من المهم أن تعرف الأمة موقعها وموطئ قدمها،
من المهم أن تنظر إلى الخلف وإلى الأمام، لترى أين هي وتعرف كيف تتابع المسير. ويبدو أن هذا لا يحدث في زماننا، لأن مجريات الأحداث والانحدار المتتابع في الأحوال كلها يدل على أن الأمة غارقة في غفلة عميقة، ومستغرقة في سكر لا حدود له،
فمنذ عهود الاحتلال إلى ما يسمى بزمن الاستقلال وأمور هذه الأمة لا تمضي إلى خير.
في القرن العشرين، القرن الماضي من قريب، يفترض أن الدول العربية جميعا قد نالت استقلالها عن الدول التي كانت تحتلها،
ولكن يبدو أن تلك الدول المحتلة لم تخرج قبل أن تؤمن مصالحها في العهود الجديدة، ولذلك جرت الأمور من بعد كما كانت من قبل ولكن بوجوه جديدة وأدوات جديدة، ومصالح الأمة لم تتحقق،
وأهدافها غابت عن العيون والقلوب
 فلا الوحدة تمت،
ولا شعاراتها بقيت،
فقد اغتيلت في الواقع وفي الأحلام، وحلت محلها القطرية الإقليمية الضيقة وتمت تغذيتها والنفخ فيها عبر وسائل الإعلام وفي الشعر المغنى، وفي الواقع الذي كرس الفرقة بين الإخوة وأبناء العمومة في البلاد المتجاورة،
وفلسطين التي كانت الهم الأكبر للأمة تسعى إلى تحريرها من الاحتلال صارت هما تريد أن تتخلص منه، فساقت أهل فلسطين إلى زاوية اليأس وجعلتهم يقفون أمام الجدار المغلق، حتى وصل الحال ببعضهم الى أن سلم بالاحتلال، ورفع الراية البيضاء، ورضي بالسلامة إن كان يستطيع الحصول عليها.
الأمة في هذا الزمان لم تعد تستمد من نور الرسالة التي أنزلت على الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم،
ولا تستلهم حزم أبي بكر،
ولا عدل الفاروق،
ولا علم علي بن أبي طالب،
ولا زهد عمر بن عبد العزيز،
ولا عزة الرشيد
ولا نخوة المعتصم.
الأمة اليوم تنظر ولكن لا تبصر،
تتلقى الأخبار ولكن لا تحس ولا تتأثر، ولا تتفاعل مع ما يجري
ولو كان تهويد مسجد خليل الله إبراهيم في الخليل،
وتهويد القدس وترحيل أهلها، وهدم المنازل فوق سكانها وعدسات التلفزيون تنقل ذلك، ولكن لا يتحرك متحرك، ولا ينبض عرق بألم أو حزن أو استنكار إلا ما لا نفع فيه ولا غوث لأهل القدس.
تنظر الأمة إلى خطوات اليهود في القدس وهم يمضون نحو هدفهم وينفذون ما يريدون، الأمة تنظر ولا تملك حس التوقع ولا حدس الترقب ولا حساسية التأثر،
وكأن كل ما يجري هو أضغاث أحلام لا يستدعي أكثر من فرك العيون بعد الصحو منه.
الأقصى في خطر،
والخطر يحيط به من ساحة البراق وكنيس الخراب،
كما يحيط به من الحفريات التي انتشرت تحته وأدت إلى تصدعات..
فماذا تنتظر الأمة؟
ومتى تصحو؟
ومتى تدرك أنها للقمة وجدت، حين نصّبها الله تعالى شاهدة على الأمم مبلغة للرسالة التي ورثتها عن النبي العظيم خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام؟ 
في مراحل الغفلة والسكر تأتي جوائح عظيمة تكون سببا في الصحو،
وماذا نريد أكثر من ضياع فلسطين
واحتلال العراق
ومأساة أفغانستان؟
بين يدي القمة العربية لا أشعر بأمل ولا تفاؤل ولا أترقب خيرا، لأن بين الأمة والقمة كما بين القمة وقعر الوادي!

المراجع

odabasham.net

التصانيف

أدب  مجتمع