ربما سارد القصة له أجر الواعظ ، وهو لايدري أنه يعظ ، فقد يؤجر المرءُ رغم أنفه، فالأيام مشبعة ومثقلة بالمتغيرات، فما تكاد شمس تبزغ إلا ومعها جديد، ولا تغرب إلا ومعها إلى الظلام ما هو أدهى و أمر .

الأحلام الوردية التي حلمت بها دول الربيع ، هل لا تزال أحلاما أو تحولت إلى حقيقة واقعة أو تبخرت بفعل حرارة نار القذائف و المدافع و الصورايخ من الصناعات المحلية و الخارجية؟

الأسباب التي أشعلت هيجان الجماهير، التي نادى بها الأطفال والشباب و نساء الربيع، هل ما زالت كما خطط لها ؟ أو اعتراها التغيير، وأصبح المسير في الاتجاه الخاطئ .

ثوار الربيع ثاروا ضد استئثار فئة أو حزب بالسلطة ردحا من السنين، وضد فساد استشرى رافقه ظلم جائر، طالبوا بالعدالة و مبدأ المشاركة ، فماهو مصير هذه المطالب العادلة، مقارنة مع الواقع الذي آلت إليه الأمور .

ما هي مقاييس النجاح التي تعتمد للاحتكام إليها ؟ هل لا زالت ثورات شعبية وطنية نقية ؟ أو أسلمت قيادتها إلى عدو يقودها على هواه، ليمرر من خلالها ما يريد ؟ .

مجريات الأحداث في دول الربيع مرآة عاكسة، نرى الصورة فيها بوضوح، ضاع منها زمام المبادرة ودخلت بالمجهول، وظهرت فئات متعددة متصارعة، لكل منها غاياته ووسائله وأساليبه ، و تناحرات مذهيبة وطائفية يدعم كل منها بمراجع قوى خفية وعلانية خارجية ، اعتمدت المال والسلاح وسيلتين للنصر في ساحات قتال لا يعرف بها من هو العدو ومن هو الصديق.

دول الربيع استقطبت كل أجهزة الاستخبارات من الدول ذات العلاقة وذات التأثير، والأجهزة ذاتها تسابقت أيضا في استقطاب العملاء والجواسيس؛ حتى كاد الأمر يصل حد تجسس الابن على أبيه والأخو على أخيه وحتى اليتيم على كافله ومن كان يؤويه، فأضحت شعوب الربيع إما قاتلا أو مقتولا .

الأنكى من ذلك والأذل على شعوب الربيع، أن قاتلهم ومشردهم هو نفسه من يقدم لهم فتات الخبز وأردأ الدواء ، و يظهر عليهم بالدموع والعواطف الكاذبة، كمن يقتل القتيل ويسير بموكبه متظاهرا بمظهر المؤمن الوادع الحليم، و ينجح بهذا التمثيل و يُصدّق ويُصفّق له .

سرد لمشاهد ووقائع أحلام الربيع الهابطة من السماء بألوان الطيف، لتمتزج بزهور الأرض، كفانا الله كل ربيع من هذا النوع، فإنه ربيع أحلام وخريف حقائق ملموسة واقعة على الارض .

حمى الله الاردن وشعبه ومليكه


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   عبير الزبن   جريدة الدستور