اكتشفت الحكومة، ضمن اكتشافاتها المتأخّرة، أننا شعب ثرثار. ولهذا قررت رفع الرسوم والضريبة على المكالمات الخلوية.
وكانت ردّة الفعل من قبلنا نحن»شعب الله الثرثار»، الإمعان في الثرثرة، تارة كي «نجاكر» الحكومة، التي سبق و»جاكرناها» عندما رفعت أسعار البنزين والديزل والكاز والغاز وزدنا من مشاورينا وتحركاتنا بالسيارات «عمّال على بطّال»، وتارة كي نثبت لها وللعالم كله أننا « بَلّدنا» و» تمْسَحنا» ولا يجدي معنا رفع أسعار. ولا رفع قرود.
تماما مثلما يفعل الحيتان حين يقرروا مغادرة البحر.
ونحن غادرنا آدميتنا وقيمنا من زمااااان.
اللهم لا شماتة ، فقد كدتُ أصرخُ «مُبْتهجا» بقرار زيادة الرسوم على «المكالمات»،بعد أن تحوّلت حياتنا الى «حكي»، مجرد «حكي»، وبالتأكيد «بلا فعل».
المتسوّلون على «الإشارات» يملكون أجهزة خلوية أفضل منا ـ مني ـ على الأقل. والأولاد الذين يبيعون « على الإشارات» الدرّاق والفقوس» يتبادلون «الإشارات» ضمن «حركتهم» لاصطياد الزبائن عبر الهاتف الخلوي، وبالطبع يعرقلون» السّير» ويمارسون»خفّة وثقلة الدم» معا ، أيضا في وسط الشوارع.
قلتُ أنني كدتُ أُعلن فرحتي بقرار الحكومة ، ليس تملّقا للحكومة، ونحن في شهر رمضان وانا بحاجة لحسنات وليس لسيئات. لولا خوفي من أولادي ومن جيراني ومن بعض الزملاء ومن بعض الاصدقاء ـ بلاش الصديقات ـ علشان إحنا في رمضان. وكذلك لولا خوفي من السائقين الذين يزاحمونني منذ ساعات الصباح وبلا سبب، فقط لأنهم يترنحون بوسط الشارع وهم يثرثرون عبر الهاتف.
تخيلوا أنني أخاف من «الشعب» الثرثار؟
عشنا وشفنا، الناس تخاف من الشعب وليس من الحكومة.
ملايين الدنانير تُهدر كل صباح على «حكي فاضي» ومثلها على « النّتّ» و « الفيس بوك» وغيره من « وسائل التسلية».
لكن، الحق مش على الشعب بل على الحكومة التي عوّدت الشعب على الثرثرة. فصار الكل يثرثر عمّال على بطّال: النواب، المسؤولون، السياسيون، المثقفون،
وحتى المطربين، تحوّلوا الى «مقدّمي برامج» وصاروا مثلنا «يثرثرون».
و»هيك ثرثرة، بدها هيك رسوم».
بقلم: طلعت شناعة.
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة طلعت شناعة جريدة الدستور
|