يمكن ان نستيقن من غفران ذنوب الإنسان إبان مرضه وبأن قلبه يغدو محط اللطف الالهي مما نستوحيه من التبعات المختلفة المذكورة لهذه العطايا في الأحاديث والروايات الاسلامية.
إن دعاء المريض لنفسه مستجاب أيضا ولكن المشيئة الالهية لا تقتضي أحيانا أن يبرأ المريض عاجلا من مرضه لئلا يحرم من جزيل نعم المرض التي تتضح أهميتها له في يوم القيامة. (روي أنه إذا كان يوم القيامة، يود أهل البلاء والمرضى أن لحومه قد قرضت بالمقاريض لما يرون من جزيل ثواب العليل). لو كان من المقرر أن تنتهي حياة الإنسان ومسيرة أعماله وجزائها برحيله عن هذه الدنيا عندئذ تسقط عن الكثير من الظواهر الأليمة التي تلحق بالإنسان في نظام الخلق الزاخر بالحكمة مبرراتها ومصداقيتها. إلا أن الحقيقة أن حياتنا الدنيوية التي لا تتعدى عدة عشرات من السنين هي مرحلة صغيرة جدا من حياتنا الأبدية. للجنين وهو يحيا في جوف أمه يدان ورجلان وأذنان وعقل وفم الجنينية، فاعتماده على الصرة وحبلها يغنيه عن الفم والجهاز الهضمي، وعيناه لا تبصران ولا تحتاجان إلى الرؤية في "الظلمات الثلاث". إلا أن الحكمة من ظهور هذه الأعضاء في الحقيقة هي اعداده لحياته المستقبلية خارج رحم الأم وقد تتضمن هذه الحالة تفسيرا مشابها لحياة الإنسان في الدنيا واستعداده لحياته الاخروية بما تشهده حياته الدنيوية من آلام وأوامر ونواه و... بناء على هذا، يتيسر فهم الحكمة من بعض الصعاب التي يواجهها الإنسان في حياته وبكون "المؤمن مبتلى". قال الإمام موسى بن جعفر (ع): "المؤمن مثل كفتي الميزان، كلما زيد في إيمانه زيد في بلائه". وقال رسول الله (ص): "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر". وعنه (ص) أيضا: "إذا أحب الله عبدا ابتلاه فإن صبر اجتباه". وقال كذلك: "إن الصبر والبلاء يستبقان إلى المؤمن". وعن الإمام الباقر (ع)، قال: "إن الله عز وجل ليتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالهدية من الغيبة ويحميه الدنيا كما يحمي الطبيب المريض". وحول تجلد المريض إزاء ما يواجهه من البلاء في جسمه نقرأ عن أنس قال: "قال رسول الله (ص) قال الله عز وجل إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل، استحييت منه يوم القيامة أن انصب له ميزانا أو أنشر له ديوانا". إن الصبر والتجلد (يعني الثبات المرفق بالتسليم لأمر الله إزاء المرض) لا يصد عن بذل الجهود لانتشال النفس من براثن المرض رغم تعاظم أجر الصبر إلى مستوى ما أشرنا إليه حتى الآن. ولزيادة الثقة بهذا الموضوع نلقي نظرة ثانية إلى روايات تذكر في باب "زيادة وتضاعف الحسنات إبان المرض" ليترسخ إيماننا بأن الله يمنح مثل هذا الأجر للمتجلدين إزاء معاناة المرض. إن إساءة الظن بالله حالة لا يختبرها المؤمن قط بل أن علاقة المؤمن بالله وهو أرحم الراحمين تتسم بثقة المؤمن برأفة الله ورحمته اللامتناهية. قال رسول الله (ص): "ليس من عبد يظن بالله خيرا إلا كان عند ظنه به". مكانة الخضوع والرضا: إن الإنسان يكن لربه حبا شديدا باعتباره عبدا من عباده وبوعي تام منه يقيم نفسه إزاء مجموعة الكائنات في عالم الخلق وكأنه أدنى من قطرة الماء قياسا إلى البحار وعدد مثل الصفر قياسا إلى اللا نهاية، ويسجد بخشوع لله معتزا بربه، فسموه وعزته تكمن في عبوديته لله وفخره في خضوعه لربوبيته خالقه.
المراجع
الموسوعة العربية لتطوير الذات
التصانيف
عقيدة