وليس البكا أن تسفح العينُ إنما أحرُّ البكاءين البكاء الموَلَّجُ
أتُمتِعُني عيني عليك بدمعة وأنت لأذيال الرَّوامس مُدْرَجُ
فإني إلى أن يدفن القلبُ داءه لِيَقْتُلَنِي الداءُ الدفين لأَحوجُ
عفاءٌ على دارٍ ظعنتَ لغيرها فليس بها للصالحين مُعَرَّجُ
ألا أيها المستبشرون بيومه أظلت عليكم غُمة ٌ لا تفرَّجُ
أكلُّكُم أمسى اطمأن مِهادُه بأنّ رسول الله في القبر مُزْعَجُ
فلا تشمتوا وليخسإ المرءُ منكُم بوجهٍ كأَنَّ اللون منه اليَرَنْدَجُ
فلو شهد الهيجا بقلبِ أبيكُم غداة َ التقى الجمعان والخيلُ تَمْعَجُ
لأَعطى يد العاني أو ارمدَّ هارَباً كما ارْمَدَّ بالقاع الظليمُ المهيَّجُ
ولكنه ما زال يغشى بنحره شَبا الحرب حتى قال ذو الجهل أهوجُ
وحاشا له من تِلْكُمُ غيرَ أنه أبَى خطة َ الأمر التي هي أسمجُ
وأين به عن ذاك لا أين إنه إليه بِعِرْقَيْهِ الزَّكيين مُحْرَجُ
كأني به كالليث يحمي عرينَه وأشبالَه لا يزدهيه المُهَجْهجُ
يَكرُّ على أعدائه كرَّ ثائرٍ ويطعنهم سُلْكَى ولا يتخلَّجُ
كدأْب عَليٍّ في المواطن قبله أبي حسن والغصن من حيث يخرجُ
كأني أراه والرماح تَنوشُه شوارعَ كالأشطان تُدْلَى وتُخْلَجُ
كأني أراه إذ هوى عن جواده وعُفِّر بالتُّرْبِ الجبينُ المشجَّج
فحُبَّ به جسماً إلى الأرض إذ هوى وحُبَّ به روحاً إلى اللَّه تعرجُ
أأرديتُم يحيى ولم يُطْو أَيْطَلٌ طِراداً ولم يُدْبر من الخيل مَنْسِجُ
تأتَّتْ لكم فيه مُنَى السوء هَيْنَة ً وذاك لكم بالغي أغرى وألهجُ
تُمَدُّون في طغيانكم وضلالكم ويُسْتدرَج المغرور منكم فُيُدْرَجُ
أَجِنُّوا بني العباس من شَنآنكم وأوْكُوا على ما في العِيَابِ وأشْرِجوا
وخلُّوا ولاة َ السوء منكم وغيَّهم فأحْرِ بِهِمْ أن يغرقوا حيث لحَّجوا
نَظَارِ لكم أنْ يَرجع الحقَّ راجعٌ إلى أهله يوماً فتشجُوا كما شجوا
على حين لا عُذْرَى لمُعتذريكُم ولا لكُمُ من حُجة اللَّه مخرجُ
فلا تُلْقِحُوا الآن الضغائن بينكم وبينهُم إنَّ اللواقح تُنْتجُ
غُرِرتم إذا صدَّقْتُمُ أن حالة تدوم لكم والدهر لونان أخْرَجُ
لعل لهم في مُنْطوِي الغيب ثائراً سيسمو لكم والصبحُ في الليل مُولجُ
بمَجرٍ تضيق الأرضُ من زفَراته له زَجَلٌ ينفي الوحوشَ وهَزْمَجُ
إذا شيمَ بالأبصار أبرقَ بيضُه بوارقَ لا يستطيعُهُنَّ المُحمِّجُ

 

عنوان القصيدة: أمامك فانظر أيَّ نهجيك تَنْهُج2

بقلم ابن الرومي


المراجع

adab.com

التصانيف

شعر   الآداب