يعتقد بعض السياسيين العرب المخضرمين ان قضية النظام السوري مع الولايات المتحدة قد اخذت منحى استدراك بعض نتائج غياب الرؤية لدى الادارة الامريكية والتي ادت الى نفوذ قوي للشيعة من اصحاب المرجعيات الدينية التي تمتد الى ايران, بحيث اصبح من الاحتمالات القوية ان يصبح لهؤلاء النفوذ السياسي الاكبر مستفيدين من مقاطعة السنة، وما قدمه الشيعة من ثمن للاحتلال.
ويرى هؤلاء السياسيون ان ابعاد الموضوع السوري تمتد الى محاولة الضغط على ايران التي ُتبدي انسحاباً براغماتيا ملموساً من القضية السورية وتحاول ممارسة نوع من التحدي عبر ملفها النووي, وان الموضوع السوري محاولة لتفكيك او اضعاف اي حالة طائفية شيعية في المنطقة, ذلك ان النظام السوري يمثل الطائفة العلوية وهي احدى فرق الشيعة, كما ان سوريا تمثل الغطاء السياسي لحزب الله الذي اثبت خلال المرحلة الحالية انحيازه لخياره الطائفي اكثر من الموقف القومي واعطى نوعاً من التبرير لصمت ومهادنة الاحتلال الامريكي في العراق دفاعاً عن موقف مراجعه الشيعية في ايران والعراق.
وبهذا التفسير فان نهاية مسار الموضوع السوري تمتد الى تفكيك هذه الحلقات الايرانية الشيعية في سوريا ولبنان ومنع تكاملها مع النفوذ الايراني الشيعي في العراق وبعض دول المحيط العراقي في الخليج اضافة الى الدولة القاعدة في طهران, وهذا يعني ان نهاية الطريق لا بد ان تكون في تفكيك مفاصل هذه الحلقة في الزحف الشيعي السياسي في المنطقة, واعادة تأهيل الواقع السوري واللبناني بهذا الاتجاه, او على الاقل سلب الشيعة في لبنان ميزة القوة العسكرية التي توفرت لهم بحكم مقاومة الاحتلال الصهيوني, وما زالوا يحتفظون بها بحماية سورية وتحت مبرر مزارع شبعا التي منحها السوريون للبنان لتبرير استمرار الواقع العسكري لحزب الله.
ويبدو النظام السوري في هذه الازمة وقد خسر دعم تحالفاته العربية التقليدية في السعودية ومصر؛ فالسعودية تمتلك موقفاً من الموضوع اللبناني وبخاصة ان حليفها الحريري احد ضحايا المرحلة الحالية والازمة القائمة، اما مصر فلديها اولويات داخلية وصواعق تحب نزع فتيلهاعبر تقارب مع واشنطن من بوابة تل ابيب وليس الصدام معها.
لكن السلاح الذي ما زالت دمشق تعتقد انها تملكه هو ما عبر عنه الرئيس الاسد في خطابه عندما اعلن ان على الامم المتحدة ان تتحمل نتائج خروج القوات السورية من لبنان, وهذا كان بمثابة تهديد واضح, واشارة الى هذا السلاح الذي يعني ادخال الساحة اللبنانية فيما هو اكبر من التصعيد السياسي. ولدى دمشق بعد ثلاثين عاماً تقريباً من دخولها للبنان شبكات وحلفاء، كما ان لديها اجهزة المخابرات والاستخبارات السورية العاملة هناك, وربما يرى هؤلاء ان التسخين غير السياسي للساحة اللبنانية يمكن ان يخفف الضغط عن سورية او يعرقل مخططات خصومها, تماماً مثلما كانت هذه الاجهزة تعتقد ان تصاعد المقاومة في العراق يمكن ان يخفف الضغط عن سوريا, او ما اعتقده البعض ان محاولة افساد الهدنة بين السلطة والجهاد وحماس مع اسرائيل يمكن ان توجه الانظار بعيداً عن الملف اللبناني الذي اشتعل بعد اغتيال رفيق الحريري.
ولهذا نلاحظ انه بعد خطاب بشار الاسد ازدادت حركة القوى الموالية لدمشق في لبنان وربما نشهد بعض التصعيد الذي يأخذ الامور الى مسار غير محمود, ولهذا فان القوى العربية المعنية باستقرار الوضع اللبناني قد تحاول تجنيب لبنان تصعيداً وتوتراً داخلياً يمثل عقاباً سورياً للقوى التي عملت على اخراجها من لبنان، كما ا انه يعطي لدمشق فرصة لالتقاط انفاسها او المساومة على هذ الملف، او لارسال رسالة بان استقرار لبنان مرهون ببقاء القوات السورية.
وبعيداً عن النوايا فان خصوم سورية وجدوا في قوة المعارضة اللبنانية اداة للضغط على النظام السوري، ولان المعادلة السورية ليست في قوة المعارضة اللبنانية اضافة الى انها ليست على صلة بالقوى الدولية والاقليمية.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة