ارتباط مسؤولية خدمة ضيوف الرحمن بأكثر من جهة يُشكِّل تحدّيًا كبيرًا في أداء هذا القطاع وقيامه بالمهام المنوطة به، ولأن تقديم هذه الخدمة ليس من قبيل الترف وإنما هو واجب ديني عظيم فهي مُقدَّمة لضيوف الرحمن فإن أي تقصير فيها يُعرّض المقصر للعقوبة وغضب الرحمن، ولو وضع كل من يعمل في خدمة الحجاج ذلك نصب عينيه لأبدع في أدائه واحتسب ما يتكّبده من عناء.. وعلى الرغم من وجود وزارة مسؤولة منوط بها خدمة الحجاج تبدع في عملها إلا أنها تشرف على مؤسسات أرباب الطوائف التي تأسست منذ أكثر من 38 سنة وتتقاضى نفس الأجور التي لم تعد تُحقِّق لها الرافد الذي يُمكّنها من تحسين الخدمة.. صحيح أن نظام تحوّلها إلى مؤسسات منحها شيئًا من المرونة التي قد تطلق لها العنان في الاستثمار إلاّ أن الأمر يحتاج إلى وقت حتى يتمكن من تحقيق العوائد المجزية، أقول على الرغم من ذلك إلا أن ثمة جهات أخرى تتقاسم مسؤولية الخدمة والنجاح مع تلك (المؤسسات والوزارة والجهات الأمنية التي تشرف عليها).. ولا شك أن لجان الرقابة والمتابعة في الوزارة تلعب دورًا إيجابيًا في تقييم وتعديل مسارات الخدمة إلا أنه قد يشوب بعض أفرادها الإمعان في تضييق الخناق ورصد المثالب دون المناقب وقد يُلتمس لها بعض العذر -لأن الخدمة لا تحتمل الخطأ- لكن المطلوب منها أن تكون أدوات مساندة وتشجيع للعاملين في شؤون الحج وتذليل العقبات التي تواجههم.. فعمل الحج الموسمي كالحلقات، تعتمد إحداها على الأخرى، ويواجه العديد من التحدّيات التي يعرفها من عمل منذ نعومة أظفاره في هذه المهنة وعرف معاناة الآباء والأجداد فيها.. وثمة تحديات متكررة لا بد من التأمل في دراستها بعناية ومنها:
• أن العاملين في الحج من موظفين وعمال هم يعملون على بنود الوظائف المؤقتة الموسمية التي تواجه تحديات نقص الخبرة ثم سرعة الاختيار الجيد للعمالة الداخلية ثم معاناة الوكلاء في استقدام العمالة الخارجية اللازمة التي قد لا تتوفر في السوق خاصة في نقل الأمتعة ومسؤولية تأمينها يتقاسمها عدد من الوزارات مثل الحج والعمل والخارجية ومن ثم السفارات والقنصليات وتصطدم بإجراءات ما تزال مستمرة تقتضي عدم منح التأشيرات الموسمية إلا في مواعيدها التي قد تتأخر حتى شهر شوال من كل عام، فضلًا عن تأخر تأمين التأشيرات في السفارات وإنهاء إجراءات الجوازات للعمالة نظرًا لارتباطها بمواعيد منح التأشيرات الموسمية المرتبطة هي الأخرى في أجهزة السفارات بمواعيد وكل ذلك يؤثر في استقدام العمالة الموسمية.
• إن الجهود الرائعة لكل من لجنة الحج المركزية برئاسة صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة ولجنة الحج العليا برئاسة صاحب السمو الملكي وزير الداخلية تلعب دورًا كبيرًا في تذليل العقبات التي تواجه الجهات المنوط بها خدمة الحجاج غير أن ثمة جانب في المسؤولية تشارك فيه منافذ الدخول في كل منطقة بالمطارات أو الموانئ أو المواقع البرية وتلك تلعب دورًا في تسهيل الإجراءات وانسيابية الحركة في سبيل تحقيق هدف الدولة في عدم تأخير الحاج في المنفذ أو تعطيل سفره، فأي تقصير من تلك الجهات قد يظهر عند المؤسسات ويربكها لذلك كان أمر التنسيق السريع مهم في نجاح أعمال تلك الجهات ولا بد من اشتراك عدد من العاملين في مؤسسات أرباب الطوائف في لجان التنسيق.
• إن المتأمل في هذا العام لحركة الحج بمطار الملك عبدالعزيز الدولي وهو يمثل حوالى 70% من حركة الحجاج القادمين للحج يلاحظ انسيابية الوضع وعدم وجود تكدّس ونحن في العشرة الأخيرة من ذي القعدة، مما يؤكد أهمية تناسب أعداد العمالة مع تدفق الحجاج وتحقق التوازن، وبالمقارنة تظهر جهود مؤسسات الدولة والجهات العاملة في المطار ومنهم الوكلاء قياسًا بالزمن الماضي رغم ازدياد أعداد الحجاج.
• أن تنظيم أماكن نزول الرحلات (الطائرات) بمجمع صالات الحج في المواقع القريبة من خدمات كل جنسية يساهم بشكل كبير في الحدّ من المسافة التي يمكن أن يمشي فيها الحجاج حتى يصلون إلى المواقع المحدّدة لخدمتهم والتمهيد لنقلهم للمشاعر وذلك بعد إنهاء إجراءات استقبالهم وتسجيل بياناتهم وإجراءاتهم.
• ومن المقترح تأمين دورات تدريبية يشترك فيها المتخصصون في المؤسسات والوزارة والجهات الخدمية الأخرى بغية تحقيق (ثقافة الخدمة) يستوعبها كل من يعمل في الحج من الجهات أيًا كان موقعها أو ارتباطها.. لأن تلك البرامج التدريبية سوف تسهم في الارتفاع بفهم كل موظف ورفع مستوى مشاركته ومساندته للأعمال وتذليل العقبات ليكون مساندًا لمعالجة القصور وليس راصدًا له دول حل.
• ربما كان من المناسب تمثيل المؤسسات (المطوفون والوكلاء والأدلاء والزمازمة) -ولها خبراتها الطويلة- في لجان الحج التنسيقية جنبًا إلى جنب مع ممثلي وزارة الحج واللجان الأخرى نظرًا لخبرتهم بواقع الخدمة على الطبيعة.
المراجع
موقع قبلة الدنيا مكة المكرمة
التصانيف
مكة المكرمة