في ملوحة كذبة نيسان، ، يحلو لنا أن نتذكر أن الملح كان ، ولزمن ليس ببعيد ، كان مرتبطاً بفكرة الخصوبة ، بسبب الملاحظة الظاهرة ، بأن أسماك المياه المالحة تتكاثر بسرعة وقوة أكبر من تلك التي تحيا في مياه العذبة، ، وربما للسبب نفسه كانت القرى الألمانية تنثر الملح على حذاء العريس ليلة دخلته،،.
وفي ذات خصوبة ، يزود مربو الأبقار مزارعهم بحجارة كبيرة من الملح ، فتعمد البقرة على لحسها بلسانها الطويل: فتشعر إثر ذلك بالعطش الشديد ، فتهجم على الماء وتشرب منه شرب الهيم ، الأمر الذي يزيد إدرار الحليب: فهل تنفع أحجار الملح مع بني البشر ، لأجل مزيد من أكاذيب لهذا العالم الملفق؟،.
ومع أن الكذب ليس دائماً حجر ملح يجبرنا على الامتلاء الوهمي ، فهو يتلون أحياناً بألوان أكثر تعداداً من مقتنيات قوس قزح: فهناك الأسود ، الخمري ، الأحمر ، الأبيض ، البني. لكن أشد الألوان غموضاً ، هو الكذب الرمادي: أو الحقيقة المواربة ، فتباً لأنصاف الحقائق.. وأنصاف الأكاذيب ، حتى لو قالوا أن الكذب ملح الرجال،،.
وإذا كنا نستطيع أن نحتال على بيضة غارقة بالماء ، فنجعلها تطفو على السطح ، بإضافة قليل من الملح إلى الماء ، لكننا لن نقدر مهما بلغنا من الحنكة والحيلة والخبرة أن نجعل الزائف يطفو حقيقياً ، ولو جئنا بملء الأرض ملحاً، ، وكذلك إذا كنا نستطيع أن ننزع الماء من شرائح البطاطا ، قبل قليها بالزيت ، برشها بالملح: فإننا سنفشل بانتزاع قطرة حقيقة واحدة مهما رششنا من أكاذيب حلوة فوق واقعنا المقشر،.
الفرنسيون يسمون كذبة نيسان بالسمكة الصغيرة،، ، حيث من السهولة بمكان ، أن تقع هذه السمكة المسكينة الغرة في الفخ أو الشبكة ، تماماً كتقطع حبال الكذب الواهية والضعيفة: الشبكة والصنارة هما الحقيقة الوحيدة في عالم السمكة المصطادة،،.
في بهجة نيسان يحل علينا ضيف قصير الإقامة ، يحل الربيع يانعاً بزهوره ووروده ، وكل نباتاته ستعطي ثمراً بعد صيف ، إلا شجر الزيزفون: فهو كاذب وكذوب ، يزهر ولا يثمر،، ، تماماً كحبال الكذب القصيرة ، التي تنقطع مع أول شدة حقيقة: وتشاهدون كيف تحول البعض في هذا الزمن العقيم إلى أشجار زيزفون منزوعة الأزهار والرائحة،،.
أنتم ملح الأرض. ولكن إن فسد الملح فبماذا يُملّح؟، ، هكذا قال السيد المسيح لتلاميذه ، الملح يفسد فقط إذا اختلط بالتراب والشوائب ، فهل ننقي حياتنا من أدرانها وشوائبها ، ونصدق مع أنفسنا للحظة واحدة؟،.
وكل نيسان وأنتم بصدق. نريد يوما صادقا نحياه ويحيانا،،.
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة رمزي الغزوي جريدة الدستور العلوم الاجتماعية