إذا ما وضعت "قاسم سليماني" على مشغل البحث Google، فإنك ستحصل على حوالي 26000 موضوع باللغتين العربية والفارسية غير مكرر، وإذا ما قمت بوضع "فيلق القدس" فإنك ستحصل على 35200 باللغتين العربية والفارسية.
الهدف من هذا ربما محاولة رصد الكم الهائل من المتابعة لنشاط القائد العسكري لفيلق القدس قاسم سليماني والذي ترى فيه الدوائر الأميركية والغربية وحتى الإقليمية الرجل الذي يدير دفة الأمور في العراق بعد 2003.
العميد قاسم سليماني، يعد احد ابرز القادرة العسكريين الذين شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية، ويعتبر من جيل المؤسسين لفكرة حرس الثورة (سباه باسداران). ظهر دوره خارج العمل العسكري في ثلاث مناسبات أساسية: الأولى عندما شارك ووقع رسالة احتجاج شديدة اللهجة مع 24 من كبار ضباط الحرس الثوري ضد الرئيس الإيراني محمد خاتمي عام 1999، وذلك في أعقاب انتقاد الرئيس لاقتحام مساكن الطلبة في جامعة طهران. وقد مثلت هذه الرسالة خطوة هامة في طريق تدخل المؤسسة العسكرية وبشكل مباشر في الشأن السياسي الإيراني الداخلي.
الحدث الثاني، الذي يبدو انه أسهم في ظهور نجم الرجل، كانت أحداث 11/9/2001، والحرب التي شنتها الولايات المتحدة على أفغانستان باسم الحرب على الإرهاب، فقد تولى الرجل الملف الأفغاني، لا سيما وأن الولايات المتحدة أصبحت على الحدود.
ويبدو أن الاستراتيجية الإيرانية التي طبقها العميد سليماني ركزت على ضرورة الوجود داخل الأراضي الأفغانية لحماية الأمن القومي الإيراني، وذلك من خلال العمل مع القوى السياسية الأفغانية بغض النظر عن مذهبها أو عرقها.
وقد أصبحت إيران بموجب هذه السياسة أحد العناصر الفاعلة وخاصة عندما وعدت بالمشاركة في إعادة أعمار أفغانستان بحوالي 600 مليون دولار.
في هذا السياق، وبعد أن بدا واضحا الإصرار الأميركي منذ صيف 2002 على تغيير النظام السياسي في العراق، فقد عمل مجلس الأمن القومي الإيراني على محاولة دراسة الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها إيران في حال بدأت واشنطن بتنفيذ خططها، ويبدو أن إيران فكرت في استخدام الاستراتيجية نفسها التي اتبعتها في أفغانستان، وذلك بالوجود على الأرض لتحقيق المصالح الإيرانية، مستغلة علاقاتها مع المعارضة العراقية الشيعية والكردية على السواء. وقد عهد إلى سليماني بتولي الملف العراقي منذ أيلول 2002. هذه الخطوة كانت المناسبة الثالثة التي يثبت فيها الرجل قدراته العسكرية والأمنية على خدمة مصالح إيران، وقد سانده في ذلك الجهد الذي بذلته المؤسسات الإيرانية الأخرى منذ الثمانينيات من خلال جذب العراقيين الذين اجبروا على ترك العراق خلال الحرب مع إيران.
التركيز الكبير من قبل الغربيين والأميركيين على دور سليماني في العراق، باعتباره مهندس التغيرات، لكن ذلك يبرز بصورة واضحة امتداد لمشكلة أولئك الغربيين والأميركيين في فهم السلوك السياسي الإيراني، وإظهاره وكأنه يأتي في سياق فردي محض، وهنا يبرز السؤال هل الجنرال بترييوس كان يسير بالأمور بشكل فردي؟
إن الوضع في العراق ما بعد 2003 كان يسير في إطار محددات مجالس الأمن القومي في الدول التي لها دور في التطورات في العراق. الخطوط العامة لهذه السياسات في الغالب تقر هناك، ويترك للقادة الميدانيين هامش من الحرية للعمل فيما لا يتنافى مع هذه المحددات.
مسألة أخرى يبدو من المهم الإشارة إليها، وهي انه متى كان العسكريون فقط يديرون قضايا الدول الكبرى، هذا ليس انتقاصا من دورهم، بل هم في الغالب يعملون في ظلال السياسيين أو بجانبهم. فما يفعله العسكريون ما هو إلا تنفيذ لسياسات كلية لدولهم وليس اجتهادات شخصية لقيادات ميدانية.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة تصنيف محجوب الزويري جريدة الغد