ماذا عن قططنا؟؟ 

أضحكتني الصورة التي نشرتها مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية، قبل أيام لكلب أليف، ينبح غاضباً في وجه قوات مكافحة الشغب، التي تعاملت مع العنف الذي اندلع في شوارع اليونان. الكلب خرج مع أهله لرفض سياسة التقشف، التي تنوي الحكومة انتهاجها. فلا محالة أن مصيره سيكون النوم في حاويات القمامة، ومعاركة القطط على جلدة دجاجة لو طبقت سياسة التقشف. فهل ستخرج كلاب عمان ذات السلاسل الذهبية، في مظاهرة نابحة، لو لوحت حكومتنا بمثل تلك السياسات التقشفية؟.

لا أعتقد أن الشعب اليوناني، الذي يستهلك الفرد منه أكثر من 26 لتراً من زيت الزيتون سنوياً قادرٌ على أن يتقشف، أو يشد أحزمته. حتى لو كانت بلدهم على جرف الانهيار، ليس لأن الاتحاد الأوروبي مدهم وسيمدهم بالدعم، بل لأنهم تعودوا البذخ، وحمامات زيت الزيتون، ونوم القيلولة الطويل. أنهم لم يتداركوا أزمتهم منذ جرثومتها الأولى، فدبت الغرغارينا في اقتصادهم.

مولات عمان أعلنت أنها لن ترفع أسعارها في رمضان. وهذه دعاية كبرى، لم يدفعوا ثمنها للصحف. فالمولات تعلم أن خبراً صغيراً مثل هذا، سيفاقم جرأتنا لمزيد من (الشره الإستهلاكي) الذي ينتابنا على عتبات كل شهر فضيل، ما يعني زيادة أرباحهم، أكثر مما لو رفعوا الأسعار. فهم يعلمون أننا نمارس عملية إرخاء أحزمة، وكأننا سنواجه شهراً يفرض علينا عشرة وجبات متخمة يومياً، ويفرض أن نربرب قطط الحاويات.

ما قعد أردنيان اثنان، إلا كانت الشكوى ثالثهما، عن حمى الأسعار ورحمة التجار. ونسى أن الأمر بيدنا، وأننا نستطيع أن نرخص أي شيء مهما كان باهض الثمن، لو أن قلوبنا على بعضنا، ولو امتلكنا قليل الحكمة. وأية حكمة تجعل موظفاً يأخذ قرضاً بنكياً لأجل رمضان؟. هذا شهر تقشفٍ في أوقاته وطعامه وشرابه، فماذا نرخي أحزمتنا ونجعله بؤرة استهلاك باذخ لا يرضي وجه الله. ربما علينا كعائلات أن نعقلن نفقاتنا ونتلمس المعنى الحقيقي لشهر الرحمة.

اليونان وصلت لحالتها الخطرة؛ لأنها اتبعت سياسة (ترحيل الأزمات)، كانت ترحل حلول مشاكلها الاقتصادية إلى المستقبل، وتؤجل في القرارات الجرئية، كانت تسوف وتتراخى، حتى تعود مواطنها على استهلاك تنكتي زيت سنوياً. وعندما جاء المستقبل، واجهوا إستحقاقه. فهل نتعلم؟.

 بقلم رمزي الغزوي


المراجع

addustour.com

التصانيف

صحافة   رمزي الغزوي   جريدة الدستور   العلوم الاجتماعية