غادرتَ حوضَ المنايا إذْ شَربتَ بِهِ عذْبَ المذاق كذوب الشَّهْد بالبَردِ
وإن فَضْلة َ كأسٍ أنتَ مُفْضِلُها لَذاتُ بَرْدٍ على الأحشاء والكَبدِ
ما متَّ بل مات أهلُ الأرض كلُّهمُ إذ بنتَ منهم وكنت الروح في الجسدِ
فأنت أولى وإن أصبحت في جَدَثٍ بأن تُعَزَّى بأهل الوعث والجُدُدِ
كم من مصائبَ كان لدهرُ أخْلَقَها أضحى بك النَّاسُ في أثوابها الجُدُد
من بين باكٍ له عينٌ تساعده وبين آخر مَطويٍّ على كمدِ
فَعَبْرَة ٌ في حُدُور لا رُقُوء لها وزفرة ٌ تملأ الأحشاء في صَعَدِ
سوَّيْتَ في الحُزن بين العالمينَ كما سوَّيْتَ بينهُم في العيشة الرَّغَدِ
بثَثْتَ شَجْوَكَ فيهم إذ فُقدْتَ كما بثثت رفْدَكَ فيهم غَيْرَ مُفْتَقَدِ
عَدْلاً حياة وموت منك لو وُزِنا هذا بذاك لم يَنْقُصْ ولم يَزدِ
قدْ كنتَ أنْسَيْتَهُمْ أن يذْكُروا حَزَناً فَاليوم ينسون ذكرَ الصبر والجلدِ
نَكَأتَ منهم كُلُوماً كان يَكلِمُها رَيْبُ الزمان فتأسوها بخَيْرِ يَدِ
عجبت للأرض لم تَرجُفْ جوانبها وللجبال الرَّواسي كيفَ لمْ تَمدِ
عجبتُ للشمس لم تُكسفْ لمهلِكِهِ وهو الضِّياء الذي لولاه لم تقدِ
هَلاَّ وَفَتْ كوفاء البدر فادَّرَعَتْ ثوبَ الكُسُوف فلم تُشْرقْ على بلدِ
لا ظُلْمَ لَوْ شاهدَتْ من حال مَصْرَعه ما شاهدَ البدرُ لم تشرق ولم تكَدِ
عنوان القصيدة: إن المنِيَّة َ لا تبقي على أحدِ2
بقلم ابن الرومي
المراجع
poetsgate.com
التصانيف
قصص روايات فنون شعر شعراء روايات وكتب ادبية الآداب