ربى الرياحي

عمان- صعوبة كبيرة كانت تجدها الطالبة الجامعية روان كلما حاولت أن تجد لنفسها وقتا تستمتع به؛ إذ إن شعورها الدائم بالفوضى وتراكم الضغوطات كان يمنعها من أن تمارس هوايتها المفضلة وهي القراءة. هي وباعتبارها تريد أن تحقق سلسلة من الأهداف، قررت أن تبحث عن حلول لمشكلتها، وبحسب قولها، فإن اهتمامها بقراءة الكتب النفسية وتلك المتعلقة أيضا بتعلم المهارات الحياتية اليومية ساعدها كثيرا على التعرف على طرق وقواعد من شأنها أن تمنحها بعض الأفكار التي تعينها على تنظيم وقتها وإدارته، بحيث تستطيع تنفيذ أكبر عدد ممكن من المهام خلال اليوم، وذلك بتدوين كل المواعيد والمناسبات التي تنوي إنجازها في مذكرة على هاتفها.
وتبين أنها اتبعت هذه الطريقة لمدة شهر تقريبا، فكانت النتيجة مجدية جدا بالنسبة لها، فهي قد لمست الفرق وشعرت بذلك التغيير الذي طرأ على حياتها، لافتة إلى أنها أصبحت أكثر التزاما وجدية، كما أنها نجحت في أن توازن بين علاقتها بنفسها وبطموحاتها وبين علاقتها بمن حولها. وتؤكد أهمية تقديس الوقت والتعامل مع الظروف اليومية الطارئة ووضعها ضمن خطط احتياطية.
ويحتاج الأشخاص جميعا لأن ينظموا أوقاتهم ويعرفوا أدوارهم سواء كانوا طلابا أو موظفين أو غير ذلك، والوقت عنصر مهم في إدارة شؤون الحياة، والتحكم به مهارة يسيء البعض استخدامها، لذا فإن القدرة على تنظيمه وإدارته بشكل صحيح يضمن حتما النجاح والوصول إلى أهداف كانت بالنسبة للبعض بعيدة المنال.
ويتحقق ذلك، وفق اختصاصيين، من خلال الموازنة بين المهام العائلية والعملية والشخصية، كما يسمح تنظيم الوقت بالتعرف على الأولويات وتحديدها والابتعاد تماما عن العشوائية، تلك التي تفقد الإحساس بالراحة والاستمتاع، وتحرم الأشخاص من أن يكون لهم وقت خاص يقضونه مع أنفسهم ومهما كانت الحياة سريعة ومتغيرة وفيها الكثير من المفاجآت، إلا أن ذلك من الممكن جدا السيطرة عليه والتكيف مع كل الظروف المباغتة بهدوء وروية.
وتؤكد بعض الدراسات أن تنظيم الوقت وإدارته قضية مهمة تسهم في رفع إنتاجية الفرد وسعادته وتجعله إيجابيا أكثر ينظر إلى إنجازاته وإلى نفسه بفخر، كما أن الاهتمام بوضع خطط قصيرة الأمد وأخرى بعيدة الأمد نقطة مهمة تحد من ضغوطات العمل وتخلق فرصا أكبر للإبداع وتزيد من قابلية الفرد للالتزام بكل مسؤولياته واللجوء إلى تقسيمها ليستطيع التكيف معها وتحملها.
أمنية أحمد هي أيضا أم لثلاثة أبناء ترى أن سبب نجاحها في حياتها اليوم كأم وموظفة، يرجع إلى التزامها وهي صغيرة بتلك البرامج اليومية التي كانت تعدها لتنظيم وقتها والإصرار على تنفيذها رغم معوقات الحياة الكثيرة.
تقول إن إدارة الوقت مهارة اكتسبتها من والدتها التي حرصت على أن تكون شخصية ناجحة في بيتها وعملها، لذا أرادت أن تعلمهم هي وإخوتها كيف يذللون الصعاب أمامهم ويتمكنون من العيش براحة وسعادة وبنمط حياة قائم على التنظيم والمشاركة وتحقيق الاتزان في كل شيء، وفعلا استطاعت أن تزرع فيهم الجدية واحترام المواعيد والدقة في إنجاز المطلوب منهم بعيدا عن فكرة التأجيل واللامبالاة.
ويرى الاختصاصي النفسي الدكتور موسى مطارنة، أن للوقت أهمية كبيرة في حياة الأفراد لكونه يؤثر على استقرارهم النفسي والعائلي والوظيفي، كما أن الاستهتار به وعدم تنظيمه من شأنهما أن يخلقا حالة من التخبط وتزايد الأعباء والمشاكل اليومية.
ويضيف مطارنة أن تنظيم الوقت وإدارته مهارة على الجميع تعلمها والالتزام بها لما لها من إيجابيات، أهمها النجاح وتقليص الضغط الناتج عن تكدس المهام والقدرة على إيجاد مساحة للترفيه والتواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن وجود وقت خاص بالفرد يمنحه فرصة التعرف على ذاته ومناقشة اهتماماته والقيام بها.
ويبين أن الابتعاد عن الفوضى يدفع الأشخاص إلى التخطيط ووضع جداول زمنية تنظم المهام المطلوبة بالساعة والدقيقة، لافتا إلى أن الموازنة بين العمل والراحة تزيد من الشعور بالسعادة والحماس لبذل المزيد من الجهد، كما أن ذلك يرفع الثقة بالنفس ويكسب الفرد احترام ومحبة من حوله ويصبح بمقدوره الاستفادة من الوقت الإضافي واستغلاله.
ويجد أن الاهتمام بالوقت خطوة أولى في طريق النجاح والتميز؛ إذ إن ذلك يجنب كل من يتقن هذه المهارة ويطبقها فكرة التحسر على ضياع الفرص والتشتت، مؤكدا ضرورة التغلب على تلك المعوقات التي تتسبب في تأخير البعض وخاصة أولئك الذين يستسلمون للإحباط بسهولة ويستريحون للتأجيل وينسون توثيق الأهداف التي يسعون إلى تحقيقها، بالإضافة إلى أنهم يستجيبون لمقاطعة الآخرين وتشويشهم كالأهل والأبناء والتأثر بالرسائل السلبية التي تمنعهم من إتمام المهمة للنهاية.
ويوضح مطارنة أن إدارة الوقت تمكن الجميع من ممارسة الأنشطة المفيدة ومنها الاهتمام بالجانب الثقافي كأن يستثمروا وقتهم في القراءة والكتابة والتعرف على الثقافات المختلفة.
ويذهب خبير المهارات الحياتية محمد تملي إلى أن الوقت عامل مهم في نجاح معظم جوانب الحياة، ولهذا السبب فمن الضروري أن يتوقف الأشخاص عن سلبيتهم في إهداره في أمور غير مجدية، لافتا إلى نقطة جوهرية وهي التخلص من فكرة قضاء الوقت حتى لو كان ذلك في أمور سخيفة وغير مفيدة ليكون باستطاعتهم التركيز على كيفية استثمار أوقاتهم وإدارتها بطريقة صحية وإيجابية.
ويبين تملي أن هناك خطوات كثيرة يمكن للفرد اللجوء إليها من شأنها أن تبعده عن ذريعة ضيق الوقت والضغوطات وقلة الإنجاز، وأبرز هذه الخطوات أولا تحقيق التوازن على مستوى المهام اليومية لكون ذلك هو مفتاح النجاح وتجنب الكثير من حالات التوتر والتشتت والانهيار، ثانيا اختيار نظام معين لإدارة الوقت والعمل على وضع جداول يومية تتضمن مجموعة من المهام التي يجب على الفرد إنجازها والالتزام بها.
إلى ذلك، وضع الأهداف المحددة، ومن ثم تقييم ما تم تنفيذه خلال اليوم وإعداد قائمة جديدة سواء على الهاتف أو الورقة تتضمن مهام اليوم الثاني، ثالثا القضاء على العادات السيئة يساعد كثيرا على تدبير الوقت وتنظيمه كتصفح مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مفرط وممارسة الألعاب الإلكترونية لساعات طويلة وغير ذلك، رابعا أخذ فترات راحة متكررة خلال العمل ومن المهم جدا أن يعرف كل شخص وقت الذروة الخاص به حتى يستطيع أن ينجز ويبدع ويتطور في كل من حياته المهنية والشخصية.


المراجع

alghad.com

التصانيف

مجتمع   العلوم الاجتماعية   الوقت