أزمة ما بعد الانتخابات ما تزال تلقي بظلالها على المشهد السياسي الإيراني الداخلي، وهي ظلال لا يبدو أنها في طريقها للزوال.
بالرغم من مرور الحكومة الإيرانية الجديدة من مخاض التشكيل بأقل الخسائر، وبالرغم كذلك من أن المجتمع الدولي أبدى استعداده لبدء مفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني في مطلع شهر تشرين الأول المقبل، إلا أن أزمة ما بعد الانتخابات ما تزال تلقي بظلالها على المشهد السياسي الإيراني الداخلي، وهي ظلال لا يبدو أنها في طريقها للزوال في على المدى القريب.
مثل ذلك الاستنتاج تدعمه جملة من التطورات التي حدثت خلال الأسابيع القليلة الماضية:
التطور الأول؛ هو تزايد الدعوات لمحاسبة قيادات القوى الإصلاحية وإلقاء القبض عليها. مطالبة جاءت في خطبة الجمعة الماضية، لكن سبقتها مطالبة من قبل قيادات في الحرس الثورة.
القيادات المطالب باعتقالها هي المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية العاشرة مير حسين موسوي ومهدي كروبي والرئيس الأسبق محمد خاتمي. هذا التطور ارتبط باستمرار بمطالبة هذه الشخصيات بوقف الإجراءات التي تتخذها السلطة القضائية ضد القيادات الإصلاحية، وإيقاف مسلسل المحاكمات التي تراها تلك القيادات مفبركة وغير منصفة، وأن الهدف منها هو حذف قوى التيار الإصلاحي من المعادلة السياسية الداخلية الإيرانية.
التطور الثاني؛ مرتبط بالحملة التي طالت شخصيات حول القيادات الإصلاحية ومنها مستشار مير حسين موسوي الدكتور علي رضا بهشتي احد أبناء آية الله بهشتى القيادي البارز الذي اغتيل في أوائل عهد الثورة.
آية الله بهشتي كان احد قيادات حزب الجمهورية الإسلامية، كما شغل منصب رئيس للسلطة القضائية في أوائل عصر الجمهورية الإسلامية.
اعتقال الدكتور بهشتى رغم انه لم يدم إلا حوالي أسبوع، كان يحمل رسالة سياسية بأن موسوي نفسه قد يكون الهدف المقبل. في السياق نفسه جرت مهاجمة مكتب مهدي كروبي ومصادرة مستندات ووثائق، كما اعتقل أفراد يعملون في الموقع الالكتروني التابع له.
اللافت للانتباه في هذا التطور، هو الزيارة التي قام بها حسن الخميني لبهشتي الابن والتي فسرت على أنها نوع من المساندة لقوى التيار الإصلاحي.
وقد جاءت هذه الزيارة مع زيارة أخرى قام به ياسر الخميني الأخ الآخر لحسن الخميني إلى منزل عائلة جلالي بور، الذي أفرج عنه أيضا بعد أن اعتقل على خلفية الاعتراضات على نتيجة الانتخابات الرئاسية.
لقد أثارت زيارة أفراد من عائلة الخميني إلى شخصيات محسوبة على القوى الإصلاحية موجة نقد بين القوى المحافظة التي اعتبرت "أن دعاة الفتنة تسللوا إلى بيت الخميني"، إشارة تعكس درجة التوتر والانقسام بين قوى التيار المحافظ والإصلاحي.
التطور الثالث؛ مرتبط بالشكوى التي تقدم بها مكتب رئيس الجمهورية أحمدي نجاد إلى المحكمة الخاصة برجال الدين ضد آية الله صانعي.
الشكوى التي لم تتضح تفاصيلها بعد تبدو مرتبطة بانتقادات حادة وجهها المرجع صانعي للإجراءات التي اتخذت سواء الاعتقالات او المحاكمات العلنية، كما ان صانعي استجاب لمطالبات موسوي وخاتمي بالتدخل لوقف ما يجري.
صانعي يبدو انه جرى تصنيفه كمرجعية منحازة للإصلاحيين، كما هو الحال بالنسبة إلى آية الله منتظري الذي طالب هو بدوره المرجعيات الدينية بالتدخل وإظهار موقف حازم مما جرى بعد الانتخابات الرئاسية.
تعالي الأصوات المطالبة بدور للمرجعية الدينية الشيعية لها دلالاتها، ولعل ذلك لم يقف عند هذا الحد، بل ان هناك تقارير تتحدث عن لقاءات ثنائية بين مرجعيات مختلفة داخل إيران وخارجها تتدارس ما يجري في إيران وتأثيره على مستقبل الشيعة ككل في منطقة الشرق الأوسط.
إن ما يجري في إيران منذ حوالي تسعين يوما يطرح سؤالا حول ما يمكن ان تفضي إليه التطورات السابقة وغيرها الذي يحدث –ربما- كل يوم؟ وهل صحيح أن ما يحدث هو ثورة داخل الثورة؟
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة تصنيف محجوب الزويري جريدة الغد