فجأة،عدتُ الى البيت،فوجدتُ «كائنا» غريبا،و»كريها» يحتل ركنا في «غرفة الجلوس».
كانت عندنا جارتنا»أُم بشير» ذات المزاج العالي في الطبخ،وصاحبة الابتسامة المشرقة.
كان الصغير «خالد» غير مصدّق أن في بيتنا»همستر»،ولمن لا يعرف،هو «فأر» متميز عن فئران الجحور،مع التشابه باللون»الفيراني».
وللموضوعية،كان الجميع سعيدا بوجوده،باستثناء العبد الفقير، الذي لا يطيق «الحيوانات» في البيوت،وتحديدا»بيتي».
كل واحد حُرّ ببيته.
لاحظ الجميع أنني «كاره» للضيف غير العزيز بالمرّة. وتحايلوا عليّ،بكلمات بسيطة مثل»إنت ما الك فيه»،إحنا بنطعميه وبنلاعبه. وزيادة في طمأنتي قالوا» برايفت»ـ وهذا إسمه ـ هادىء جدا ولا يزعج ولا صوت له. ونحن سنقوم على خدمته من تنظيف وطعام وشراب.
لكنني وبحكم الخبرة،لم أطمئن. كنتُ أشكّ في أقوالهم،تماما مثل أقوال الحكومة.
ولكنني وافقتُ على «مضض»،بقاء هذا الكائن،غير العزيز،كما أسلفت. على أمل أن تأتيه»مصيبة»،أو تُعجب به إحدى الجارات،فأخلص منه،بطريقة» لا غالب ولا مغلوب».
كنتُ أسهر في الليل،لاتابع مباريات فريقي المفضل»برشلونة»،وتظل عيني على رفيقي في «الصالة»،الذي أظهر حُسن النوايا في البداية،وربما أحسّ أنني « لا أطيقه». فآثر الهدوء،ليلة او ليلتين.
لكن الطبع»غلاّب»،سواء للحيوان او للإنسان.
ولعل لحظة الحقيقة، قد حانت. فاكتشفت ابنتي وهي تسهر تتابع فيلما هنديا على قناة» بليود»،أن «الفأر» بدأ يقرض ـ بالدال او الطاء ـ، أسلاك القفص،ولاحظت،أن «برايفت» صار «متوحشا»،و»شرسا» ويحاول الهروب بالدق وخرمشة باب القفص.
طبعا الصبية ابدعت قلقها وانزعاجها،وهو ما جعلني «أتجرّأ» وأُعلن موقفي الحاسم والمبدأيّ من الضيف غير المرغوب فيه.
وضرب ولدي بكلماتي وتصريحاتي عرض الغرفة،كما فعل وفد النظام السوري في «جنيف 2». وكأنه يقول»إحكِ اللي بدّك إياه وانا بعمل اللي بدّي ايّاه».
بلعتُ تصريحاتي كما يفعل الأخضر الابراهيمي،وقلت»وانا مالي،فُخّار يكسّر بعضه».
وتظاهرتُ بالحياد.
لكن الضيف غير العزيز،زاد من توتره،وظل يضرب زوايا القفص بكل ما اوتي من قوة، ولو كانت لديه»براميل متفجرة» لقصفنا بها.
وكانت سعادتي حين حدث إجماع ولأول مرة على ضرورة» مغادرة» الفأر البيت بأسرع وقت ممكن.
وكوننا عائلة ديمقراطية، سمحنا للصغير خالد بأن يكون « المعارض» الوحيد لخطتنا وقراراتنا» المصيرية».
أمس ،عدتُ الى البيت قبل أن يعود»خالد» من المدرسة،فلم أجد أحدا في البيت،ولم أجد» الهمستر»،وبحثتُ في زوايا وجنبات وتحت الأسرّة،غير مصدّق أنه غير موجود.
ولمزيد من الإطمئنان،هاتفتُ زوجتي،وسألتها عن» الفأر»،فردت على الفور» إجت جارتنا فداء وأخذته».
فحمدتُ الله أن استجاب لدعائي وخلّصني وخلّص البيت من «فتنة» كبرى.
بقلم: طلعت شناعة.
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة طلعت شناعة جريدة الدستور الآداب