للوصول إلى إجابات مقنعة ومُطَمْئِنة حول الحريق الهائل في أراضي الكرمل المحتلة،تطرح لجان التحقيق الصهيونية العديد من الأسئلة الكبيرة بحجم الحدث،والبديهية في نفس الآن،والتي منها،هل كان حريق الكرمل حادثا عرضيا سَبَّبه الإهمال وعدم المسؤولية؟أم أنه عمل "إرهابي" مُدبَّر؟وإن كان كذلك،فمن الفاعل؟ومن الجهة التي تقف وراءه؟وما هي الأهداف المرجوة منه؟وهل هذه العملية المفترضة ستفتح الباب لعمليات مماثلة مستقبلا؟وهل صحيح أن القاعدة وصلت إلى العمق الصهيوني بعد تبني العملية من قبل "جماعة مأسدة المجاهدين" المتناغمة معها بالفكر؟أم أن "مجموعات عماد مغنية" هي من فعلتها كما ورد في إحدى البيانات؟أم أن هذه مجرد فرقعات إعلامية يطلقها هواة عبر شبكة الانترنت؟
كثيرة هي الأسئلة في هذا الشأن،وكل احتمال وارد لدى المحققين،ويبقى المجال مفتوحا أمامهم لطرحها حتى يصلوا إلى نتيجة ينبني عليها عملهم القادم تجاهنا.
ولكن،ثمة أسئلة مُهِمَةٌ مُهمَلة ٌمُبهمة،لا بد وأن نطرحها على أنفسنا نحن ونبحث لها عن إجابات،علها تحل شيئا من إشكالاتنا العديدة ومن أهمها،لماذا يمتلك الكيان اليهودي بوارج حربية وأساطيل من أحدث طرز الطائرات لإحراقنا عن بكرة أبينا،من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر،كما كان يقول أحمد سعيد في إذاعة صوت العرب،وليس لديه الجاهزية لمواجهة مثل هذا الحريق ؟وهو ما دعا قادته لطلب النجدة من العديد من دول العالم بادئين بدول الجوار المسالمة وحتى سلطة رام الله!
بمعنى،لماذا لم يكن لديهم مسبقا طائرات عملاقة بحجم الطائرة الروسية التي هبت لمساعدتهم تحسبا لأي ظرف طارئ؟هل لأنهم يرون أنفسهم في موقع هجوم ومرحلة الدفاع مستبعدة وأنهم محصنون بشكل كافي؟وذلك باستقرائهم لحال أمتنا الماثل أو المائل والتي لا يتوقع منها أن تتجرأ على القيام بما دون هذا الفعل،في ظل ركون بعض نظمها للسلام واكتفاء البعض الآخر بالتسمي بدول الممانعة،واطمئنانهم لأن برامج التسلح والمليارات التي تنفقها جميع دولنا تعد للاقتتال العربي – العربي على الحدود والنفط والمياه وللاستخدام بالاضطرابات الداخلية ومكافحة ما يسمى الإرهاب فقط؟ أم لأن قادة الكيان يدركون أنهم بين عرب نخوجيين بطبعهم وأصحاب شهامة متناهية،يعرفون حق الجوار على أصوله،فما عندهم من طائرات وإطفائيات وخبرات ورجال إنقاذ يقدمونها رخيصة لجيرانهم وقتما اقتضت الحاجة؟ فقاموا بتوفير أموال الخزينة لاستخدامها في أمور إحتلالية أخرى؟!
كلها احتمالات ووجهات نظر،ولكن من الجانب الآخر،ألا يدلل اضطراب الكيان وقلقه ومناشداته على هشاشته وضعف جبهته الداخلية والقدرة على هزيمته في حال وجود رجال مؤمنين صادقين بقضيتهم؟وأن قوة الكيان الوهمية مستمدة من ضعفنا وهواننا؟وأن أسطورة الجيش الذي لا يقهر أكذوبة عرف الكيان إشاعتها فصدقناها لسذاجتنا؟
واستكمالا للاحتمالات،في حال كانت إحدى الجهات الجهادية هي من قامت بهذا العمل،فهل سيفتح باب التوقعات والفرار لدى قاطني الكيان واسعا بعد زعزعة ثقتهم بقدراته وجاهزيته؟وهل سيضاف "سلاح الإحراق الفتاك " إلى أسلحة المجاهدين مستقبلا؟ فنسمع غدا أو بعد غد أو في الأشهر القادمة عن حرائق أخرى مماثلة في حيفا أو الناصرة أو يافا مثلا؟ فيكون عام 2011 هولوكوست اليهود في فلسطين،وقد كلف حريق الكرمل الكيان لحد هذه اللحظة ستين مليون يورو،وكان سيكلفه أكثر من هذا بكثير لولا مساعدته من الخارج.
وسؤالي الأخير هل تعتقدون أن خسائر الكيان من هذا الحريق ستدفع لهم بطريقة أو بأخرى ومن جيوبنا كشعوب،ولربما تقدمها ما تسمى بجامعة الدول العربية تحت بند المساعدات لدولة منكوبة؟ لا تستغربوا فقد عودتنا هذه الجامعة على تقبل أي شيء ضدنا.
وحتى تأتي الأيام بالإجابات التي يتوفر لدي إحداها بقوله تعالى : {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ }[المدثر:31 ] أسأل الله أن تكون هذه النيران المشتعلة مقدمة لنيران الآخرة التي نسمع فيها تحاورهم كما قال رب العزة في كتابه العزيز : {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ النَّارِ } [ غافر:47 ] والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

المراجع

factjo.com

التصانيف

شعر  شعراء  أدب  مصطلحات دينية