لم تنجح الحكومة في ممارسة الحياد، والتعامل بذكاء مع حالة الالحاح من رئاسة المجلس ومعظم النواب، بأن تدفع الحكومة جزءاً من صفقة شراء السيارات للسادة النواب، وزيادة امتيازات ممثلي الشعب الاردني. فبعد ان اعتبرت الحكومة هذا الامر شأناً مالياً للمجلس، واعطت رئاسة المجلس حق اجراء مناقلة مالية من نفقات السفر الى صفقة السيارات، عادت الحكومة لاصدار قرار بإعفاء سيارات السادة النواب "الوظيفية!" من الجمارك، ولتسجل بهذا القرار تورطا مباشراً وواضحاً مع النواب في ممارسة بذخ وترف لا مبرر له.
وهذه الحكومة هي التي طبقت قرار الحكومة السابقة حول الرسوم والضرائب والجمارك على السيارات؛ القرار الذي ادى الى تخفيض اسعار السيارات الاميركية وذات المحركات الكبيرة، ورفع اسعار السيارات الصغيرة التي يتداول بها عامة الناس. وبهذا، يسجل للحكومة قيامها برفع اسعار السيارات على الاردنيين، واعفاء سيارات النواب من الجمارك، وهو ما ينسجم مع طروحات الحكومة وسعيها إلى تحسين مستوى معيشة الاردنيين وتخفيف المعاناة عنهم!
والحكومة التي مارست الكرم على حساب ايرادات الخزينة، هي التي تبحث عن الإخراج والتوقيت لاعلان قرارها برفع اسعار المشتقات النفطية، من غاز وكاز وبنزين، وما سيترتب على هذا القرار من رفع لاسعار خدمات وسلع ترتبط بأسعار مشتقات البترول. انها معادلة جميلة وطريفة، ان يتحالف نوابنا وحكومتنا لزيادة مساحة البذخ والترف، بينما تسيل دموع الحكومات والنواب وهم يتحدثون عن حرصهم على تحسين معيشة الاردني، الذي لا ينال من النواب والحكومة الا التعاطف الشكلي، اما اثار القرارات الاقتصادية المرهقة، فتقع على المواطن.
ومع ذلك، فإننا كأردنيين يمكننا تحمل رفع الاسعار وثبات الرواتب، اذا كان نوابنا الكرام ينعمون بالامتيازات التي لا تقل عن امتيازات الوزراء. فهذه الامتيازات قد تكون هي التعريف الذي تعتقده رئاسة المجلس لمصطلح هيبة المجلس ودوره السياسي. وعلى عامة الناس ان توزع الحلوى، وتتبادل التهاني؛ فالنواب سيركبون سيارات فاخرة على حساب الخزينة، اما المواطن فهو الطريق الأسهل لممارسة الاصلاح الاقتصادي على حساب راتبه المتآكل، ولا مانع ان يخصص جزء من عوائد رفع اسعار الكاز والغاز والبنزين لتمويل شراء سيارات لنوابنا، الذين يصلون الليل بالنهار لخدمة الناس، والدفاع عن حقهم في حياة كريمة خالية من المشقة المالية.
وعلى كل حال، فإن الاقدار تأبى الا ان تضع الامور في نصابها، وان تقدم حقيقة مواقف كل كتلة او نائب من القضايا التي تستحق موقفا واضحا، وهي القضايا الخاصة بالامتيازات وما تهواه الانفس وترتاح اليه قلوب المؤمنين بهيبة المجلس، ولو كانت على حساب خبز الاردنيين وثمن جرة الغاز.
وكل عام والاصلاح بألف خير، ما دام لا يوقف هدراً للإنفاق، ولا يحفظ للمواطن حقه في شراء الكاز والبنزين، بمعاناة لا تقل عن معاناة السادة النواب الان وهم لا يركبون سيارات حكومية.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة