إنهم مهاجرون إلى الله، نفضوا عنهم غبار الدنيا، وتمسكوا بدينهم، أملا في رضا الله، كانت لكل واحد قصته التي خلدها التاريخ تبصرة وذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
كان منهم الأنبياء والصالحون والعلماء، واستحقوا بشارة الله في قوله: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً).
في هذه الحلقات نعرض لكل من هاجر وشد الرحال، وترك الصحاب والآل، بمنهج واضح المعالم بين القسمات، منهج حدده لنا المصطفى –صلى الله عليه وسلم- بقوله: (إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه) رواه البخاري.
نعرض قصص المهاجرين في القرآن، وقصصهم على لسان النبي –صلى الله عليه وسلم-، ونستمع إلى كل صحابي مهاجر وهو يروي قصته في الهجرة، ثم نستمع إلى العلماء وهم يروون تجاربهم في الرحلة إلى الطلب العلم، والهجرة في سبيل تحصيله، ونعتبر من قصص الذين تابوا وأنابوا إلى الله، وهاجروا أرض المعاصي إلى أرض الطاعات، وهجروا القبائح والمنكرات.
نعرض كل هذه القصص متحرين الدقة في الرواية، والأمانة في الوصف، والعمق في التحليل؛ أملا في جمع المشتت من قصص المهاجرين في جملة مفيدة لها محل في النفوس، وعظيم الفوائد والدروس.
إن القصة منهج ترتاح إليه النفس، ولذا كانت منهجا أصيلا في الدعوة إلى الله، وذكر القرآن قصصا للنبي كي يستأنس بها، ويستفيد من تجاربها، قائلا له بعدها: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) هود 49 .
وما كانت هذه القصص للتسلية وتضييع الوقت، بل كانت عبرة وعظة، (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).

المراجع

odabasham.net

التصانيف

شعر  شعراء  أدب