كنتُ أمس في مكان (ما) ومع كائنات (ما) وكان ثمة طعام وفير، بصراحة أكثر مما ينبغي. وللدقة والموضوعية، فقد وجدتُ ضالتي في التهام ما لذ وطاب من الطعام (المقلي والمشوي).
كانت الكائنات وهي بالمناسبة كائنات محترمة . لكن النقاش كان شائكا، وبخاصة مع كثرة الحاضرين وتباعدهم عن بعض، لدرجة شعرتُ أن هناك من يتحدث بينما هناك من التهى بالأكل وكان يهزّ رأسه، فيظن المتحدث انه مصغٍ إليه، بينما الحقيقة أنه كان يحرّك فكّيه،في محاولة لمضغ الطعام.
وكالعادة ، دار الحديث حول تشكيل الحكومة وحول موقف النوّاب وشغفهم بالمناصب الوزارية. وكان ثمة آراء ان معظم السادة النوّاب من « الزناقيل»، ومع ذلك كانت اولى مهماتهم،تحسين رواتبهم، وجاءت قصة الحكومة البرلمانية، لتزيد من فرص تحقيق معظمهم لرغباتهم التاريخية.
طبعا لم يخلُ الكلام من جلد للذات، ذات المجتمع وذات النخبة من سياسيين ومفكرين ومثقفين وإعلاميين. يعني، أصابتني»طرطوشة». ومع انهماكي بالتهام الطعام وكأني من مئة سنة لم أّتناول شيئا من الطعام، ومع ارتفاع عقيرة المتحدثين بحجة محاولة ايصال المعنى المقصود الى أبعد كائن في الجلسة كما يفعل الممثلون في المسرح، شعرتُ أن رأسي تحوّل الى «طنجرة ضغط» تكاد تنفجر وبخاصة وانني «كاتم نفسي». وسرحتُ بينما كرر احدهم التحية لي» بقولك مساء الخير»،فاعتذرتُ له، وقلت: عفوك عزيزي، النقاش دمّرني. فلم أجد «فسحة أمل» فيما يدور. يعني الشباب صوّروا لنا البلد»خربانة» ولا يوجد من الشخصيات من يستحق الثقة، سواء كان وزيرا قادما او نائبا»لسّه جديد بورقته». فمنهم من تحدث عن العنف في الجامعات، وكيف ان الطالب بات يجيد استخدام السلاح أكثر من اجادته للغة العربية.
فقال لي: اليس هذا الواقع، أم أنك تريدنا أن نجمّله ونقدم لك صورة مثالية لواقعنا.؟ زاد الصداع وكنتُ أشعرُ أن رأسي يتعرض لضربات «شواكيش ومهدّات»، وان الطرقات تأتيه من كل جانب. خرجتُ، أبحث عن سيّارتي التي نسيتُ أين تركتها. ورأيت الدنيا»سوداء مثل قرن الخرّوب».
آه ع الخرّوب وسنينه
| .
بقلم: طلعت شناعة.
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة طلعت شناعة جريدة الدستور
|