في العصر الذي سبق الإسلام كان في الشرق تقويمان: الأول المتبع في المجتمعات الحضرية التي تعتمد على الزراعة المرتبط نضوجها بالشمس وقد سمي هذا التقويم بالتقويم الشمسي المكون من 365 يوماً وربع اليوم؛ والثاني المتبع في المجتمعات الرعوية التي كانت الرعاية فيها تتم خلال الليل لذا كانت مرتبطة بالقمر، وقد سمي هذا التقويم بالقمري، ومنذ عهد عمر بن الخطاب بالتقويم الهجري المكون من 354 يوماً، وعليه فإن الفارق بين التقويمين هو 11 يوماً وربع اليوم. في أواخر العهد الجاهلي تعلم العرب من اليهود الكبس بإضافة شهر كل ثلاث سنوات على سنتهم القمرية ليثبتوا الشهور، وهو ما سُمّيَ بالنسيء، ولكن الله ألغى ذلك، فعادت السنة القمرية. نحن نرى أن كلمة (سنة ) تشير إلى التقويم الشمسي بينما كلمة (عام) تشير إلى التقويم القمري، فإذا رجعنا إلى القرآن الكريم نجد أن هناك آيات تدل بوضوح على أن كلمة (عام) تطلق على السنة القمرية مثل قوله تعالى في سورة التوبة: "فلا تقربوا المسجد الحرام بعد عامكم هذا" ومعلوم أن الآية تتحدث عن الحج وهو مرتبط بالسنة القمرية، وكذلك في قوله: " إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما" ومعلوم أنه يتحدث عن تلاعب المشركين بترتيب الأشهر الحرم وهي أشهر في السنة القمرية. أما قوله تعالى: "ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً" فيفسره بعض العلماء على أن أصحاب الكهف لبثوا في كهفهم 300 سنة شمسية بما يعادل 309 سنوات قمرية. يقول سبحانه وتعالى في سورة العنكبوت في حق نوح عليه السلام: "فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما" وهذا يدل على أن مفهوم (السنة) يختلف عن مفهوم (العام)، ويرجح أن تكون السنة شمسية والعام قمرياً. وقد لجّ بعض العلماء في تفسير الكلمتين وذهبوا في ذلك مذاهب شتى منها أن السنة ترد في القرآن الكريم لتدل على الشدة والشر بينما العام جاء ليدل على الخير والبركة والرخاء، لكنهم نسوا أن كتب التاريخ تذكر (عام الرمادة) الذي فيه أصاب الناس جدب وقحط أيام خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في آخر عام 17 ? وبداية عام 18 للهجرة.
المراجع
رابطة ادباء الشام
التصانيف
شعر أدب كتاب