زمان ..

كان الكذب «أقلّ» من الآن.

فكان الناس يتنبهون لليوم الأول من نيسان حيث «كذبة نيسان». فقد يفاجئهم أحدهم بخبر غير سار، وغالبا «وفاة» شخص عزيز يكون في بلاد الغُربة. وبعد أن ينتاب السامع الحزن ويذرف الدموع، يباغته المتّصل أن «اليوم أول نيسان». يعني الخبر مجرد «كذبة».

وكان هناك «كذب جميل»، كان يقول الشاب لخطيبته: والله الظروف ما بتسمح نكمّل مع بعض، واكتشفت إنا ما بننفع لبعض». وتقوم قيامة الفتاة التي تشعر أن حياتها « تدمّرت». وأن مستقبلها « طار».

وكانت الحكومات « تكذب» على الشعب، وكان الناس يتأثرون لأن «الكذب» زمان، غير «كذب» هذه الأيام. حيث الكل صار يمارس الكذب، مواطنين ومسؤولين وعلى كيف كيفك.

فلم تعد « كذبة « ان تُفاجأ برفع أسعار سلعة معينة أو سلع كثيرة، سواء باستخدام اللفظ الصريح مثل «قررت الحكومة رفع أسعار كذا وكذا». او باستخدام تعبير ظريف مثل « قررت الحكومة «تعديل» أسعار المواد التالية...».

المرحوم عبد الحليم حافظ، غنى للكذب، وتغزّل بحبيبته قائلا « حلوة وكذابة ليه صدقتك الحق عليّ». وكان مثل المواطنين والشعوب العربية ، يضع اللوم على نفسه. رغم ما كان يعانيه من كذب المحبوبة.

أعتقد أن الوضع تغيّر الآن. فلم يعد أحد يحتمل كذب « الحكومات « ولا المسؤولين ولا حتى حبيبته. فإذا كانت الحبيبة، رفع لها « الكرت الأصفر» وهددها بقطع العلاقة إن هي كررت « فعلتها وكذبت عليه مرة ثانية». بينما الشعوب، صاروا يعبرون عن رفضهم للكذب الحكومي بالاعتصام والاحتجاج والمسيرات.

أنا مواطن « كلاسيكي»،اعتدت على كذب بعض المسؤولين وبعض الحكومات وبعض الحبيبات. وما زلتُ من انصار « ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب»، وبالتأكيد أُغنيتي المفضّلة « حلوة وكزّابة».

ولمواليد الأول من نيسان: كل عام وانتم «كذابين»، قصدي وأنتم بخير.


المراجع

addustour.com

التصانيف

صحافة   طلعت شناعة   جريدة الدستور