مرة بعد اخرى تستحق امورنا الاجتماعية والاقتصادية تأكيداً على امور وقضايا ومبادرات تخفف معاناة العائلات الاردنية الفقيرة. والمعاناة ليست حكراً على رواد صندوق المعونة الوطنية, بل مرتبطة بقدرة الدخل والراتب على تأمين حياة كريمة.
واحياناً لا تكون المبادرات لرفع المعاناة فقط بل لاشاعة حالة ايجابية وتقديم العون, او رسالة من صاحب القرار الى الناس بأنه يتفهم معاناتهم ويقدر ظروفهم, تماماً مثل المكرمة الملكية بتوزيع (50) ديناراً لكل العاملين والمتقاعدين في الدولة وابناء الشهداء والمستفيدين من صندوق المعونة الوطنية؛ فالخمسون ديناراً ليست نقلة نوعية في مستوى المعيشة لكنها رسالة ومحاولة للعون في موسم رمضان والاعياد.
وعلى نفس نهج المبادرات فقد جاءت المبادرة الملكية قبل ايام بتوزيع (850) الف جاكيت شتوي على كل طلبة وطالبات مدارس المملكة الحكومية من الصف الاول وحتى السادس الابتدائي, وهي معونة ذات طابع موسمي، أي تأتي مع بداية فصل الشتاء حيث حاجة الاطفال من اولاد وبنات الى شراء هذه الجاكيتات. ومرة اخرى فالعبرة ليست في هذه القطعة من الملابس بل في محاولة زرع (850) الف ابتسامة على شفاه اطفال الاردن, وربما يكون لها بعد اخر, فهذه المئات من الآلاف ستعتاد حمل العلم الاردني على صدرها, وان تكون علاقة اكثر قوة بين الطفل ورمز بلاده, فهذه الوسائل اكثر جدوى من التلقين, وربما تعالج نسبياً مشكلة بعض فئات الكبار مع رموز الدولة وعلمها حيث يحتاج رفع العلم على مبنى حزب الى قرار من الداخلية او تعميم مكتوب, وينشغل الحزب المستهدف بالبحث عن (خياط) لتفصيل علم بحيث لا يكون حجمه كبيراً لكنه يكفي لتنفيذ التعميم.
وما دمنا مع المبادرات الملكية من طرود غذائية وملابس تدخل كل بيت اردني, فإننا نتمنى ان نصل الى مرحلة تكون فيها مثل هذه الهدايا قريبة من عامة الناس, فخلال مراحل عديدة كان (المسعدين) واصحاب الحظوة هم حملة الهدايا الفاخرة من ساعات لهم ولزوجاتهم, او عبر السيارات الفاخرة والاعفاءات الجمركية او غيرها من الهدايا, اما ان تكون عطايا الملك لكل الناس وبشكل يساعدهم على مواجهة متطلبات الحياة فهذا امر كريم وخطوات تستحق التعزيز, تماماً مثلما اعتاد الاردنيون من المحرومين ان يتوجهوا الى الملك يطلبون قراراً بالعلاج او الدراسة، فمثل هذه الامور الكريمة تصنع ارتباطاً محموداً في بناء الدولة.
وما دمنا في شهر رمضان وبركاته, فإن فكرة الحملات الموجهة تستحق ان تكون على اجندة مؤسسات الخير والعمل الاجتماعي, فحملة الجاكيتات التي وصلت الى (850) الف طفل اردني يمكن ان نرى مثلها من القطاع الخاص او العام او بالشراكة حملة لتأمين صوبة الشتاء للأسر الفقيرة, وربما اذا تحدثنا بأفق اكبر فإننا نتمنى ان نصل الى حملة تأمين المسكن والبيت للأسر الفقيرة في المناطق المحتاجة، وذلك تعزيزا لمبادرة ملكية قدمت عشرات البيوت للفقراء وبتكلفة عادية لكل مسكن قد لا تتجاوز ستة الاف دينار.
العمل الخيري ما زال يحتاج الى مظلة وطنية تجمع كل الملايين والجهود التي يتم انفاقها لتكون اكثر توجيهاً وتأثيراً في حياة الناس المحتاجين لكل خير.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة