أخطأ من قال أن الغاية تبرر الوسيلة, حتى وإن كان فيلسوفا مرموقا, فقد تدفع الغاية بصاحبها الى حماس زائد غير محمود العواقب, فالحماس الزائد يحرم صاحبه من التعقل وحسن التدبير, وبالتأكيد ستنقلب النتائج, فيغدو المحمود مذموما والمذموم يذهب إلى الهاوية.

الحماس الزائد , يقوده الشباب , لأنهم يرغبون تحقيق الغاية بأسرع وسيلة , ويبررون ذلك بقول ذاك الفيلسوف أن الغاية تبرر الوسيلة , وكما هي الحال السائدة في امصار ربيع العرب , حيث الحماس وقوده الشباب , وإن ظهر من بين ظهرانيهم من يقول (لقد كبرنا).

الشعارات التي يطلقونها عبر الحناجر , ومكبرات الصوت , وإن كانت بغير أذى , ويقصدون إيصال رغباتهم في الإصلاح والتغيير , وغيره على بلادهم لتواكب العالم المتحضر , الحافظ لحقوق الإنسان , إلا انها تستغل من مندسين , في فم كل واحد منهم ألف علامة استفهام وسؤال , من انت وماذا تريد؟ ومن هم الذين يحركون لسانك لتنطق بمرادهم؟ وتستبيح الميادين والساحات وتغلق الطرقات.

تحمس الشباب وأسقطوا انظمة أمصار الربيع العربي , واحتكموا بعد ذلك الى صناديق الاقتراع , وجاءتهم الصناديق بأسماء لم تحقق مطالبهم ولم تشد أزرهم بما أرادوا , ودارت عجلة الرحى من جديد , تطحن وتخلق الفتن المذهبية والطائفية والفكرية , فإن كانت جهنم وقودها الناس والحجارة , فكذلك دول الربيع وقودها الناس والحجارة , مع شدة الفارق بين النارين , فالاولى تلتهم المذنبين والآثمين , والثانية تضيف عليهم أهل العلم والايمان.

في دول الربيع، نسأل بعد أن أزهر ربيعهم كما يدعون، ما حال اقتصادهم؟ وما حال مواطنيهم، وكيف تشردوا، وما ترتب على هذا التشرد من ضياع للكرامة والشرف وحقوق الانسان، ألم تتبدل ألوان المياه بألوان الدماء؟ ألم تكن دولهم بالأمس ذات وزن وثقل في المجتمع الدولي؟ ألم تكن أرضهم أرض كنانة وأخرى أرض المجد والتاريخ والثالثة أرض السعادة والهناء.

الرافدين والشآم والكنانة (الحضارة والتاريخ والهوية) مهابة الجانب، الهازمون للأعداء؟، في كل معارك السيف والقلم , المدفع والصاروخ , على تتابع أزمانها , ألم تكن حالها التي آلت اليها مستهدفه، لتستبدل القوة والتأثير بالضعف والهوان، لينعم من بجوارها بالامن والامان فيا للاسف الشديد كل ذلك أصابها على يد أبنائها.

أثمرت الفوضى الخلاقة بفضل المتحمسين الى حروب أهلية، أدخلتهم في أنفاق مظلمة لا هادي ولا مهدي، أفما آن الاوان لمن يتعظ؟ وأن نقف وقفة تفكر لحماية بلادنا في المملكة الاردنية الهاشمية، ونحن الموصوفون من العالم أننا أهل الحكمة والعلم والروية.

الشعب الاردني، لا يأكل بعضه، وسيرد كيد الكائدين الى نحورهم، والطامعين الى جحورهم، وسينعم بالأمن والأمان، وسيبقى هواؤه ينقل رائحة الورد والشيح، لا رائحة الملح والبارود.

حمى الله الاردن وشعبه ومليكه.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   عبير الزبن   جريدة الدستور