كلُّ شتاء لا ينفجر فيه (أبو الجود) لا يعوّل عليه ، ولا نحسبه في ذاكرتنا ، ولا ندرجه في ليالي سمرنا. ونحن نسمي ظهور الينابيع وانبجاسها من باطن الأرض ، بعد أن يتعتعها المطر ، نسميه انفجاراً ، ليس لأن لصوت خروج الماء ما يشبه الدوي الهادر ، بل لأن بشرى هذا الينابيع وتفتقها في أراضينا تفجر فينا فرحاً نووياً: فأهلا بموسم الخير.

تلقيت أكثر من هاتف خلوي ، من أصدقاء وأخوة أعزاء ، نقلوا لي وعلى الهواء مباشرة ، هدير انفجار نبع (أبي الجود) الشهير في قلب عجلون ، وكان بودي أن أهدي كل متصل عباءة مقصبة ، فعلى عادات أجدادنا ، فقد كانوا يمنحون عباءة لأول من يزف لهم بشرى هذا النبع الكريم. وبدوري قلت لهم: لكم مني عباءة خضراااااااااء ، بعد أسابيع ، عباءة مطرزة بالدحنون ومقصبة بلثغة الأقحوان: لكم كل الربيع المتنظر أيها الرائعون،.

فكثيراً من الفرح أيها المحبون للأرض ومائها ، كثيرا من الفرح أيها العجلونيون، ، وكثيراً من البركة أيتها الأرض العامرة بمطرها الناعم الذي تغلغل إلى الأعماق. فأول أمس ، ومن ذات الصخرة في سفح جبل (ظهر العرقان) ، في الجهة المقابلة لعين التيس دائمة التدفق ، على الطريق الرئيسة بين عجلون واربد ، والتي اقترحت على بلدية عجلون أن تسميه بشارع (أبو الجود) ، أول أمس ولد من جديد نبعنا الجميل ، ولد هادراً متدفقاً بلونه المائل للحمرة ، وكأنه دم لقربان قريب ، وسيجري حتى يصب في وادي الطواحين: وعندها ستتلقفه أشجار اللوز والليمون والصفصاف والزيتون ، وتشيًّعه لوادي كفرنجة بهدير يشبه الزغاريد ، حتى يصل الشريعة (نهر الأردن).

والبشائر هذه المرة لا تأتي ، على غير عادتها ، فرادى بل زرافات زرافات ، ففي كل أنحاء بلدنا تفجرت الينابيع شاكرة ربها على موسمنا الطيب ، في الكورة وإربد والسلط والطفيلة والكرك ، وفي مدينة سوف محافظة جرش ، تفجر نبع الشلالات الشهير ، وفي كفرنجة عادت للحياة ينابع كثيرة ، كانت غابت لسنوات طويلة عن الحضور ، وكذلك بشرى الشروع بتنفيذ سد وادي كفرنجة في آب القادم: حمدا لله الكريم.

وللتذكير فقط ، فالعجلونيون كانوا يكللون هذا الفرحة بطبخة مفتول بلدي ، وهو القمح المجروش الذي يفتل في الطحين الأسمر ، يطبخ على بخار لحم الديوك. ولهذا أصبّح على أمي الأرض ، وعلى أمي الحاجة أم رمزي ، وأذكرها بأطايب يدها المباركة. وكل أبي الجود ، وأنتم بخير أيها المحبون للأرض.


المراجع

addustour.com

التصانيف

صحافة   رمزي الغزوي   جريدة الدستور   العلوم الاجتماعية