استوى العدس
عندما تصبح كرة الثلج المتدحرجة ، بحجم متعاظم ، وزخم عال ، وتسارع كبير ، فلا يمكن صدها ، أو مواجهتها في أي الأحوال ، وسيقولون: لقد استوى العدس. ولا بد لهذه الكرة أن تصل إلى مستقرها ، وتحقق مرادها ، وستجتاح كل من يقف بطريق إرادتها. كذلك كرة الشعوب الغاضبة التي تتدحرج صغيرة وببطء بداية أمرها ، ولكنها إذ تنحدر في طلب الحرية ، فلا حيَّ إلا الله يقف في طريقها أو يوقفها أو يبعدها عن هدفها. فهي تسونامي. فهل استوى عدسك يا مصر؟،.
من الآن ، على طغاة العالم ، الذين لم يقرأوا التاريخ جيداً ، أو الذين يتجاهلونه ، بسبب كبرهم وعنجهيتهم ، الذين لا يتعلمون من تجارب أسلافهم وزملائهم في الطغيان ، ويريدون أن يتعلمون من كيسهم الشخصي. من الآن ، عليهم أن يتعلموا من كرة الثلج ويخمنوا مدى قوتها. عليهم أن يفهموا أنه ليس صعباً أن تتجمع ندف الثلج الصغيرة ، حتى في يوم صائف ، لتشكل كرة يتعاظم أمرها بلحظة لم تخطر على البال ، فتضرب ضرب الزلازل.
أو عليهم أن يتعلموا من الماء ، إذا اعجزتهم فلسفة الثلج وإيحاءاته. عليهم أن يتعلموا من الماء الهادئ السهل الممتنع ، لكنه قد يغدو سيلاً عارماً تتفاقم قوته ، إذا ما حمل في قلبه الأتربة والحجارة والضغائن والديون والقمع والكبت والبطالة ونقص الحرية. عندها لن تنفع نافعة ، وسنقول: استوى العدس.
وحين يتم تجاهل إيحاءات الناس البسيطة ، ويتم الطبطبة على مطالبهم وحقوقهم ، أو خنق أحلامهم في براعمها ، وكبت مشاعرهم. وعندما لا يلتفت للإشارة العابرة ، التي تعبر بها الشعوب المحقونة بمطعوم الصبر والتحمل. وعندما يعيش المسؤول داخل فقاعة عازلة للصوت والصورة ، والنصيحة ، فقاعة تبعده عن أنين الفقر ونبض الشارع. عندها فقط ، لا بد أن نستعير أغنية أم كلثوم الشفيفة ونقول بصوتها: إنما للصبر حدود.
وعندما نرنو إلى تحقيق أحلامنا الانتهازية الفوقية سراطانية الشراهة ، وأحلام زمرتنا ومقربينا الشرهة ، ذات البطن الأجرب ، الذي لا يشبع ، عندما نلتفت لهذا ، وننسى أن الإنسان الذي منحه الله الكرامة وأسجد له ملائكته سجود تكريم ، قد يقبل الجوع والعري والتعب ، ولكنه لا بد وينتصر لكرامته يوما ما. وحين كرة الثلج ، لن تنفع حيل التهدئة والتطمينات وتغيير الحكومات ، ولن ينفع الهرب. فقد استوى العدس.
على العالم منذ تونس الجديدة ، أن يفهم جيداً ، معنى كرة الثلج ، وفحوى سيل الماء. عليه أن يعرف ماذا يعني استوى العدس. المجد لأرض النيل.
بقلم رمزي الغزوي
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة رمزي الغزوي جريدة الدستور العلوم الاجتماعية