ايران لن تكون معنية بتبني موقف مما يحدث لمسلمي اقليم شنغيانغ  فالحاجة الى الصين ضرورية لمواجهة التحالفات الغربية
مايحدث في اقليم شنغيانغ ذي الغالبية المسلمة في الصين اثار ويثير ردود فعل بعض الدول العالم ومنها المسلمة. الرد الذي جاء واضحاً من العالم الاسلامي  كان الموقف التركي على لسان وزير الخارجية احمد داوود اوغلو الذي عرض على الصين المساعدة في حل هذه الازمة. موقف تركيا بدا دقيقاً ومتجنباً للتصعيد مع بيجين التي ترى شأنها شأن اي دولة ان ما يحدث شأن داخلي.
التطور اللافت فيما يتعلق بمواقف الدول هو الصمت الايراني إزاء ما يحدث هناك. ويطرح التساؤل من قبل المراقبين في سياق سياسة ايران التي تركز على دعم المستضعفين من المسلمين في العالم، فلماذا تختار طهران الصمت؟ ان محاولة فهم موقف ايران في ظل حضور الخبر الايراني في الفضاء الاعلامي تبدو عملية شائكة، لا سيما مع التركيز المتزايد على التطورات الداخلية وتبعاتها. رغم كل ذلك فثمة مجموعة من  الابعاد والجزئيات التي اذا ما وضعت الى جانب بعضها بعضا فانها قد تساعد في فهم أسباب تأخر الموقف الايراني.
البعد الاول يتعلق بالبيت الداخلي الايراني، فالتطورات الاخيرة التي تلت الانتخابات الرئاسية العاشرة كانت مفاجئة للنخبة السياسية، وكذلك طبيعة ردود الافعال التي ظهرت من قبل التيارات السياسية، الامر الذي يبدو انه فتح  حوارات داخلية حول التعامل مع تبعات الازمة. الحديث ربما يجري عن ترميم وتجاوز ما حدث، لكن الازمة أنه كلما بدأ الحديث في هذا السياق ظهرت اصوات داخلية تشكك في شرعية حكومة الرئيس احمدي نجاد المقبلة. استمرار الجدل حول تبعات الانتخابات رغم كل الجهد الامني الذي بذلته الدولة الايرانية يبدو انه ما يزال مستمراً، ما يدفع  لاستمرار المحاولات  لاحتواء نهائي للازمة.
 البعد الثاني يتعلق بعودة الحديث عن خيار المواجهة العسكرية مع ايران لاحتواء برنامجها النووي. هذا الحديث الذي جاءت بعض جزئياته على لسان نائب الرئيس الاميركي جون بايدن والتي فهم منها ان واشنطن أعطت الضوء الاخضر لاسرائيل للتعامل عسكريا مع المنشآت النووية الايرانية، الامر الذي نفاه الرئيس الاميركي باراك اوباما. ثم تزايد الحديث مع تراجع حدة المواقف الاوروبية نحو طهران والتي يمكن فهمها على انها محاولة اوروبية لقطع الطريق على اسرائيل لتوظيف ذلك الغضب الاوروبي وتبرير القيام بعمل عسكري ضد ايران. ان الموقف الذي اعلنه الرئيس ساركوزي  باعتباره أن "أيّ حرب على ايران  ستكون كارثة على العالم بأكمله" انما يعكس طبيعة الحوارات التي أجرتها مجموعة الثماني في روما. ان الفرصة التي اعطيت لايران حتى أيلول (سبتمبر) 2009 لبدء مفاوضات جادة حول برنامجها النووي انما تأتي محاولة لتجاوز تبعات الانتخابات الايرانية والتعامل مع الامر الواقع لكن ذلك في  الوقت ذاته يبدو ضرورياً، لانه حتى ذلك الوقت سيتضح الكثير حول حكومة الرئيس احمدي نجاد الجديدة واتجاهات سياستها الخارجية. ايران في هذا السياق تريد ان تضمن ان الموقفين الروسي والصيني التقليديين لن يتغيرا  لضمان تعطيل اي جهد اوروبي واميركي لفرض عقوبات جديدة عليها.
ايران ربما لن تكون معنية بتبني موقف مما يحدث لمسلمي اقليم شنغيانغ  في هذه المرحلة. فالحاجة الى الصين في المرحلة المقبلة ضرورية لمواجهة التحالفات الغربية التي تبقى بالنسبة الى طهران تحدياً حقيقياً. طهران  ربما تكون معنية في هذه المرحلة الانتقالية بين فترتي رئاسة محمود احمدي نجاد بالتركيز على عدم فتح اي جبهات جديدة في علاقاتها الخارجية. لا سيما أن تبعات الانتخابات نفسها أصبحت تحدياً للسياسة الخارجية الايرانية في المرحلة المقبلة.
تغيرت اولويات الولايات المتحدة بعد احداث سبتمبر 2001، فجعلت اولويتها تحقيق الامن الوطني، وفي طريقها لتحقيق ذلك تجاوزت، باعتراف منظمات حقوق الانسان، على بعض حقوق الانسان المسلم بها. حدث الامر في اوروبا واجزاء من العالم تحت مبرر ما سمي بـ"الحرب على الارهاب". ان اولويات الدول تتغير وقد  تغفل او تضع جانبا ولو الى حين جانبا مما كانت تؤمن انه اولويات كبرى. تلك هي طبيعة السياسية وعلاقات الدول في عالم الامس واليوم وبالتأكيد لن تتغير كثيراً في المستقبل.  ويبقى السوال؛ هل مسلمو البوسنة وفلسطين غير مسلمي الصين ام أن الاولويات الايرانية تتغير؟

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  تصنيف محجوب الزويري   جريدة الغد