الربيع العربي حقيقة واقعة ، لكنه ليس هو الأهم ،والحراك الشعبي الأسبوعي ، والاعتصامات شبه اليومية ،حقيقة واقعة ، ولكنها ليست هي الأهم ، العنف الجامعي والاجتماعي ، حوادث السير وتعاطي المخدرات حقيقة واقعة ، هامة و مهمة في طلب العلاج و درء الخطر ، ولكنها ليست الأهم .
إيجاد قانون انتخابات عصري يحظى برضا الأغلبيه ، وتعديل لمواد الدستور ، وتكاثر في الأحزاب الفاعلة و المؤثرة ، ومحاربة لارتفاع الأسعار و غلاء في المعيشة، وانقطاع في الكهرباء ، و فراغ في خزانات المياه ، كلها أمور هامة ، ولكنها ليست هي الأهم .
مطالبات المعارضة ، مع كثرتها و تنوعها وامتداد حدودها ، مع عجز الموازنة وإرتفاع المديونية ، كلها وخز إبر في خاصرة الوطن ، يجب علاجها ، و وضع الحلول لها ،ولكنها ليست الأولى والأهم .
الازدياد المطرد في عدد السكان وقلة الموارد، هي المعضلة وهي المشكلة الشكلاء المعقدة ، التي تحتاج الى قرع جرس الإنذار ، وإن كان الجرس لا يسمع ، ولا يصل صوته ، فدق الطبول، حتى يفيق النائم ، ويصحو الغافل ، هذه هي الحقيقة المرة ، فماذا نحن فاعلون ؟ .
النمو السكاني ، في التكاثر الطبيعي ، العمالة الوافدة من كل حدب و صوب ، الهجرة القسرية من كل الحدود ، جميعها أصبحت حالات مستقرة مقيمة ، لا راحلة و لا مرتحلة ، و الكل ينشد رفاه العيش و رغد الحياة ، وهذا حق لا ينكره أحد ، ولكن الحق لمن استحق ، ولنا في سياسات العالم ، قدوة ومثل، في تخصيص الاولويات .؟؟؟
| |
هل هذا كله قدر مكتوب، علينا نحن دون سوانا ، أو هو سوء في الإدارة و التخطيط ؟ أو هي غلبة القوي على الضعيف ، الى أن تم الاستسلام ؟ أو هي حالة من الغفلة و اللامبالاة، حتى تراكمت أزماتها ، وبات الأمر بلا علاج أو هي صحوة على حالة مؤلمة أحدثت صدمة ، أو هو أمر دبر بليل و ساعات ظلام دامس .
عطاء الإله ، موارد الأرض ، جهد الصالحين ، هبة لكل الأجيال ، لا يمكن أن تكون لجيل واحد ، و تحرم منها أجيال لاحقة ، سواء أكثرت أم ندرت الموارد ، حتى نكرم بها و ندعي بأن أحفاد حاتم الطائي هم أردنيون ، نجود بما نملك وننسى الأبناء و الأحفاد و أحفاد الأحفاد ، و هذا ليس من حقنا ، بل هو ظلم و اعتداء على حقوق الاجيال .
لا ذهب أسود ، و لا ذهب أصفر ، ولا بحر يطعم سمكا ، لا نهر ولا أنهار ، ولا ماء يغور في جوف الأرض ، ولا غابات ولا أشجار ، ولا تصدير أخشاب و لا ثمار ، لا ثروات زراعية تكفي ولا صناعات ، ولا ثروة حيوانية تفيض عن الحاجة ، لنسقي و نطعم من هو موجود الاّن ، على ظهر أرضنا و جغرافية وطننا وتراب سهولنا ، فكيف بالأجيال القادمة ؟ |
عاش الآباء و الأجداد ، بشظف من العيش و رضوا ، وكانت القناعة كنزهم ، وطلب رضا الله أقصى غاياتهم ، و أجل دعائهم ، فهل ترضى أجيال هذا الزمان و الزمان القادم ، بأقل مما تراه عند الآخرين في هذا الكون الرحب الواسع .
هذه هي الحقيقة ، و هذا هو الأهم مما نفعله الآن ونفكر به ، ونشغل به الأدمغة ، على مر الثواني ، فماذا نحن فاعلون ؟ جرس إنذار يقرع ،و دق للطبول .
حمى الله الاردن وشعبه ومليكه.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة عبير الزبن جريدة الدستور
|