كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على أن تكون أم القرى مكة المباركة هي منطلق الدعوة ، وقاعدة الرسالة ، وأن يكون أهلها -وهم أهله الأقربون - حُماة الدين وحُراس العقيدة ، على النحو الذي سبق بيانه .
ولذا فقد آلم نفسه أشد الإيلام اضطرارهم إياه للبحث عن قاعدة أخرى ، ثم الخروج إلى بلد آخر ، وهيَّج ذلك في نفسه الكريمة معاني ومشاعر كبيرة وكثيرة ، إذ لم يكن من السهل على صاحب هذه النفس العظيمة أن يصير حاله مع بلد الله الحرام التي نشأ في ربوعها ، واختلط بأهلها وأشيائها ، وتجاوبت عواطفه مع مقدساتها ، وطبعت ذكريات أيامه في مختلف نواحيها إلى الاضطرار للخروج منها .
وقد صورّ النبي الكريمُ صلى الله عليه وسلم هذه المشاعر في كلماتٍ مؤثرة خاطب بها بلد الله الحرام .
1- فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال :
(( لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال : (( أمَا والله لأخرج منك ، وأني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلىَّ ، وأكرمه على الله ، ولولا أن أهلك أخرجونى منكِ مَا خرجت )) ([1]) .
2 - وفي رواية : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من الغار التفت إلي مكة ، وقال : "أنت أحب بلادِ الله إلى الله ، وأنت أحبُّ بلاد الله إلىُّ ، ولو أن المشركين لم يخرجونى لم أخرج منك ، فأعدى الأعداء مَنْ عَدَا على الله في حرمه ، أو قتل غير قاتله ، أو قتل بذحُول ([2]) الجاهلية )). فانزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم ]وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ[([3]) (محمد : 13) .
3 - وفي رواية قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة : (( ما أطيبك من بلد ، وأحبّك إلىّ! ولولا أن قومك أخرجونى منكِ ما سكنتُ غيرك )) ([4]) .
إن حب الوطن فطرة إنسانية ، ولم تزل الشعوب على اختلاف عقائدها وميولها أجناسها متفقة على هذه الفضيلة ، متجاوبة المشاعر مع هذه الفطرة .
قال عمر t : عَمَّر اللهُ البلدانَ بحب الأوطان .
وقال ابن الزبير : ليس الناس بشيء من أقسامهم (أي ما قسمه الله لهم من الأرزاق والحظوظ) أقنع منهم بأوطانهم .
وقيل : من علامة الرشد أن تكون النفس لبلدها تواقة وإلى مسقط رأسها مشتاقة .
وقال بعضهم :
وكُنا ألِفْنـاها ولم تَكُ مَـأْلَفاً وقد يؤلف الشيء الذي ليس بالحسن
كما تُؤْلَفُ الأرضُ التي لم يَطِبْ بها هـواءٌ ولا ماءٌ ولكنـها وطـن
وقالت الهند : حرمة بلدك عليك كحرمة أبويك .
وقالت الفرس : تربة الصبي تغرس في القلب حرمة كما تغرس الولادة في الكبد رقة([5]).
ولئن كان هذا الشعور بحب الوطن أمراً فطريا مركوزاً في النفوس ، فإن الدعوة المباركة التي جاء بها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قد دَعت إليه ، وحببت فيه ، هذا في عموم الأوطان وعموم الناس ، فكيف إذا كان الوطن هو مكة بلدَ الله الحرام ، وأحبَّ البلاد إلى الله ، وكان المواطن هو محمَد بن عبد الله أرق الناس قلبا ، وأصفاهم نفسا ، وأقربهم مودة؟! لقد ظل الشعور بالحنين إلى مكة ملازما للنبي صلى الله عليه وسلم ، لا يقدم عليه من مكة قادم إلا سأله عنها ، واهتز قلبه شوقا إليها .
4 - روى ابن شهاب الزهرى قال :
(( قدم أصَيْلٌ الغفارىُّ قبل أن يُضرب الحجابُ على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل على عائشة رضي الله عنها ، فقالت له : يا أصَيْل ، كيف عهدت مكة؟ قال : عهدتها قد أخصب جنابها ، وابيضت بطحاؤها . قالت : أقمْ حتي يأتيك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلم يلبث أن دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا أُصَيْل، كيَف عهدت مكة؟ )) قال: عهدتُها والله قد أخصب جنابها، وابيضتْ بطحاؤها([6])، وأعذق إذخرها، وأسلب ثُمامُها، وأمْشَر سَلْمُها([7]).فقال: حسبك يا أصَيْل! لا تُحْزِنَّا"([8]) .
وفي رواية أنه قال له : (( يا أصَيْل ، دع القلوبَ تقر )) ([9]) .
5 - ورواه الحسن ، عن أبَان بن سعيد بن العاص رضي الله عنه ، أنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له : (( يا أبَانُ ، كيف تركتَ أهلَ مكة؟ )) قال : تركتُهم وقد جَيَّدُوا . وذكر نحو حديث أصيل ([10]) .
وكان صلى الله عليه وسلم يسمع كلام أصحابه رضوان الله عليهم في الحنين إلى مكة ، فيرق لحالهم ، ويقدّر عواطفهم ، ويدعو لهم بأن يحبِّب الله إليهم المدينة كما حبّب إليهم مكة .
6 - فعن عائشة رضي الله عنها قالت :
(( لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وُعك ([11]) أبو بكرٍ وبلالٌ )) . قالت : فدخلتُ عليهما ، فقلتُ : يا أبت ، كيف تجدك ؟ يا بلاَلُ ، كيف تجدك ؟ قالت : فكان أبو بكر إذا أخذته الحُمَّى يقول :
كلُ امرئ مُصَبَّحٌ في أهله والموتُ أدنى من شِرَاك نعله ([12])
وكان بلالٌ إذا أقلع عنه الحُمَّى يرفع عقيرته([13]) ، ويقول :
ألا ليتَ شِعرى هل اْبيتنَّ ليلةً بوادٍ وحولى إِذْخَرٌ وجَليل([14])
وهل أرِدَنْ يوما مياه مَجَنَّة وهل يَبْدُوَنْ لىَ شامةٌ وطَفِيل ([15])
قالت عائشة : فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرتُه ، فقال : "اللهمَّ حببْ إلينا المدينة كحبّنا مكةَ أو أشد ، وصحّحْها ، وبارك لنا في صاعها ومُدِّها ، وانقل حمَّاها فاجعلها ، بالجُحفة )) ([16]) .
زادت في رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم العن شيبة بن ربيعة ، وعتبة ابن ربيعة ، وأمية بن خلف ، كما أخرجونا من أرضنا إلى أرضر الوباء"([17]) .
ولم يزل هذا الحنين إلى البلد الحرام يزداد ، حتى فتحها الله عليه ، فدخلها قائدأَ فاتحا مُظفَّرا ، ولم يفتأ يخاطبها بنفس الشوق الذي خاطبها به يوم اضطر إلى الخروج منها .
7 - فعن عبد الله بن عدىّ بن سمراء الزهرى رضي الله عنه (صحابى جليل أسلم عام الفتح) قال :
(( رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم واقفا على الحَزوَرَة([18]) ، فقال : (( والله إنك لخيرُ أرض الله ، وأحبّ أرض الله إلى الله ، ولولا أني أخرِجت منكِ ما خرجت )) ([19]) .
8 - وعن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على الحُجُون([20]) عام الفتح ، فقال : (( والله إنك لخير أرض الله ، ولولم أخرجَ منك ما خرجت ، وإنها لم تحلَّ لأحدٍ كان قبلى ، وإنَما أحِلَّت لى ساعة من نهار... )) الحديث([21]) . ويرحم الله البوصيرى حيث قال :
ويح قوم جَفَوْا نبيّا بأرضٍ ألِفَتْه ضبابها والظباءُ
وسَلَوْه وحَنّ جذغ إليه وقَلَوْه وودَّه الغرباء
دعاؤه صلى الله عليه وسلم عندخروجه من مكة :
مضى النبي صلى الله عليه وسلم خارجا من مكة مهاجراً إلى ربه ، ونفسه على حالها الدائم من الاتصال بمولاه ، واللجوء إليه بالدعاء وطلب المعونة .
9 - فقد روى أبو نعيم من طريق إبراهيم بن سعد ، عن محمد ابن إسحاق قال :
بلغنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة مهاجراً إلى الله يريد المدينة قال : "الحمد للّه الذي خلقنى ولم أكُ شيئا . اللهم أعني على هول الدنيا ، وبوائق الدهر ، ومصائب الليالى والأيام . اللهم اصحبنى في سفرى ، واخلُفنى في أهلى ، وبارك لى فيما رزقْتنى ، ولك فَذللنى ، وعلى صالح خُلُقى فقوِّمْنِى ، وإليك ربِّ فحبِّبْنى ، وإلى الناس فلا تكلنى ، أنت ربُّ المستضعفين ، وأنت ربى ، أعوذ بوجهك الكريم الذي أشرقت له السمَواتُ والأرض ، وكُشفت به الظلمات ، وصلح عليه أمرُ الأولين والآخرين ، أن تُحِلَّ علىّ غضبَك ، وتنزلَ بى سخطك أعوذ بك من زوالى نعمتك ، وفجأة نقمتك ، وتحَوُّل عافيتك ، وجميع سخطك . لك العتبى خير ما استطعت ، لا حول ولا قوة إلا بك )) ([22]) .
صلى الله عليك يا رسول الله !
ما أشبه دعاءه عند الخروج من مكة مهاجراً بدعائه يوم عاد من الطائف كسيراً حزينا! .
وما أشبه حاله في هذا اليوم بحاله في اليوم الآخر! وها هو ذا قلبُه يتصل بالملأ الأعلى ، فيترجم لسانه هذا الاتصالَ دعاءً عذبًا يفيض إخلاصًا وايمانا .
([1]) أخرجه أبو يعلى الموصلى في مسنده 5/69(2662) ، وقال الهيثمي في المجمع 3/283 :"رجاله ثقات " ، وأخرجه ابن سيد الناس في "عيون الاثر"6/219 بسنده .
([2]) الذُّحول : جمع ذَحل ، وهو العداوة ، وهو أيضا : الوتر وطلب المكافاة بجناية جنيت عليه من قتلِ أو جرح أو نحو ذلك . (النهاية 2/155) .
([3]) نقله ابن كثير في تفسير الآية عن ابن أبي حاتم باسناده ، وعزاه السيوطى في الدر المنثور 6/48 إلى ابن أبي حاتم وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه .
([4]) أخرجه الترمذى -وقال : "حسن غريب من هذا الوجه "-في كتاب : المناقب ، باب : في فضل مكة 5/679-680 ، والطبراني في الكبير 10/325 ، 329 (10624 ، 10633) ، وصححه ابن حبان 9/23 (2709) ، والحاكم 1/486 ووافقه الذهبي .
([5]) انظر : ربيع الأبرار للزمخشري 1/197: 198 .
([6]) أخصب جنابها : أي أخصبت ناحيتها ، والجنَاب ، بالفتح : الفناء ، وما قرب من محلة القوم ، والجمع : أجنبة ، يقال : أخصب جَناب القوم ، وفلان خصيب الجناب ، وجديب الجناب ، وتقول : مروا يسيرون جناَبيه ، أي ناحيتيه (الصحاح للجوهرى 1/102) .
والبطحاء ، والأبطح : مسيل واسع وفيه دقاق الحصى ، وبطحاء مكة : مسيل واديها (انظر : الصحاح للجوهري 1/356 ، والنهاية 1/134) .
([7]) قال ابنِ الأثير في "أسد الغابة" 1/121-122 : "قوله (أعذق إذخرها) : أي صارت له أفنان كالعذوق ، والإِذخر : نبت معروف بالحجاز . و"أسلب ثُمامها" : أي أخوص ، وصار له خوص ، والثُمام : نبت معروف بالحجاز ، ليس بالطويل . وقوله "أمشرَ سَلْمُها" : أي أورق واخضرّ .
([8]) مرسل ، ذكره ابن الأثير في "أسد الغابة" 1/121 نقلاً عن ابن عبد البرِ وأبي موسى . وأخرجه الخطأبي في غريب الحديث ا/278 بسنده إلى ابن شهاب الزهرى ، وعنه "وأمش سَلَمُها" وقال : (هكذا قال الخزاعى ، وقال : يريد أنه قد أخرج مُشَاشه وهو ما يخرج في أطرافه ناعما رخصا كالمشاش . وهو غلط ، وانما هو "أمشر سَلَمُها "أي أورق واخضر" .
([9]) عزاه ابن حجر في الإصابة 1/53(213) في ترجمة "أصيل " لأبي موسى في الذيل .
([10]) ذكره ابن الأثير في "أسد الغابة ، 1/121 وقال : "قوله : جَيَّدوا" : أي أصابهم الجَود ، وهو المطر الواسع ، فهو مجوِد" .
([11]) وُعِك ، بضم أوله وكسر ثانيه : أي أصابه الوعك ، وهي الحمى (فتح الباري 7/262 ، وسبل الهدى والرَشاد 3/432) .
([12]) مصَبَّح ، بوزن محمد : أي مصاب بالموت صباحا . وقيل : المراد أنه يقال له وهو مقيم بأهله : صبحك الله بالخير ، وقد يفجؤه الميت في بقية النهار ، وهو مقيم بأهله .
والشِّراك ، بكسر المعجمة وتخفيف الراء : السير الذي يكون في وجه النعل ، والمعنى : أن الموت أقرب إلى الشخص من شراك نعله لرجله ، (فتح الباري 7/262-263 ، وسبل الهدى والرشاد 3/432) .
([13]) أي يرفع صوته ببكاء أو غناء..قال الأصمعى : أصله أن رجلاً انعقرت رجله ، فرفعها على الأخرى ، وجعل يصيح ، فصار كل من رفع صوته يقال : رفع عقيرته ، وإن لم يرفع رجله . (فتح الباري 7/263 ، وسبل الهدى والرشاد 3/433) .
([14]) بواد : أي بوادى مكة . وجليل : نبت ضعيف يحشى به خصاص البيوت وغيرها (فتح الباري 7/263) . وقالً ابن الأثير : "الجليل : الثمام ، واحده جليلة ، وقيل : هو الثٌّمام إذا عظم وجل " (النهاية 1/288) .
([15]) مجنة -بفح الميم وتشديد النون المفتوحة وآخره تاء مربوطة -: موضع على أميال من مكة ، كانت إحدى أسواق العرب في الجاهلية ، تقوم في العشر الأواخر من ذى القعدة (انظر فتح الباري 7/263) ، ومعجم المعالم الجغرافية في السيرة ص 282) . وشامة -بالشين المعجمة وألف وميم مخففا : جبل بالساحل جنوب غربى مكة ، مر بقربه طريق اليمن المزَفت ، تجاوره حَرَّة تسمى "طفيل"-بفتح الطاء المهملة وكسر الفاء ، ثم مثناة تحت ولام -وتقرن معه ، فيقال : شامة وطفيل ، وهما من ديار الجحادلة من كنانة (معجم المعالم الجغرافية في السيرة ص 167 ، 187) .
([16]) الجُحفَة ، بجيم مضمومة ، وحاء ساكنة ، وفاء ، ثم هاء : مدينة كانت عامرة على طريق الحاج بين الحرمين ، . توجد اليوم آثارها شرق مدينة رابغ بحوالى (22) كيلاً ، إذا خرجت من رابغ تؤم مكة كانت إلى يسارك حوز السهل من الجبل (انظر : معجم المعالم الجغرافية في السيرة ص 79-80 ، وعلى طريق الهجرة ص ه ه وما بعدها) .
والحديث أخرجه البخاري في كتاب : مناقب الأنصار ، باب :مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة 7/262 (3926) وانظر أرقام (1889 ، 5654 ، 5677) ومختصراً (6372) ، ومسلم مختصرا في كتاب : الحج ، باب : الترغيب في-سكنى المدينة والصبر على لأوائها 2/1..3 (1376/480) ، ومالك في الموطا : باب : ما جاء في وباء المدينة 2/679 (14) وابن إسحاق (السيرة النبوية 1/588 -589) وابن حبان 9/40-41 (3724) ، والبيهقي في الدلائل 2/565 ، 566 ، 567 ، 568 ، 569 ، والبلاذرى في فتوح البلدان ص ه 2 ، وأحمد 6/65 ، 222 ، 240 2 ، 260 ، ومختصراً 6/56 .
([17]) أخرجه البخاري في كتاب : فضائل المدينة ، باب : 0 0 0 4/99 (1889) .
([18]) حزورة -بوزن قسورة -: معناها : الرابية الصغيرة ، أو التل الصغير ، وهي موضع بمكة عند باب الحناطين (النهاية 1/380) وهي ما يعرف اليوم باسم "القُشَاشيّة": مرتفع يقابل المسعى من مطلع الشمس ، وكان - ولا يزال- سوقا من أسواق مكة . (معجم المعالم الجغرافية في السيرة ص 98) .
([19]) أخرجه الترمذى -وقال :حسن غريب صحيح - في كتاب: المناقب ، باب : في فضل مكة 5/679(3925) وابن ماجه في كتاب : المناسك ، باب : فضل مكة 2/1037 (3108) ، وأحمد 4/305 ، وصححه ابن حبان 2/29(3708) ، والحاكم على شرط الشيخين 3/7 ، 280 ، 431 ، ووافقه الذهبي ، وأخرجه البيهقي في الدلائل 2/517-518 . وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة ، والاصح أن الحديث عن عبد الله بن عدى . (انظر : البداية والنهاية 3/203 -204) .
([20]) في معجم البلدان لياقوت 2/225 أن الحجون -بفتح الحاء -جبل بأعلى مكة عند مدافن أهلها . وقال الأصمعى : هو الجبل المشرف الذي بحذاء مسجد البيعة على شعب الجزارين ، ويقول عاتق بن غيث البلادى : الحُجون -بضم الحاء والجيم -: الثنية التي تفضى على مقبرة المعلاة ، والمقبرة عن يمينها وشمالها مما يلى الأبطح ، تسمى الثنية اليوم "ريع الحجون " والبادية تسميه "ريع الحجول " (معجم المعالم الجغرافية في السيرة ص 93-94) .
قلت : وتد يكون الجبل يسمى الحجون ، والثنية تسمى ثنية الحجون ، فلا اختلاف ، والله أعلم .
([21]) (2) أخرجه أبو يعلى بسند حسن في المسند 10/362 (5954) ، والبزار (1157) وهو في الصحاح غير الجملة الأولى التي هي موطن الشاهد .
أقول : والأحاديث المتكاثرة في كون مكة خيرَ بلاد الله وأحبّها إليه ترد الحديث الذي أخرجه الحاكم 3/3 -ومن طريقه البيهقي في الدلائل 2/519- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :-(اللهم إنك أخرجتنى من أحبِّ البلاد إلىَّ ، فاسكنِّى أحب البلاد إليك) ، فأسكنه الله المدينة . قال الحاكم : "رواته مدنيون من بيت أبي سعيد المقبرى" . قال الذهبي : "لكنه موضوع ، فقد ثبت أن أحب البلاد إلى الله مكة ، وسعد (ابن سعيد المقرى) ليس بثقة" . وقال ابن كثبر : "هذا حديث غريب جدأَ ، والمشهور عن الجمهور أن مكة أفضل إلا المكان الذي ضم جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم " (البداية والنهاية 3/203) .
([22]) البداية والنهاية 3/176-177 ، وسبل الهدى والرشاد 3/345 ، وهذا حديث معضل ، غير أنه لا يتعلق بأحكام شرعية ، بل هو بباب فضائل الأعمال ألصق ، فلذا أوردته هنا . والله أعلم .
المراجع
odabasham.net
التصانيف
شعر شعراء أدب مصطلحات دينية