اطلعت قبل أيام على عدة أعداد من صحيفة "مكة" وأعجبت بمظهرها الأنيق وطباعتها المتميزة وبالنخبة المرموقة من الكتاب الذين استقطبتهم الصحيفة ،ولقد كانت بصمات الأخ الدكتور عثمان الصيني واضحة في زوايا الجريدة وتبويبها وإخراجها بالشكل الجذاب الذي خرجت به، وهو الذي سبقته إلى "مكة" سيرته العطرة وإنجازاته المتميزة في "الوطن" و" المجلة العربية " وغيرهما.
إذاً أين تقع "ولكن"؟.. الموقع الأول هو أنك لو حجبت الجزء الذي يظهر عليه اسم الصحيفة ثم قارنتها بنظيراتها لما تمكنت من تحديد هويتها، فمكة تسير على خطى غيرها من الصحف المحلية ولعلي أتمكن من تسمية صحيفتين أو ثلاث لا تختلف عنها "مكة" إخراجاً ومضموناً.
إن مقومات نجاح أي صحيفة لابد أن تشتمل على عنصري التمويل والتحرير، ولكنني أحسب أن أحد أهم هذه المقومات هو الشخصية المنفردة للصحيفة، وأي شخصية أكثر تفرداً من أن تحمل الصحيفة اسم "مكة" وتنطلق من ربوعها وتتحدث باسمها؟ ..هذه التسمية في حد ذاتها تضع على الصحيفة عبئاً ثقيلاً وهو أن ترتقي إلى شرف المسمى، وتكبلها بقيود معنوية حول ما تستطيع أو لا تستطيع أن تكونه الصحيفة.. لقد كنت أتمنى لو أن الصحيفة احتفظت باسم "الندوة" مع إدراكي أن ذلك الاسم قد اضطربت سيرته بما عصف بالندوة من مشكلات إدارية ومالية، ولكنني أظن أن اسم "الندوة" كان يمكن أن يحافظ للصحيفة على إرث تاريخي ثري، وكان يمكن أن يساعد الصحيفة على تحديد هوية ثقافية تبلور شخصيتها وتجعل من اسم "الندوة" مدخلاً لأن تصبح الصحيفة فعلاً منتدى فكرياً متعدد الأفكار والأهواء.
قد يقول قائل إن الوقت قد فات على مراجعة التسمية، ولعل الأمر كذلك، ولكنه بالتأكيد لم يفت على تحديد الهوية، وعلى أخينا الدكتور الصيني وزملائه أن يساعدونا على فهم ماذا تعني لهم صحيفة "مكة"؟ وماذا يريدون لها أن تحقق بالإضافة إلى النجاح المالي؟ وكيف يمكن للصحيفة أن تبرز أنها الوحيدة التي تصدر من أقدس مدن الكون؟ لعل الإجابة في نظري تتمثل في أن تكتسب الصحيفة حلة ثقافية فكرية تاريخية عقدية حوارية لا يحظى بها ولا يستحق أن يستأثر بها سواها لأنها تحمل اسم أشرف بقاع الأرض.
المراجع
موقع قبلة الدنيا مكة المكرمة
التصانيف
مكة المكرمة