«المصداقية تبدأ من البيت»..
عبارة وحكمة ظلّت تتردد في ذهني طوال الايام الثلاثة الماضية، وقد دلَفَت واستقرّت في رأسي من كتاب «وعد تحقق» الذي يروي مسيرة وتجربة وحياة «الامبرطور» التجاري والصناعي إيليا نُقُل.
وقد «استعرتُ» الكتاب من الاستاذ فوزي الدين البسومي، ووعدته أنه أنتهي منه، خلال «اجازة نهاية الاسبوع». وهو ما حدث، حيث قضيتُ سحابة ـ حلوة سحابة ـ الايام الثلاثة الماضية مع «إبن الرّملة» ايليا نُقل رجل الاعمال الاردني الذي بات واحدا من أكبر اصحاب المصانع والشركات في العالم.
بطبيعتي، أحبّ كتب السيرة وبخاصة للاشخاص الذين يبدأون حياتهم من الصفر وربما من مرحلة ما قبل الصفر. وهو ما لاحظته من مطالعتي لكتاب صاحب امبرطورية»فاين» ايليا نُقُل من ولادته في «الرملة» مرورا برحلته الى بيروت فنكبة اهله عام 1948 وهجرتهم الى عمّان التي باتت الحضن الدافىء لهم ولكل المُهجّرين من ابناء الشعب الفلسطيني وحديثا العربي.
الكتاب لا يتضمن «بطولات» ولا «مزاعم»، بحكم ان المؤلف ليس صاحب الكتاب بل شخص اجنبي هو ايه جيه ام ويتكروفت وكريستينا حواتمة ومترجم عن الانجليزية. وكما يقول المؤلف الانجليزي» استغرق اعداد هذا الكتاب بطبعته الانجليزية نحو عشر سنوات».
وما اعجبني فيه اضافة الى «عصامية» ومثابرة ايليا نقل،اخلاصه لوالدته التي اهداها الكتاب وكأنه يحقق لها «وعدها» و»وعده» لها ان يظل محبا للناس ولاسرته واهله.
تبدأ مسيرة ايليا نقل من عام 1951 حيث بدأ تاجرا بسيطا في «سوق السكّر» بوسط البلد، حيث عمل مع آل قطّان،قبل ان يكون له مصنعه، ومن ثمّ ينتشر كرجل صناعة الى البلاد العربية والعالم. وكما يقول في نهاية الكتاب»وصلت مبيعاتنا الى كل القارات ما عدا القطب الجنوبي».
يقول ايليا نقل»كانت أُمي تعطي نقودها ووقتها للناس وتجسد معنى النجاح الحقيقي «. ويقول عن المال» النقود مجرد جزء من أي قصة نجاح». وعن بلدته» الرملة» يقول» الرملة اكثر من مجرد مكان» و ظلت «فلسطين موطن روحه» وهي «المكان الذي يستمد منه القوة والقيم ومعنى الحياة على الارض».
ولكن الاهم مما يمكن ان يتعلمه الاخرون من الكتاب ومن تجربة «ايليا نُقُل»، هي أن «المال بحاجة الى أخلاق تحمله». فنحن نجد كثيرين يملكون الملايين ولكنهم يفتقدون الى الحسّ الإنساني، وبالتالي فهم»فقراء»،ربما لكونم لم يتعبوا بجني الاموال، وفي أحسن الاحوال كانوا مجرد»عبيد للمال».
نعم مجرد عبيد للمال
بقلم: طلعت شناعة.
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة طلعت شناعة جريدة الدستور
|