في حديث جلالة الملك الى النواب والاعيان والحكومة قبل اسبوعين أشار إلى قضية تتعلق بمنهجية تفكير السادة النواب, وتتعلق بالطلب الذي تحدث به الملك امام المجلس في بداية عمله عن ضرورة ان يتقدم النائب الى الديوان الملكي باقتراحات لمشاريع تنموية تناسب قريته او بلدته او محافظته بحيث يمكن من خلالها ايجاد نوع من التنمية وفرص العمل ولو القليلة, وأبدى الملك في حينه استعداده لتوفير التمويل لكل فكرة قادرة على العمل, وفي اللقاء الاخير وجه نقدا منهجيا اشار فيه الى انه لم يصله اي مبادرة او اقتراح او مشروع الا من عدد قليل جدا من السادة النواب.
هذه الطريقة في التفكير ليست مقتصرة على النواب فقط، بل على العديد من طبقات صنع القرار في القطاع العام, وحتى ما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني, ونحن هنا نتحدث عمن يتعب عقله وتفكيره في بناء اقتراح والسعي لتحقيقه في دائرته الانتخابية أو محافظته, وحتى الحكومات فقد ساهم بعضها في تعزيز طريقة (الوجبة السريعة), فاخترعت مع النواب قصة المبالغ التي تم توزيعها على اكثر من دفعة بحيث يقدم النائب من يعتقد انهم محتاجون على شكل قوائم, وينقل اليهم المعونات بشكل غير مؤسسي, ما اثار احتجاجات, والأهم أنه قفز عن مؤسسات أوجدتها الدولة لهذه الغايات, ولهذا فقدت الحكومة والنواب الأمر الأسهل في توزيع المعونات المالية بدلا من التفكير المشترك في بناء حالة تنمية, علما بأن ما تم توزيعه مبلغ كبير وربما وصل إلى خانة الملايين.
وحتى فكرة زيادة الأموال المقترحة إلى صندوق المعونة الوطنية وتوسيع قاعدة الأردنيين الذين يحصلون على المساعدات حتى وصلت إلى حوالي (80) ألف أسرة, فهذه الفكرة هي الخيار الأسهل الذي تبنته الحكومات, فالصندوق قد يصلح لحل مشكلة عائلات وأفراد فقدوا القدرة على العمل, لكن لغياب المبادرة واللجوء إلى الحل الأسهل كانت الحكومات عاما بعد عام تزيد موازنة الصندوق وهي تعتقد أنها تحل مشكلة الفقر, مع أن ما تفعله ليس أكثر من مساعدة للفقراء.
لا فرق بين حكومات تلجأ للحلول الشكلية والسريعة والسهلة, وما مارسه النواب من لجوء لتعيين مراسل أو حارس مدرسة أو توزيع مغلف والهروب من التفكير الذي ينتج بدائل وحلولا ولوعلى مستوى قرية أو محافظة, فكل هذا يعبر عن عقلية ونهج في التفكير والعمل, وربما نمارسه حتى في إدارتنا لبيوتنا وحتى تصليح أحدنا لسيارته.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة صحافة جريدة الغد سميح المعايطة