مماطلة وتسويف وآمال مزعومة زرعتها حكومة الاحتلال الاسرائيلي في ملف الاسرى الاردنيين لديها، اسفرت عن قرار بالافراج عن جزء وعدد قليل، بحيث ابقت هذا الملف مفتوحا، ولم تقدم اي خدمة للحكومة الاردنية التي تحتاج الى مثل هذا الانجاز السياسي والشعبي، حتى ظهرت مبادرات حسن النية الاردنية بإعادة السفير واشياء اخرى.
وكأنها ثمن مجاني تقاضته حكومة الاحتلال لتقابل هذا بقرار إفراج جزئي، مع الاصرار على ابقاء من تصفهم بأنهم من قتلة الاسرائيليين في مرحلة ما قبل معاهدة السلام.  
 نفرح لأي معتقل واسير يخرج من سجون الاحتلال، لكن هذا لا ينفي قياس الامر سياسيا, فالافراج الجزئي الذي تصفه اسرائيل بأنه مبادرة حسن نية تجاه الاردن ليس اكثر من مماطلة، ونوع من الاحراج للحكومة امام الرأي العام الاردني. فما قيمة اي معاهدة لا تنجح في اقناع الطرف المعتدي بالافراج عن محكومين لديه؟
ويبقى هؤلاء رغم قضائهم سنوات طويلة في السجن بحجة ان ايديهم ملوثة بالدم.
فأي تلوث يفوق تلوث ايدي شارون وبيريز وباراك ونتنياهو بالدم العربي! واذا اردنا تعميم هذا المقياس فإن شارون يجب ان يعتقل بمجرد دخوله اي ارض عربية، وان لا يكافأ من العرب والفلسطينيين بإعطائه فرص السلام وقرارات الهدنة التي تجعل منه رجل سلام.
 
  من الواضح ان الحكومة تشعر بالحرج لهذا التعامل الصهيوني الذي افرز نتائج مخيبة للآمال لمفاوضات طويلة. ولهذا فإن المسؤولين يعبرون عن حرجهم بالاشارة الى ان المفاوضات ستستمر لاغلاق الملف، لكن تجربة عقود مع هذا الكيان وعقلية شايلوك، كما وصفها شكسبير، تؤكد لنا ان اسرائيل تسعى دائما لابتزاز ما تستطيع من الاطراف الاخرى مقابل الحد الادنى من الثمن.
 
  سلطان العجلوني وامثاله من الذين ترفض اسرائيل الافراج عنهم، ليسوا خطرا على السلام العالمي، لكنهم وسيلة لتعبر حكومة شارون عن عقليتها الاستفزازية ورغبتها الدائمة في احراج حتى اصدقائها، ولهذا فإنها تعمل بجد على افراغ اي خطوة من مضمونها ما دامت قد قبضت الثمن كاملا ونالت مرادها.
الخطأ الكبير الذي تمارسه اي دولة في علاقاتها الخارجية ان تدفع الثمن مقدما، وبخاصة اذا كان الطرف المقابل يتعامل بانتهازية وجبروت ولا يتورع عن احراج الاطراف الاخرى، وهذا ما حدث في قضية الاسرى الذين قال بعضهم ان اعادة السفير الاردني الى تل ابيب سيخدم قضيتهم، لكن ما حدث ان اسرائيل حققت ما تريد ثم مارست ما تريد في فرض شروطها في ملف الاسرى الذي سيبقى شاهدا على ضعف في الرؤية الدبلوماسية، ليس في هذه المرحلة وانما قبل توقيع المعاهدة عام 1994.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة