كلما جاء موسم الحج تذكرت حكاية ذلك الرجل الذي قابلته في دولة سيراليون جنوب غرب قارة أفريقيا، حيث أراد أن يثبت زيارته للسعودية وحَـجّـه فأخذ يُـردّد: (خَـشَـب يا حَاج) !!
 
فذاك الرجل الطيب لم يبق في ذاكرته من حَـجِّـه واختلاطه بمجتمعنا لأيام إلا صورة وعبارات أولئك الأعزاء الذين كانوا يطوفون بكبار الـسِّـن والمرضى على رؤوسهم؛
 
وهذا يؤكد ضعف ومحدودية البرامج ذات التأثير الإيجابي في فِـكْـر وثقافة الحجاج والمعتمرين!
 
 
تلك الحكاية وقعت من سنوات، فهل تغيرت الحال، وتمت الإفادة في هذا الجانب من التقنية الحديثة؟!
 
 
زرت قبل يومين منطقة شهداء أحد بالمدينة المنورة، وكان المشهد يَـضُـمّ باعة مساكين تسحقهم الشمس والرمضاء يعرضون بعض التمور والهدايا التقليدية!
 
 
وذاك تسجيل صوتي من فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُـكَـرّر بعدة لغات آداب الزيارة!
 
 
وهناك شباب صغار يحاولون بِـطُـرق بدائية القيام بدور المرشدين أو الـمُـطَـوّفين لمجموعة من الزائرين!
 
 
وهذا جبل الرّماة مازال ترابياً وعِـرَاً يصعب على كثير من الحجاج الصعود إليه مع حرصهم على ذلك!
 
تلك صور وملامح تشهد على واقِـعٍ لا جديد فيه؛ فهو نمطي لم تتغير أدواته منذ عشرات السنين!
 
وهنا مواسم الحج والعمرة وما فيها من روحانية وصفاء للنفوس فرصة للتغيير الإيجابي في العقول، ورسم الصورة الحقيقية للإسلام الوسَطي بعيداً عن صراعات التيارات الفكرية والسياسية!
 
فتصوروا لو تمّ تحويل منطقة (شهداء أحد) مثلاً إلى مركز حضاري متكامل، فيه جميع الخدمات، ومن ذاك معرض دائم يستعين بالتقنية المرئية في رسم صورة غزوة أحد وما فيها من عِـظات وعِـبَـر بمختلف اللغات، بأساليب جاذبة متسامحة!
 
أعتقد لو تعددت تلك المراكز وتنوعت أطروحاتها في شتى الأماكن التي يرتادها الحجاج والمعتمرون في مكة والمدينة؛ فإنهم سوف يعودون لبلادهم بحصيلة ثقافية كبيرة، وصور إيجابية خالدة عن الـدّين والمجتمع.

المراجع

موقع قبلة الدنيا مكة المكرمة

التصانيف

مكة المكرمة