كانت تعد لنا «الفاصوليا البيضاء» كل «جمعة».

كنا يافعين،نبحث عن أحلامنا وهواجسنا ونتهجّى الشِّعر في بيت»أم زهير».

كنا في على اعتاب الدراسة الجامعية ومنا من كان في السنوات الاولى من تلك المرحلة.

كنا»مشاريع» شعراء وكتّاب .

أفصحنا كان ابنها «زهير أبو شايب»،الذي تتلمذ على يد المبدعين في جامعة اليرموك،وهنا أذكر من الأساتذة الدكتور كمال أبو ديب،اول من عرّفنا بالنقد» البِنْيوي».

وكنتُ»مهووسا» بالنثر والصحافة معا.

واحيانا كان ثالثنا»الشاعر ـ بالوراثة والجدارةـ زهير زقطان. واحيانا أُخرى كان ينضم إلينا الفتى الأصغر سنّا، معن البياري.

كنا نلتقي «كل جمعة» في بيت»أم زهير»،في خاصرة»الرصيفة» الجنوبية. نقرأ القصائد ونمارس النميمة ونختلف ونتفق.

وكبرنا، ومضى كل الى غايته.

ولم نعد نذهب الى «بيت أم زهير». ولعلها شعرت أننا «خَوَنة» و»أنذال». ولم نعد نلتقِ»زهير وانا» الاّ في» انتخابات» رابطة الكتّاب او في بعض الامسيات الشعرية.

وكأننا «بعنا الماضي»،أو كأننا سلونا «بيت الذكريات»،وبالتأكيد أنني»الإبن الضال».

أمس الأول،ذهبتُ الى «الرصيفة».وتحديدا الى «بيت أم زهير».

وهذه المرّة،لم أجدها. ولم أنتظر» «طبق الفاصولياء».

فقد ماتت «أم زهير». وانا ذاهب لأداء واجب «العزاء».

نفس الشارع ونفس الحارة التي كانت تشهد»كتاباتنا الأولى»،ومطالعاتنا للكتب الفكرية والدينية والادبية.

كنا «فئران» كتب. نتسابق أينا أنهى كتاب»رأس المال»،ل كارل ماركس أو أعمال أدونيس،أو رواية «ليلة لشبونة»أو « سادة الندى» أو «الصبي الخادم» وغيرها من سلسلة روايات»ذاكرة الشعوب» التي توقفت.

جلستُ بين أبناء»أُم زهير» وأحفادها وأقاربها.

وكنتُ أُخفي دموع ذكرياتي للمرأة التي تولت تربية أبنائها بعد رحيل زوجها المبكّر.

لم يكن ثمّة»فاصوليا»،بل حزنٌ، وسيلٌ من الذكريات.

لم تعد لنا بيوت تجمعنا،كما كنا.

أصبحنا غرباء عن أنفسنا

رحمك الله يا «أُم زهير»..

بقلم: طلعت شناعة.​


المراجع

addustour.com

التصانيف

صحافة   طلعت شناعة   جريدة الدستور