سياسة رفع الدعم والترشيد يجب ان تصل الى اسوار الحكومة وتفاصيلها, ولهذا فإن الضرورة تقتضي اعادة النظر بأهمية ووظائف بعض الوزارات في الحكومة التي تمثل عبئا اداريا وماليا على الحكومة, ويفترض ان يشملها رفع الدعم.
فهناك اختراع مارسته حكومات عديدة واستغنت عنه حكومات وهو وزارة التنمية الادارية التي اصبحت الآن وزارة تطوير القطاع العام, وعمليا وزيرها وزير دولة, والطاقم مجموعة من الموظفين وعلاقات مع شركات دراسات, ولعل تقييما موضوعيا يظهر أنها تعتمد على اجتهاد الوزير وخبرته، اما عملها فهو متداخل مع ديوان الخدمة المدنية.
وحتى فكرة التطوير فما تم حتى الآن شكلي او ضمن اجراءات لا تحتاج الى وزارة ووزير, وهذه الوزارة غير الفاعلة اثبتت جدارتها عبر مسيرة نظام الخدمة المدنية الذي مضى عليه (3) سنوات تقريبا, وحتى الآن لم يتم الانتهاء منه, والمفارقة ان وضع النظام احتاج الى مبالغ دفعت لمكاتب وشركات خاصة إلا إنه لم يقدم في مسودته حلولا حقيقية لمشكلات فئات عديدة من الموظفين.
تطوير القطاع العام شعار تحول الى وزارة لكنه لم يكن قادرا على ضبط حركة الحكومة في تعيينات المواقع الكبرى والتي بقيت خاضعة لمقاييس غير مفهومة, لكن دور هذه الوزارة يبدو محصورا في الاعلان عن امتحان تنافسي للمرشحين لوظيفة صغيرة, او طباعة كتيب عن اجراءات المعاملات في بعض الوزارات. لقد أصبح تطوير القطاع العام واحد من القصص غير المفهومة والتي لم تسجل انجازا, بل ان ديوان الخدمة بعراقته وعمله ضمن امكاناته المحدودة اكثر حضورا في بعض القضايا, ولهذا لم يجد بعض وزراء التطوير عملا لهم سوى الحديث عن الغاء الديوان!
التطوير ليس ندوات ودراسات بل اعطاء الموظف حقه وانصافه ماليا واداريا ومكافآة صاحب الانجاز. حتى إذا اراد البعض هذا الشعار لاستقبال منح ومساعدات وقروض فليكن، لكن ليس من خلال اختراع وزارات ووزراء.
ولدينا ايضا موقع وزير الدولة الذي يزيد عدده وينقص حسب حاجة الحكومات الى استرضاء فئات, وهو موقع لا عمل له, لكنه انفاق مالي واداري دون مبرر, فالوزير يبحث عن مكتب في الرئاسة ثم ينتظر ان يطلب منه الرئيس عملا مثل التوقيع على المعالجات الطبية, واحيانا رئاسة مجلس ادارة المؤسسة التعاونية وذلك ليحسن دخله ويحصل على مكافأة مالية بدل هذا الموقع, انه موقع بلا عمل محدد, ولهذا فالترشيد في الانفاق والمواقع يفترض ان يشمل هذا الموقع ايضا.
ومن الاختراعات الجديدة وزارة الدولة لمراقبة الاداء الحكومي, وهي وزارة يتولاها وزير دولة وليس لهذا الموقع اي دلالة, فليس معقولا ان يتولى وزير ومعه عدد من الموظفين مراقبة اداء الحكومة بل وزاراتها ومؤسساتها وبرامجها وخططها, انه موقع بلا تشخيص او وصف واضح لعمله, وحتى لو توفر اجتهاد حول هذا فإن المراقبة عملية متكاملة تحتاج الى آليات وكوادر وتحديد لما سوف يخضع للمراقبة الاداء الاداري ام المالي, وما هي سلطة الوزير على الوزارات او حتى على المديرين.
 باختصار انها مواقع وزارية غير واضحة المعالم, واذا كان لدى الحكومة قناعة بكفاءة اي شخص فلتعطه حقيبة حقيقية دون الحاجة الى وزارات غير فاعلة. ونذكّر الحكومة بضرورة متابعة ملف المستشارين الذين لا عمل لهم, او لا توكل لهم الحكومة عملا محددا, او اولئك الذين تم تعيينهم مستشارين لوزراء فإما ان يتم استغلال قدرات هؤلاء الموظفين برواتب عالية ومنهم اهل العقود, او ان يكون هناك عمل آخر.
مطلوب من الحكومة ان ترفع الدعم عن كل موقع او وظيفة لا ضرورة لها, فإذا كانت (توفر) عبر عدم زيادة رواتب عمال المياومة, فإن الاولى ان يتم التوفير في المواقع ذات الانفاق الكبير والعالي.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة