مؤكد أنكم تعرفون نكتة الرجل الذي نزل بالمظلةّ رغم أنفه، وحين وصل الى الأرض وجد كثيرين يرحبون به ويحملونه على الأعناق، وبعد ان صدمته «حرارة» الاستقبال، قال لهم يا جماعة انا مش بطل وما نزلت من المظلة بارادتي، في واحد «دزّني».

وهذا ما حدث معي قبل أيام.

فقد تعرضتُ لمكالمة عاجلة من عمّي ـ ما غيره ـ .وطلب مني التوجه فورا الى بيته، لأنهم قرروا تفريغ «الثلاّجة» من عصير الليمون المجمّد في «الفريزر». وطبعا لازم أروح عندهم واستلم» الليمون المجمّد او المحنّط» بأسرع وقت. قلت معقول يكونوا دار عمي من بقايا الفراعنة لسه بيمارسوا التحنيط.

كان الوقت مساء، وتوقعت ان تكون الكمية ملء « قنينة» أو» مرتبان» على أكثر الاحوال. فتركتُ سيارتي واستعنتُ ب» باص عمان / صويلح».

واعتبرت الموضوع»مشروع سنكحة»، مع شيء من الفائدة.

كانت المفاجأة، أن زوجة عمّي اشارت الى حمولة كرتونة من المرتبانات متنوعة الحجم والشكل وكلها تحتوي على عصائر «مجمّدة» ما بين الليمون والتفّاح . ووجدتُ أنني بحاجة الى سيّارة او»بكم» لنقل» الحمولة».

ولم يكن من الكياسة ولا الادب ان اعتذر عن حمل «الهدية» وبخاصة وأنها من عمّي، وما أدراك ما عمّي.

بلعتُ تخيّلاتي، وسرتُ مشيا صوب الشارع الرئيس المجاور للمدينة الرياضية. والناس ينظرون اليّ، تارة مشفقين وتارة مندهشين وبعضهم كان يلقي نظرات لا تخلو من خباثة.

وضعتُ حمولتي في كرتونة واكتشفت ان الكرتونة الملقاة امام احدى المحال»شبه معطوبة» وبالكاد تضم المرتبانات.

حملتها مثل»طفل رضيع» وتنقلت بين المحال،واحيانا كنت ادعها على باب المحل على أمل أن « يأخذها « أحد العابرين ويكسب بي أجرا. لكن ذلك لم يحدث. واضطررتُ لحمل الكرتونة والسير بها. وفي الأثناء باغتني أحدهم، وعرفني بمهنته، وسأل عن محتويات الكرتونة. قلتُ له «ليمون مجمّد». لم يصدّق. وسألني: متأكّد؟

قلت: طبعا . وعرضتُ عليه أن يذوق. وكان لطيفا معي. وضحك وانا أسأله عما في رأسه. فقال: حاجات ممنوعة. قلت معقول اشيل حاجات ممنوعة وامشي بالشارع.

أخذني على «قد عقلي» واختفى. وفي الباص وضعت الكرتونة في المقعد المجاور ودفعتُ عنها « أُجرة راكب».

وبعدها نزلت واستعنت بباص آخر، هو باص « أبو نصير» ليوصلني الى اقرب مكان لبيتي .

جاءت فتاة واستأذنت ان تجلس بجانبي. كانت الكرتونة بيننا على الأرض. وكنت خَجِلا من مضايقة الفتاة التي انشغلت بمكالمة مع أحدهم.

أخيرا صرتُ حرّا أنا والكرتونة.

تأملتُ مرتبانات الليمون» المحنّط» وتخيلت عمّي «تُحُتمس»، وقلت: كله في حبك يهون.

بقلم: طلعت شناعة.​


المراجع

addustour.com

التصانيف

صحافة   طلعت شناعة   جريدة الدستور