتي تحتاج إلى أقل قدر من التركيز والانتباه لفهم ما تبثه أو تنشره بصرف النظر عن دقته أو مصداقيته.
ساهم التقدم التقني بالإساءة الى الأخلاق حيث إن استخدام الوسائط الإعلامية المتعددة في نشر البرامج والعروض البذئية التي يمجها ويرفضها العقل السليم من أكبر الارهاصات السيئة للعولمة ذلك أنها تتنافى مع الفطرة والتقاليد والأعراف الاجتماعية لدينا ولدى الشعوب الأخرى خصوصاً تلك التي تبثها الفضائيات أو تلك التي يتم تلقيها عبر شبكة الإنترنت والتي تشكل تهديداً للناشئة من بنين وبنات والتي يحسن الالتفات إليها كظاهرة يجب العمل على التقليل من تبعاتها وذلك عن طريق ايجاد البديل المناسب وتحصين الشباب فكرياً ضدها عن طريق التعليم السليم والتربية الراقية والإعلام المتوازن.
إن ثورة المعلوماتية والاتصالات وانتشار الإنترنت أ دت الى استخدامه في البيوت والمؤسسات والمقاهي وهذا ما يجعل تأثيره على الأطفال واضحا حيث تدل الدراسات أنه قد يؤدي الى عزل الطفل اجتماعياً وعم تفاعله مع بقية افراد الأسرة ورفاقه ، وعند المراهقين والشباب فاستخدام الإنترنت اصبح بديلاً للتفاعل الإجتماعي الصحي حيث يبقى الشاب ساعات طويلة في استكشاف مواقع الإنترنت المتعددة وهذا ينتج عنه تغيراً في مفاهيم وقيم الفرد . كما أن استخدام الإنترنت قد يعرض الأطفال والمراهقين الى مواد ومعلومات خيالية وغير واقعية مما يعيق تفكيرهم وتكيفهم وخاصة ما يتصل بنمط العلاقات الشخصية وأنماط الحياة والعادات والتقاليد السائدة في المجتمعات الأخرى .
ناهيك عن بعض الأمراض والعلل التي تسبب بها التوسع التقني في مجال الإشعاعات الضارة والتي أصبحت تدخل في كثير من الصناعات ، بالإضافة إلى الملوثات البيئية والنفايات الصناعية التي أصبحت تملأ العالم فتسبب الأمراض الصدرية والإعاقات الكبيرة لكثير من البشر .....!!!!
وإذا ما أسقطنا النظرة الإسلامية على هذا الواقع نجد أن الإسلام قد كان من ابرز اهتماماته هو الإنسان لان الإنسان هو محور الكون وهو خليفة الله في هذه الأرض وان كل ما على هذه الأرض من ثروات وخيرات ما هو إلا ملك لله استخلف الإنسان فية ليقوم به حق القيام استغلالا وتنعما بهدف إحياء الكون وعمارة الأرض ليستمر النوع الإنساني على هذه الأرض ليعبد الله على وجه هذه البسيطة حق العبادة ، قال تعالى :" وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون " إذن العبادة هي الغاية الأولى للمخلوقات على هذه الأرض ومقوم العبادة الرئيسي هو الإنسان والذي لا تتم إنسانيتة إلا من خلال رعاية الكون واستثمار ما فيه من خيرات ومقدرات تعين الإنسان على أداء رسالته المقدسة .
وتتجلى إنسانية الإسلام الاقتصادية فيما يلي:
1. التأكيد على تطبيق مبدأ الإخوة بين الناس وهو مبدأ هام ينبثق عنه قضايا كثيرة تحتاج الى تفصيل.
2. التكافل الاجتماعي ومن خلال حارب الإسلام الفقر بل اعتبره قريب الكفر..." كاد الفقر أن يكون كفرا" .... ومبدأه هو (لو كان الفقر رجلا لقتلته) وللإسلام كلام كثير حول الفقر وكيفية معالجته ليس هذا موضعها .
3. الاستهلاك الرشيد للموارد والثروات (الوظيفة ، والوسطية للاستهلاك ).
4. الأخذ بعين الاعتبار موضوع الربحيه الاجتماعية وذلك من خلال المحافظة على البيئة في حالة صحية مناسبة، والحرص على الموادّ الأولية، كالماء ومصادر الغذاء، ثم مصادر الطاقة، من التبديد والتبذير. وغني عن القول أنه لا تطور بلا زراعة وصناعة واقتصاد سليم، ولا حياة أساساً بلا ماء.( الاستخدام الأمثل للموارد والبيئة والطبيعة التي وهبها الله تعالى للإنسان وسخرها له.)
5. الالتزام بأولويات تنمية الإنتاج، والتي تقوم على توفير الاحتياجات الضرورية الدينية، والمعيشية، لجميع أفراد المجتمع دون إسراف أو تقتير، قبل توجيه الموارد لإنتاج غيرها من السلع.
6. الهدف إلانساني للتنمية الاقتصادية في الإسلام يتمثل في استخدام ثمار التقدم الاقتصادي، لنشر المبادئ والقيم الإنسانية الرفيعة متمثلة في السلام والعدل والمعرفة الكاملة بالله عز وجل.
هذه جزئيات صغيرة من أنسنه الإسلام للازدهار الاقتصادي في الكون أما ما نراه اليوم من الدمار والخراب والإبادة الجماعية للشعوب المستضعفة والتي أصبحت جزءًا من استراتيجيات التقدم والازدهار الاقتصادي ، إذ يؤدي هذا الخراب في اعتقادهم إلى إعادة التوازن في التركيبة السكانية لصالح هذه الدول المتجبرة، والذي يبدأ بعده مسلسل النهب العالمي لثروات المستضعفين من خلال ما يسمى إعادة الإعمار .
أما في النظام الإسلامي، فإن جوهر النمو الاقتصادي هو تنمية الإنسان نفسه، وليس مجرد تنمية الموارد الاقتصادية المتاحة لإشباع حاجاته، فهي تنمية أخلاقية تهدف إلى تكوين الإنسان السوي الذي يشكل نواة مجتمع المؤمنين الاتقياء الصالحين، والذي ينظر إلى التقدم المادي من منطلق الخلافة في الأرض، التي سيحاسب عليها أمام المولى عز وجل.
ولذلك فإن عمارة الأرض ليست عملاً دنيويًا محضًا، بل هي عمل تعبدي فيه طاعة لله عز وجل. ولا يتعارض الجانب التقليدي في التنمية، وعمارة الأرض مع تحقيق الرفاهية المادية للمجتمع الإسـلامي. وعلى ذلك لا تنصرف جـهود التنمية في الإسلام إلى مجــرد تحسين مستوى دخل أفراد المجتمع أو توفير حد الكفاف أو إشباع حاجاتهم الأساسية فقط ـ كما هو هدف النظم الاقتصادية المعاصرة ـ وإنما تنشد أساسًا تحقيق الكفاية المعيشية لكل فرد من أفراد المجتمع، على النحو الذي يخرجهم من دائرة الفقر إلى حد الغنى.أي تحقيق الكرامة لكل فرد من أفراد الأسرة الإنسانية على وجه هذه الأرض حينها تحقق الانسنه للتقدم الاقتصادي والازدهار العمراني ..
المراجع
odabasham.net
التصانيف
شعر شعراء أدب مجتمع