حتى لا نعود الى الوراء, بعد طول المعاناة و عظم التجربة, وحتى لا يتكرر المشهد , الذي سئمناه , من التزوير او الاتهام بالتزوير , وحتى لا تبقى الساحة الاردنيه ميدانا للخلاف و ارضا خصبة يستغلها المغرضون لخلق الفتن , و تمزيق النسيج الاجتماعي حتى بداخل الاسرة الواحدة , فقد آن الاوان للتوقف جديا و التفكير مليا كيف نصنع الديومقراطية , بمفهومها الانساني الذي اوجدت من اجله , وكيف نحميها لتبقى صالحة , و نحافظ على استمراريتها , دون ان تستغل من فاسد لا يرى من الحياة الا الجانب المظلم , او لا يرى النفع و الخير لغير ذاته, او من حاسد حاقد يجد بها فرصة لنفث السموم و الايقاع بغيره , او يعمد الى تصفية حسابات باغتيال شخصية منافسه, باتهامات يختلقها له بغير حق او خشية من قانون رادع سماوي او ارضي .

ليس كافيا عمل اللجنة الوطنية للحوار , من اجل ايجاد قانون عصري للانتخابات النيابية , مع الاعتراف انهم اكْفاء و مخلصون ومنتمون , و لديهم الخبرة و التجربة , و نحن بهم واثقون , الا ان القانون يمس كل مواطن , فقبل ان ننحى باللائمة على اللجنة , علينا جميعا ان نقوم بواجبنا الوطني الذي هو فرض عين , بأن نبادر من تلقاء انفسنا بطرح الاراء والافكار الهادفة البناءة , الخالصة من الشوائب , الرامية لتحقيق المصلحة الوطنية , لا ان نركز على الرغبات الفردية و خدمة الجهوية , فالوطن اسمه الاردن و اهله اسمهم الاردنيون , لا تفاضل بينهم الا بالأمر الصالح و النظر الثاقب , فالعالم و المجرب و الخبير منهم يخدم الجاهل و اليافع و القاصر , لا ان يستغل و ضعهم ليسيطر على تحريكهم بالاتجاه الخاطئ الذي ينجم عنه الفوضى و التشرذم و الغوغاء , ليكسب من خلالهم حاجة ما كان له ان يحققها بالعدل و القانون , فالكرة اولا و اخرا في ملعب المواطن للفشل او النجاح.

ان الهيئه التي ستشكل للاشراف على الانتخابات , مهمة جدا وعليها مسؤولية شريفة مشرفة , بأن تخرج لنا انتخابات نزيهة , لا غش و لا خداع, بيضاء تسر الناظرين , و لكن الاكثر اهمية منها هو قانون الانتخابات الذي ستتولى امر تنفيذه , و هنا نقول للسادة النواب اهل التشريع , والذي بهم يكتسب القانون شرعيته , انه سيسجل التاريخ عليكم اداءكم لشرف الامانة التي تحملون , نيابة عن انفسكم و نيابة عن المواطنين و عن الاجيال القادمة , فسوف يكون القانون هذا زهوكم وفخركم, و مقياس و طنيتكم وانتمائكم , و سيد البلاد قائد الوطن , هو ضامن لكم و طالب منكم ان تحسنوا صنعا بوطنكم , و هو المبادر الاول بالافكار و المنادي بالاصلاح بكل ثقه و دون تردد, و هو بذلك يستحق من شعبه منحه و سام الشجاعه, ( الاقدام ) .

ثم ان اللجنه الوطنية للحوار , و الهيئه المشرفة على الانتخابات , وقانون الانتخابات , جميعهم , ليسوا ضمانه للانتخابات الحره النزيهة, ان لم يكن الناخب على مستوى عال من الوعي , غير متحيز لفئة او طائفة او جهوية , و غير ناصر لاخيه ظالما او مظلوما , بل هو اردني ولا اسم له سواه, يعمل لصالح الوطن و ينتخب الافضل , حتى يلتئم مجلس للنواب , كله كفاءات , حملة شهادات , اهل خبرات , تتغذى السياسة من سياستهم , وينموا الاقتصاد من غزارة علمهم , و يقضى على الفساد بنزاهتهم و شرفهم و عفة نفوسهم , و تحل المعاضل من حسن ادارتهم , و حينها سينتزعون منا انتزاعا الثقه بهم , و يستحقون منا ان نسميهم نخبة الوطن .

حمى الله الاردن وشعبه و مليكه .


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   عبير الزبن   جريدة الدستور