الذين يحسبون أن زيت الزيتون البلدي هو دمهم الثاني الجاري بعروقهم وشرايينهم ، هؤلاء من الصعوبة بمكان أو زمان غشهم وخداعهم. فالواحد منهم سيكفيه أن يتذوق برأس لسانه أي زيت معروض: فيميز أنه بلدي (بكر) ، ابن السنة ، وقد يعرف منشأه ، وهل هو مروي أو بعلي (يعتمد على المطر في ريه). ورغم هذه الخبرات في الناس: فما زالت تتواصل عمليات خلط الزيت البلدي بزيوت رخيصة ، مثل زيت الذرة ، ودوار الشمس والنخيل ، خصوصا في هذا الموسم ، فالظاهر أن منسوب الجشع بات يرتفع إلى مستويات عالية.

وهنا أشيد بالمهندس الزراعي نصر حسنين من المؤسسة العامة للغذاء والدواء الذي ابتكر جهازا بسيطاً يمكن المواطنين من كشف الزيت المغشوش بأخذ عينة بسيطة منه وإضافتها إلى أنبوب اختبار يحتوي على مادة كاشفة ، ورج الأنبوب ، فإذا تكونت طبقة خضراء من الزيت فهذا يعني أن الزيت غير مغشوش وذو نوعية جيدة ، بينما اذا تكونت طبقة حمراء أو بنية ، فسلامة تسلمكم.

ونتذكر بعضاً من طرائف باعة الزيت المغشوش ، فبعضهم يبقى نصف ضميرهم حياً ، فيدلهم على التلاعب بالألفاظ. ولهذا كانوا يعمدون إلى دهن رقابهم بزيت بلدي ، لا تشوبه شائبة ، وأحيانا يكحلون به عيونهم ورموشهم ، وقد يتجاوزون ذلك بأن يمسحوا أولادهم الصغار بطبقة رقيقة منه. فربما سيضطر هذا التاجر أن يقسم يميناً غليظة للمشتري ، فيقول له بمنتهى المصداقية: على رقبتي زيت بلدي،، ، (وهو صادق: لأن رقبته تتلألأ بطبقة الزيت) ، أو يقسم: على عيوني ورموشي زيت بلدي ، وإذا ظل المشتري مشككاً في جودة زيته ، يقول: يا رجل على أولادي الغائبين عن عيني زيت بلدي.

لا نريد أن نؤكد حقيقة أن اليمين لا تكون إلا على نية السامع ، وليس على نية حالفها ، ولكن نقول أن عجاج الطريق ربما يغطي الرقبة بطبقة رقيقة عازلة من الغبار ، تجعل يمينهم المواربة مختلة في توازنها ، أو أن ولداً من الأولاد يأخذ حماماً ساخناً ، فيجعل يمين أبيه في مصرف الكذب الخالص. لا نريد أن نؤكد على هذه البديهيات ، بل ما زلنا نردد مع الناس البسطاء: نحن لا نهاب الحرامية المغموسين بالحرمنة حتى شوشة روؤسهم ، فهؤلاء نعرفهم عرف اليقين ، وهم مكشوفون ، ولكننا نهاب أنصاف الغشاشين المطليين بشعارات براقة تتلألأ مثل الزيت البلدي.. هؤلاء هم مقتلنا،،.


المراجع

addustour.com

التصانيف

صحافة   رمزي الغزوي   جريدة الدستور   العلوم الاجتماعية