لم أجد أدقّ من تعبير أحد اصحاب المحال في منطقة «الجبيهة» حيث يقع منزلي، عندما رأيته «ماسك البربيش وبيرش مي على سيارته»، ولم أمسك لساني وقلتُ معاتبا «في أزمة ميّ في الاردن والا انا غلطان»؟.

وللوهلة الاولى تخيلتُ الرجل يتناول «قنوة» و»يهبدني فيها» كي أكف عن «مغامراتي اللفظية»، لكنه نظر اليّ باحترام ويده تُمسك بطرف الخرطوم الممتد من حنفية في

«محلّه» وقال:والله قاعد بدفع فاتورة الميّة مضاعفة، بس مبسوط لإني بعملها مجاكرة». وتجرأتُ وقلتُ: أكيد بتجاكر الحكومة؟

فرد عليّ: لا وحياتك، بجاكر حالي..

الصراحة، الرجل اختصر عليّ الكثير من التفكير في تشخيص الحالة الاردنية في هذا المجال. فما يحدث معه،يتكرر ـ تقريبا ـ مع معظم الشعب الاردني من شتى المنابت والاصول.

الأب يجاكر زوجته والزوجة تجاكر زوجها والولد يجاكر اخته واخته تجاكر اختها والموظف يجاكر المسؤول والمواطن يجاكر الحكومة والحكومة تجاكر المواطن. وفي النهاية،نحن نجاكر البلد والخاسر بلدنا وآه يا بلد..

هي لعبة اجتماعية في ظاهرها لكنها تعبر عن «حالة» انفلات أخلاقي وانفراط منظومة القيم التي تجعل صاحب المحل يغسل سياراته ب»تنك» ماء،وفي نفس الوقت، يشكو الحكومة التي ترفع اسعار الماء.

وهي ذاتها التي تجعل الولد يدخل الحمّام لأخ « دوشا» ويصرف مترين ماء، دون إحساس أن والده سوف يدفع الثمن في النهاية من قوته وقوت اخوته.

او صورة بائعي القهوة «اللي ع الماشي» الذين يتفنون في في خلق مشاكل مرورية ،وهم يحملون «الصينية» الفارغة مثل» الدفّ» يشيرون الى السائقين كي يتوقفوا لتناول كاسات القهوة. وهي ذاتها التي تجعل بعض السائقين يتجاوزون الاشارات الحمراء جهارا نهارا بلا اي إحساس او خوف من « العقاب».

كذلك الذين يغطون زجاج سياراتهم من الخلف بصور اشخاص ،وقد شاهدتُ أحدهم يضع صورة طفله الصغير. الى غير ذلك من الظواهر التي تدل على الاستهتار وعدم المبالاة،ما دام القانون غائب، او انه «مغيّب» ويطبق على «ناس» ويستثني»أناسا آخرين».

وآآآآآه يا بلد

بقلم: طلعت شناعة.​

المراجع

addustour.com

التصانيف

صحافة   طلعت شناعة   جريدة الدستور