المؤتمر الأخير للرباعية الدولية حول الشرق الأوسط، الذي عقد في شرم الشيخ في التاسع من تشرين الثاني، كان مهما لكونه الأخير الذي تحضره وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس.
هذا الاجتماع مهم أيضا لارتباطه باجتماع آخر، جرى على هامشه، جمع بين دول عربية هي الأردن ومصر والبحرين والإمارات العربية المتحدة والمغرب مع وزيرة الخارجية الأميركية ووزير الخارجية الفرنسي كوشنير ومنسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافير سولانا.
التركيز في ذلك الاجتماع كان على الإدارة الجديدة والتعامل مع إيران، ويبدو أن الدول العربية نقلت قلقها من الحديث القادم من واشنطن حول إمكانية تقديم عروض مغرية لإيران للتخلي عن برنامجها النووي على حساب المصالح العربية.
القلق الإقليمي هو من احتمالية أن تؤدي أي مفاوضات أو عرض متوقع من الإدارة الجديدة لإيران إلى تعزيز نفوذها الإقليمي، لا سيما وان القلق العربي متعلق بهذا النفوذ ربما بنفس المستوى أو أكثر منه من البرنامج النووي الإيراني.
هذا القلق تعزز مع التصور الذي قدمه سولانا للوزراء من أن المحادثات بين الاتحاد الأوروبي وإيران قد وصلت إلى طريق مسدود، وان الاتحاد رغم الحديث عن جولة من المفاوضات الجديدة مع إيران غير متفائل بشأن الحصول على موافقة إيرانية على وقف التخصيب، لا سيما مع القناعة التي ربما تكون لدى الإيرانيين بأن الإدارة الجديدة قد لا تضع الملف النووي الإيراني كأولوية، كما كان الوضع في ظل الإدارة الجمهورية السابقة.
المشاركة الأميركية في النقاش يبدو أنها أعطت الانطباع انه ما من تغير جوهري بالنسبة لإيران، أو على الأقل يجب عدم توقع تغير جوهري خلال العام الأول من رئاسة اوباما. وبالتالي فإن الضغط سيتواصل على إيران في ظل التوافق الأوروبي الأميركي.
الأمر الأخر، الذي كانت الوزيرة حريصة على إيصاله، يتعلق بمزيد من التعاون الإقليمي لمواجهة القلق من النفوذ الإيراني، ويبدو أن هذا التعاون يجب أن يشمل إسرائيل بالضرورة. فكأن الرسالة تقول لمواجهة إيران فإن على الدول الإقليمية القلقة من إيران العمل مع إسرائيل، ما يتعلق بإيجاد صيغ تسوية، فيما يتعلق بالملف الفلسطيني- الإسرائيلي، باعتبار أن هذا الملف هو البوابة التي تدخل منها إيران للإقليم، وفي نفس الوقت المطلوب ربما مزيد من التعاون من العراق حتى يتم إغلاق النوافذ التي تستفيد منها إيران للتغلغل في المنطقة.
الرسالة الأميركية التي تُحمِّل الدول الإقليمية الدور الأكبر لمواجهة النفوذ الإيراني تتجاهل أن الضغط الحقيقي يجب أن يتوجه على دول مؤثرة أكثر في التعامل مع إيران كالصين وروسيا التي تعتبر مواقفها المعارضة للنهج السياسي الأميركي اكبر داعم غير مباشر للمواقف الإيرانية،
ربما يكون من الحكمة حل الإشكالات السياسية مع تلك الدول قبل زيادة الضغط على الدول الإقليمية التي سيبقى دورها محدودا في مواجهة إيران، بالنظر إلى حالة العجز الدولية في التعامل مع إيران.
إن تحميل الدول الإقليمية المسؤولية الكبرى في مواجهة النفوذ الإيراني لن يزيد إلا من حالة الانقسام الإقليمي التي ينتفع منها بالأساس اللاعبون الخارجون، فيما يدفع ثمن ذلك الانقسام الدول الإقليمية.
المطلوب قدر من التوازن بين ما يمكن أن يقوم المجتمع الدولي وبين ما يمكن إن يقوم به اللاعبون الإقليميون، لان تحميل الدول الإقليمية تبعات فشل المجتمع الدولي إضافة إلى انه غير منصف، فهو يزيد من أعبائها السياسية والاقتصادية التي هي بالأساس كثيرة.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة تصنيف محجوب الزويري جريدة الغد