الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات ، في منظمة التحرير الفلسطينية (وأتوقع أن تصبح وزارة مفاوضات كبرى في قابل الأيام،). عريقات يقول عن كتابه الهام الصادر قبل أكثر من عامين بعنون (الحياة مفاوضات) ، يقول إن هذا الكتاب مخصص لبيان العوامل المشتركة للسلوك التفاوضي الإنساني ، وكيفية تفادي حدوث صراع ، ومحاولة الحد منه ، وكيف نعد للمفاوضات؟، ، ومن أي المتطلبات نبدأ؟، ، وكيف نتصرف أثناء المفاوضات ، وخلالها وبعدها ، وأن المفاوضات حاجة ، وليست ضرورة فقط.
مع وافر احترامي لأكاديمية المؤلف ، إلا أني أعتقد أن هذا الكتاب الجميل والأنيق و(المتعوب عليه) ، قد يكون صالحاً كمنهاج تفاوضي مع كل الكائنات البرية والبحرية والبرمائية والهوائية واللاهوائية واللافقاريات ، ولكنه لا يصلح ابداً مع عدو غشوم لا يفهم إلا لغة القوة ، وأنه إن فاوض لا يفاوض ، إلا من أجل التفاوض وتزجية الوقت فقط ، بدليل الثمار اليانعة التي حصل عليها المؤلف نفسه ، بعد ما يقرب العقدين من التفاوض المضحك المبكي.
وبمناسبة الجولة الجديدة من المفاوضات المباشرة مع هذا الكيان التي انطلقت أمس ، تخطر في بالي قصة رواها الشاعر الصوفي العظيم جلال الدين الرومي ، في كتابه (المثنوي) ، من أن بعض اللصوص اتخذوا مكاناً قصياً ، لينالوا شيئاً من الراحة ، بعد نهار حافل بالسرقات والمكتسبات وسمل جيوب الناس،، ، وبعد أن أضرموا ناراً كبيرة ، لاح لهم رجل مسن ، يركب حماراً فارهاً ، يريد المدينة ، التي أغلقت أبوابها ، فرحبوا به وقدموا له شواء وشراباً ، وطلبوا منه أن يتسامر معهم ، حتى الصباح ، بعد أن اضمروا أن يكون حماره أول غنيمة لهم في يومهم التالي،.
مع زيادة وتيرة الطرب أخذت النشوة الرجل شيئا فشيئاً ، فرقص معهم وغنى ، وكانوا يرددون عبارة (خر برفت ، خرب برفت) ، وهي كلمة فارسية تعني طار الحمار طار الحمار، ، والرجل كان يردد معهم العبارة دون أن يعرف معناها ، وكلما أوغلوا بالطرب زادوه شيئاً من الشراب ، حتى صار كالخرقة البالية ، ملقى على وجهه ، فانسحبوا بعد أن سرقوه مرددين: خر برفت،،.
صحا الرجل في اليوم التالي على نار هامدة ، محاولاً تذكر العبارة التي ظل يرددها مع اللصوص طوال الليل ، لكنه لم يفلح إلا في التأكد من شيء واحد ، وهو أنه أصبح بلا حمار. فهل تطير أشياء أخرى في دنيا المفاوضات؟؟،.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة رمزي الغزوي جريدة الدستور