أنا اليوم ليبي. ليبي من طرابلس أو بنغازي ، أو سرت ، لا فرق عندي ، فالدم واحد ، والغضب واحد ، والوجع واحد ، والدمع واحد. أنا ليبي حتى النخاع وأعمق ، وبودي أن تفتح أبواب التطوع ، كي نهب بصدورنا العارية لتلقي بركات العقيد من قنابل ولهيب. فمنذ متى يخيف الموت شعباً أراد الحياة؟؟،.
أكاد أرى نهايته المخزية ترتسم أمامي رؤيا العين ، أكاد أتحسسها. نهاية تليق بطاغية ، لم يعش يوماً على تراب الحقيقة والواقع ، بل ظل يهيم في غياهب جنونه ، ، وشطحاته. نهاية لن يمنح فيها لقب (الرئيس المخلوع) ، ولن يحظ ببلد يأويه ، في أرذل عمره ، بل سيسوح في لقب (التعيس المسحول). فأكاد أراه مسحولاً بغضب الشعب ، الذي خنقه وكبته لعقود طويلة فقرا ومذلة ، أكاد أراه مسحولاً من بنغازي إلى طرابلس.
لم يبق من نظام الطاغية إلا ما يبقى من ذنب السحلية المقطوع. تضرب به يمينا وشمالاً ، ولكنها ما تلبث أن تموت. إنها رقصة المذبوح المفضوح ، رقصة الطاغية الأخيرة ، قبل أن يتهاوى إلى مزبلة التاريخ منبوذاً. إنها آخر أوراقه. فسلام على ليبيا في العالمين. وسلام على دماء الشهداء ، التي ستزهر حرية ونماء.
لم أصدق عيني أبداً. فركتهما أكثر من مرة علني كن أعيش كابوسا فاصحو. فهل يعقل أن يوجه إنسان إلى شعبه لهيب الطائرات وقنابلها ورصاصها؟،. ألا اقارب لك؟، ، ألا أصهار لك ، ألا أصحاب؟،. كيف جرؤت على سفك دمهم بهذه البشاعة التي يعافها عدو. لم أصدق مرأى الشهداء في الشوارع محروقين. نحن لسنا في حرب بين عدوين يا مجنون. فيا الله كيف يفكر الطغاة ، حين يحين حينهم. كيف يتجبرون ، وكيف يصوغون نهاياتهم المخضبة بدماء الابرياء ، بحثا عن خلود ما. لكن مزبلة التاريخ تنتظر.،.
العقيد الذي تأله منذ رفضه أن يترقى في الرتب العسكرية لرتب أعلى من عقيد. فمن ذا يرقيه؟،. وهو ملك الملوك. لمن الملك اليوم يا قاذف الدم والسم؟،. هذا العقيد المسحول ، وفي عشر ثوان ، هذا كلام مضحك. مؤكداً أنه ما زال في طرابلس. وأنه لم يهرب بعد ، معتقداً أن إرادة الموت ، مهما تجبرت ، ستكون أكبر من إرادة الحياة.
لم يلفتني هذيانه ، بل لفتني حمله لمظلة واسعة تقيه اصابع المطر. فأية مظلة ستقيك غضب الناس؟،. أية مظلة ستقيك سجيل ثورتهم وغيظهم. عاشت ليبيا حرة ابية. وعاش شعبها العظيم. والنصر صبر ساعة.
بقلم رمزي الغزوي
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة رمزي الغزوي جريدة الدستور العلوم الاجتماعية
|