لربما نختلف حول تصنيف البندورة ، أكانت خضاراً أم فاكهة؟ ، أو نختلف في مسمياتها المثيرة. فهي لدى البعض طماطم ، أو حماطة ، أو قوطة ، بل ويتغزل فيها المحبون ، ويدلعونها بفاكهة الثعلب ، أو (تفاحة الحب) ، أو الفاكهة الذهبية ، ورغم هذا سنتفق أن لا مذاق يعلو على مذاقها ، ولا رونق يشمخ فوق رونقها ، خصوصاً وقت تعلو أسعارها. (كأن الأشياء تغدو شهية أكثر حين تستعر أسعارها)،.
السيدة بندورة عبرت المحيط الأطلسي إلى أوروبا بيد الإسبان الذين اكتشفوا العالم الجديد أمريكيا ، ولهذا أتخذت زينة لقصور الأثرياء ، قبل أن تتكاثر وترخص ، وتغدو خبز الفقراء ، فهي روح المائدة ، على حد وصف ربات البيوت العراقيات،.
سأثني على تشخيص رئيس اتحاد المزارعين الأردنيين ، الذي أرجع أسباب ارتفاع سعر البندورة المفاجئ هذه الأيام ، إلى سيادة نظام تسويقي ظالم يخدم التجار الكبار فقط ، ويلبي طموحاته اللامحدودة ، وأثني كذلك على مطالبته الحكومة بتطبيق نظام تسويقي يحقق العدالة للمنتج والمستهلك أيضاً،.
قبل سنوات كتبت قصة عن رجل يلقب (أبو تفاحة) ، فعلى نصف وجهه تفاحة حمراء ، فأمه توحمت على تفاح ، وهي حامل به ، لكن الفقر لم يسعف أباه أن يلبي وحمتها ، فتلقى هو الصفعة بعلامة أبدية على شاشة وجهه. وعندما تزوج أبو تفاحة توسل زوجته ألا تتوحم إلا على أشياء رخيصة ، لكن حظه السيئ يجعلها لا تتشهى إلا تفاحاً أحمر باهظ الثمن (كأن الفقراء لا يتوحمون إلا وحم الأغنياء،).
ويسعى أبو تفاحة لشراء تفاحة واحدة ، فهو لا يريد أن يحمل ابنه علامة كعلامته ، ففي الموروث الشعبي أن المرأة ، إذا توحمت على شيء ، ولم تحصل عليه خلال حملها ، سيظهر ذلك الشيء على شكل وحمة غامقة اللون فوق جسد الطفل،،.
في السوق لم يقترب من التفاح الغالي ، بل رأى البندورة أكواماً ببلاش إلا ربع ، فتأتيه فكرة أن يشتري بندورة ، ويوهم زوجته بأنه اشترى تفاحاً ، لكنه ما أن مد يده إلى حبة البندورة ، حتى انقلبت إلى تفاحة بقدرة قادر ، وهكذا كلما لمس حبة انقلبت إلى تفاحة ، ففرح بهذه الهبة العظيمة ، وسماها البندوفاح ، أي البندورة والتفاح ، ثم استغلها بشكل ذكي وأصبح في مدارج الأغنياء ، بتحويل البندورة إلى تفاح.
في هذه الأيام الشقلبانية ، ومع ارتفاع أسعار تفاحة الحب ، وشياطها فوق أسعار التفاح ، بودي أقلب القصة ، فأجعل التفاح يتحول بيد الفقير إلى (تفاحة حب) ، كي تقر بها عيون الفقراء ، الذين يحاربون حتى بروح مائدتهم: البندورة،.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة رمزي الغزوي جريدة الدستور