مضى أهلنا العرب عبر التاريخ حافظون لها , شدوا عليها بالنواجذ , رغم قلة العلم وسوء الحال , إلى أن أوصلوها لنا إرثا كريما أصيلا منقى من كل الشوائب , تنحني لها الأجساد وتخفض لها الرؤوس , ويقام لها الحد بالسيف على من تجاوزها وارتكب فعلة مشينة تخدشها , لا يعيبها إلا عائب , ولا يصفها بالوصف السيئ إلا مغرض أو شائن مدسوس .
موروثنا من العادات والقيم , يشحذ الهمم من الشباب الغيور على الهوية الوطنية والقومية العربية , لأنها عنوان حياتنا , وهي سماتنا التي تميزنا بين الشعوب , وهي خط دفاعنا الثاني بعد العقيدة السمحة الشريفة , فالكرم والكرامة , الطيب والشهامة , النخوة والحمية , الموت ولا الدنية , الفخر بالهوية , إكرام الضيف وحماية الجار , توقير الكبير والحنو على الصغير , وغير ذلك الكثير , هي عرش عاداتنا وحصنه المنيع , وتاج شرفنا الذي عنه نذود , هي عادات لم يعف عليها الزمن , كما يضن الجاهلون , ولم تشوبها شائبة , ولم يطفئها بريق العصرنة , فهي حية باقية , وإن تكاثر ضدها الأعداء , في زمن الموضة والخلاعة .
للأسف الشديد , فقد بدأت الحرب ضد عاداتنا , وهتف نفر ليس بقليل مشجعين لهذه الحرب , منهم من كان بحسن نية ومنهم من كان بسوئها , وبدأ الغزو الفكري المسموم بوصفها بالجمود والتخلف , حين عجزوا عن غزونا بالسلاح , ولم يتمكنوا من هزم الإرادة فينا , مشككين بنفعها , مثلما حاربوا العقيدة من قبل وهزموا , وتحقق لنا المثل القائل , رب ضارة نافعة , حين هب الجمع كله منافحا ومدافعا وعادت القوة للعقيدة , كما أرادها الباري جل في علاه , وكذلك عاداتنا وتقاليدنا تستغيثنا وتشحذ الهمم أن هبوا دفاعا عنها , بقوة وامعتصماه استجابة لصرخة الفتاة .
فضائيات تناثرت وتكاثرت , وأخذ القائمون عليها والمتجاوبون معها بنفث السموم , وتلويث الأفكار والعقول ,إرضاءّ للأسياد من دول النفاذ , لتفكيك الأسر والمجتمعات , وقتل الهمم والمعنويات , وإطفاء الغيرة والاعتزاز بالذات , فاكتظ الأثير بالأفلام والمسلسلات والدعايات التي لا ترقى لذوق الإنسان , صاحب الرسالة السماوية والقيم الاجتماعية .
رياح عاتية هبت , استبدلت ما هو أعلى بما هو أدنى , ثم هبطت بالعقول إلى حضيض تفكيرها , والقلوب إلى أضعف إيمانها , أليس العودة إلى الرشد أفضل ؟ والفرز بين الغث والسمين أنفع ؟
والاعتراف بالخطأ أول خطوة للإصلاح .
حمى الله الاردن شعبه ومليكه
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة عبير الزبن جريدة الدستور
|